
أطلق ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة "#وينهم" تطالب الحكومة ورئيسها مصطفى الكاظمي بالكشف عن مصير المختفين قسرا، والمقدر عددهم بالآلاف من الذين كانوا قد اختفوا خلال العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية بين عامي 2014 و2017.
وخلال ساعات من إطلاقها حققت الحملة أكثر من ثلاثين ألف تغريدة، وذلك لتسليط مزيد من الضغط على البرلمان والحكومة التي كان قد وعد رئيسها الكاظمي في برنامجه الحكومي بالكشف عن مصيرهم.
جزء من محضر اللجنة المكلفة بالتحقيق في احداث المختفين قسرياً في السجر والصقلاوية ويبين هذا المحضر المختفين بالارقام ،
— كتاب الميزان (@ketab_almezan) May 30, 2020
على السيد رئيس الوزراء @MAKadhimi تفعيل هذه اللجان والتعامل مع نتائجها بجدية وواقعية
ولدنا #وينهم pic.twitter.com/0kX3E0VpNg
أرقام متباينة
أحد منظمي الحملة الناشط "كتاب الميزان أكد أن الحملة ليست الأولى لكنها قد تكون الأقوى التي يُطالَب فيها بالكشف عن آلاف المفقودين من الذين اختفوا خلال العمليات العسكرية في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة.
خلاصنا جماعي من جحيم العنف والاقصاء والاخفاء القسري والاعتقال والعقوبات التعسفية والمجازر وغيرها من دوامات العنف التي مارستها السلطة بحقنا كشعب.
— nooraqaissi (@nooraqaissi) May 30, 2020
اذا ما نسأل عن اخوتنا اليوم #وينهم باجر مراح نلكي احد يسال علينا.
وطالب الميزان الحكومة بكشف مصيرهم، مبينا أن على الحكومة تقديم المذنبين منهم للقضاء إن كانوا أحياء، أو تسليم جثثهم في حال وفاتهم ومقاضاة قاتليهم، مؤكدا أن الحملة انطلقت بعد تولي الكاظمي سدة رئاسة الحكومة وتذكيره بتعهداته بحل هذه القضية، خاصة أنه كان يترأس جهاز المخابرات العراقية.
وعن أعداد المختفين، يعلق الميزان بأن التقديرات تشير إلى ما بين 20 و25 ألفا، كانوا قد اختطفوا على يد مسلحين يرتدون زي القوات الأمنية بمناطق عديدة في الصقلاوية وبزيبز والرزازة بمحافظة الأنبار (غربي البلاد)، إضافة إلى محافظتي صلاح الدين ونينوى (شمال).
من جهتها، كشفت النائبة في البرلمان العراقي إخلاص الدليمي عن أن هناك تسويفا كبيرا وحقيقيا في ملف المختفين، مبينة أن أصحاب القرار يتعاملون بحذر كبير في هذا الملف، وأن أعداد المختفين من المناطق التي استعادها الجيش من تنظيم الدولة يقدر بـ 28 ألفا، ضمنهم الذين فقدوا خلال فترة سيطرة التنظيم.
وتضيف الدليمي التي تعد واحدة من ذوي المختفين وفقدت نحو ثلاثين فردا من عائلتها بمن فيهم والدها، أن أعداد مَن فقدوا خلال سيطرة التنظيم على نينوى يقدر بنحو ثلاثة آلاف شخص لا يزال مصيرهم مجهولا ولم يعثر عليهم أو على جثثهم حتى الآن.
وتعتقد الدليمي أن هذا الملف بات يستخدم سياسيا قبيل كل عملية انتخابية وفي أثنائها، كدعاية انتخابية لا غير.
وكان المرصد العراقي لحقوق الإنسان قد كشف العام الماضي عن نحو 25 ألف شخص مختف قسرا أو مفقود في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، منتقدا بطء إجراءات الحكومة في تحديد مصيرهم، فيما أشار إلى أن تنظيم الدولة وجهات مسلحة أخرى يتحملان المسؤولية.
ملف شائك
هو ملف شائك ومعلق منذ سنوات، لكن رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي شدد منذ بداية تكليفه على ضرورة إيجاد حل لمشكلة المختطفين والمختفين، فضلا عن أمره بتشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية لتقصي الحقائق حول وجود سجون حكومية سرية يحتجز فيها المتظاهرون وغيرهم، والإذن لهذه اللجنة بالدخول إلى أي مؤسسة يشتبه بوجود سجن سري داخلها.
مخاطباً ضباط وزارة الداخلية ... رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi : لا تخشوا من أي جهة تدعي الانتماء السياسي، تحركوا ضد عصابات الخطف والجريمة المنظمة، وابذلوا المزيد من الجهد للحد من انتشار المخدرات، فضلاً عن محاربة الفساد والترهل والتدخلات السياسية. pic.twitter.com/cuaSHQY4rs
— المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء ???????? (@IraqiPMO) May 17, 2020
ويعتقد النائب في البرلمان العراقي عن كتلة (الفتح) حنين القدو أن حملة "وينهم" فضلت فئة على أخرى، وكان يجب أن تشمل جميع المختفين قسرا في العراق، إذ إن هناك المئات ممن اختطفوا وفقدوا في تلعفر وسنجار وبادوش وسبايكر وعلى طريق بغداد ومن مكونات أخرى، ولم تذكرهم الحملة.
وعلى الرغم من وعود الكاظمي بحسم الملف، فإن القدو يرى أن صعوبة كبيرة تعترض حسم ملف المختفين بصورة عامة، معتقدا أن غالبية من اختطفوا ومن جميع المكونات قد قتلوا أو تمت تصفيتهم، وبالتالي فالإجراءات الحكومية معقدة وصعبة، بحسبه.
من جانبه، يشير الخبير الأمني معن الجبوري إلى أن التغييب يترتب عليه العديد من القضايا لذوي المفقودين بين محاكمة من كان على قيد الحياة أو حسم ملفاتهم وتعويض ذوي المتوفين منهم ومحاسبة الجناة، إذ إن حال المختفين لا يزال معلقا بين الحياة والموت، معتقدا أن الكاظمي سيواجه صعوبات كبيرة في هذا الملف، أمنية وسياسية.
على الجانب الآخر، يرى الخبير في الجماعات المتشددة فاضل أبو رغيف أن العمليات العسكرية التي شهدها العراق تجعل من الصعوبة بمكان تحديد الجهة التي اختطفت المختفين، مؤكدا أن جميع الجهات الحكومية لا تملك إجابات شافية لحسم الملف.
ويعلق أبو رغيف، "المغيبون (المختفون) ليسوا من السنة فحسب، إذ إن هناك العشرات من المكونات الأخرى ممن فقدوا قبل عام 2014 وبعده على الطرق الواصلة بين المحافظات الشمالية ودفنوا كمجهولي هوية ولم تحسم قضاياهم حتى الآن، وبالتالي يمكن وصف الحال بأن الجميع يبحث عن الجميع"، بحسبه.
تفاعل كبير
ويعتقد الناشط والكاتب الصحفي من محافظة بابل عزيز الربيعي أن حملة "#وينهم" في المناطق التي كانت خاضعة لتنظيم الدولة انطلقت بعد سيل من الوعود الحكومية خلال الانتخابات وبعدها للكشف عن مصير المختفين والمفقودين، وأنها جاءت استكمالا للاحتجاجات التي شهدها العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتشكل مزيدا من الضغط على حكومة الكاظمي.
#وينهم؟ السؤال الذي سيضع الكاظمي أمام اختبار حقيقي ازاء جدية حكومته برعاية مصالح الناس والحفاظ على أمنهم وكرامتهم
— عزيز الربيعي | Aziz Alrubaye (@aziz_alrubaye) May 30, 2020
القدر في العراق ليس قدراً كما هي الأقدار
وعن إمكانية حسم الملف، يختتم الربيعي بأنه لا يمكن للكاظمي أن يضع نفسه في مواجهة الكتل السياسية التي تمتلك أجنحة مسلحة ولها أجندتها الخاصة.
أما الناشط علي التميمي فأكد أن وسم "#وينهم" كان يجب أن يكون شاملا لجميع المفقودين العراقيين ومن شتى المكونات، معتبرا أن المطالبات الفئوية تقوض من المطالبات ولا تحقق الأهداف وتسبب مزيدا من الشرخ المجتمعي، بحسبه.