تهديدات تواجه سياحة السفاري في جنوب أفريقيا

2020-05-12

أفريقيا عالم طبيعي مختلفبالوله (جنوب أفريقيا) – توقف السياح عن المجيء للمشاركة في رحلات سفاري في جنوب أفريقيا مع إعلان إغلاق الحدود منتصف مارس بسبب وباء كورونا، فوجد الدليل غيرت كروغر نفسه وحيدا وسط الخيام الفارغة للمرة الأولى منذ بدأ نشاطه هذا قبل 17 عاما.

يظهر الفيل فجأة على درب مغبرة ويمد خرطومه مستاء ليشم الدخلاء.

ويهمس الدليل وهو جالس ويداه على مقود سيارة رباعية الدفع “في حال تقدم نحو السيارة ومر بجانبها حافظوا على هدوئكم ولن يحصل لكم أي سوء”.

يقترب الفيل ويكاد يلامس السيارة لكنه يقتنع سريعا بأن وجودنا لا يشكل خطرا. فيلتف على نفسه ويغادر. ويقول غيرت كروغر مبتسما “إنه لأمر رائع. لا يمكن تخيل موقع أفضل ليكون المرء محجورا”.

وينظم الجنوب أفريقي (49 عاما) كروغر منذ 17 عاما رحلات للزبائن في الأدغال في محمية بالوله الخاصة بمحاذاة متنزه كروغر (شمال شرق) إلا أنه لم يمل بعد من سحر اللقاءات التي يجريها في البرية مع أسود وحيوانات وحيد القرن وغير ذلك. إلا أن وباء كورونا غير كل شيء.

فما إن أعلن الرئيس سيريل رامافوسا إغلاق الحدود في منتصف مارس، حتى غادر السياح المخيم على عجلة. وترك أمر العزل الذي اتخذ بعد أسبوعين، غيرت كروغر وحيدا في مخيمه.

ويوضح “لقد سبب فايروس كورونا صدمة كبيرة لنا نحن العاملين في قطاع السياحة. فهذا خبزنا اليومي. وقد اضطر الزبائن إلى توضيب حقائبهم والمغادرة في غضون يومين”.

وكان مخيمه محجوزا بالكامل في موسم العطلة الصيفية في نصف الكرة الشمالي.

العام الماضي، استقبل مع موظفيه الستة 700 من محبي رحلات السفاري. ويوضح “أما الآن فاضطررنا إلى إلغاء الكثير من الحجوزات لبقية العام الحالي وسنة 2021”.

وفي أيام قليلة خلت كل غرف المنطقة من نزلائها، وأقفلت متاجر التذكارات أبوابها وعادت السيارات رباعية الدفع المحملة بالأوروبيين والأميركيين إلى مرآبها.

الآن، وحدها آليات الدورية تجوب دروب المحمية الممتدة على 55 آلاف هكتار. وقد زادت وتيرتها لأن حماية الحيوانات تشكل أولوية مطلقة رغم الحجر.

ويؤكد مدير المحمية إيان نواك “لا يمكننا أن نخفض من مستوى الأمن. علينا أن نبذل قصارى جهدنا للمحافظة على الحياة البرية وبيئتها الحيوية التي تشكل أساس عملنا. ففي حال اختفى كل شيء لا يمكننا الانطلاق من جديد”.

حماية الحيوانات تشكل أولوية مطلقة رغم الحجر

ويوضح “لم نصرف أيا من العاملين لدينا وندفع لهم أجورهم. وبقي أغلب الحراس محجورين داخل المحمية للاستمرار في الحرب على الصيادين غير الشرعيين”.

ويشير إلى أن “التهديد المحدق بوحيد القرن لم يتغير (..) يجد المجرمون طريقة للتسلل دوما وتحتفظ قرون هذه الحيوانات بقيمتها في السوق. لذا سنستمر في النضال كما في السابق”.

والدليل على ذلك، فقد أعلنت الشرطة الوطنية مؤخرا توقيف ثلاثة أشخاص وبحجوزتهم ستة قرون وحيد قرن في محافظة مبومالانغا المجاورة.

ومع الحجر، ظهر تهديد آخر ناجم عن العصابات المستعدة لقتل الحيوانات لمد الطب التقليدي الآسيوي.

ويوضح مدير المحمية “هذا ما أسميه صيد لحوم الأدغال. هؤلاء الأشخاص خسروا عملهم بسبب الحجر وهم جائعون لذا فهم يصطادون ليأكلوا ولا يأبهون لحماية الطبيعة فهم يريدون الصمود”.

يقول الطبيب البيطري الحكومي في المنطقة كريستيان ستايمان، “من المؤكد أن الصيد الجائر يزيد، فالناس باتوا يصطادون بطريقة غير قانونية للحصول على اللحم. بعض المحميات تفضل توزيع اللحوم على السكان لكن بسبب قانون يفرض معايير معينة توقفت عن ذلك”.

ولمواجهة هذه التهديدات كلها يجد العشرات من الحراس في محمية بالوله أنفسهم أمام مهمة كبيرة. وتنظم عمليات تحليق منتظمة بالمروحيات فوق الأدغال ودوريات لوحدة تدخل خاصة مسلحة وتدقيق بالسياج المكهرب المحيط بالمحمية.

ويعكف جوان غيرتس في فندقه الذي يتسع لمئة شخص على التدقيق بحساباته السلبية. في غضون شهر، كلفته عمليات الإلغاء 6.5 ملايين راند (حوالي 315 ألف يورو) وهو ربع إيراداته السنوية. وهو يضطرب لفكرة أن يضطر قريبا إلى التخلي عن العاملين لديه.

ويوضح “لا أزال أدفع الأجور حتى وإن كنا مقفلين حتى 30 يونيو. لكن ما من شركة ستتمكن من الاحتفاظ بكل موظفيها لفترة طويلة. وعمليات الصرف لا مفر منها”.

وتؤكد شارون هوسمان رئيسة منطقة بالوله، “لن يكون من السهل الخروج من الأزمة. تم الحديث عن ستة إلى 12 شهرا لا بل 18 شهرا للعودة إلى مستوى الزوار قبل الأزمة”.

وتقول متنهدة “منع السفر هو عائق هائل”.

في انتظار السياح بعد العزل

في ظل الأشجار في مخيمه، لا يزال غيرت كروغر يؤمن بأن الحكومة لن تدعه يسقط.

يقول “أخشى أن نكون آخر من يستأنف نشاطه. ففي حال لم يعد الوضع إلى طبيعته في الأشهر الثلاثة المقبلة علي أن اتخذ قرارات”.

وهل يعني ذلك احتمال التخلي عن العيش في الهواء الطلق ومغادرة المحمية؟ يؤكد الدليل مبتسما “كلا هذا مستحيل. لا يمكنني أن أتصور القيام بشيء آخر”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي