واشنطن بوست: تنظيم داعش يستغل "كورونا" لتصعيد الهجمات في العراق

2020-05-10

يستغل تنظيم "داعش" في العراق الإجراءات الحكومية من حظر وإغلاق خشية تفشي فيروس كورنا لمضاعفة هجماته، إذ شهد الأسبوع الماضي عدة هجمات شملت العديد من المناطق في الشمال والغرب والشرق.

وأوضح تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أنه رغم أن تنظيم داعش أصبح أضعف مما كان عليه ولا يظهر أنه قادر على النهوض مجددا واستعادة نفوذه، فإنه يستغل الوضع الراهن لشن هجماته، وذلك نظرا لتقلّص عدد قوات الأمن العراقية في المناطق الريفية في أعقاب إرسال تعزيزات أمنية إلى المراكز الحضرية لضمان الإغلاق جراء الحظر الصحي.

وقد صرّح المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية اللواء تحسين الخفاجي بأن "فيروس كورونا يعدّ عاملا مهما. ونظرا لكون بعض الجنود خارج الخدمة الفعلية وتوقف بعض عملياتنا ضد التنظيم، فإنهم يستغلون الوضع لشن هجماتهم".

ونفذ مقاتلو التنظيم كمينا مساء السبت في موقع وحدة الشرطة الاتحادية التي كانت تتمركز عادة في مكان قريب، لكنها بدلا من ذلك باتت تتمركز في مكان آخر لفرض الإغلاق. وقد أسفر الهجوم الذي استهدف نقطة تفتيش في قرية مكيشيفة بمحافظة صلاح الدين (شمال بغداد) عن مقتل وجرح العشرات في صفوف الحشد العشائري.

وصرّح رجال الحشد بأنهم لا يملكون نظارات للرؤية الليلية ففوجئوا بهجوم مقاتلي التنظيم.

وأشار التقرير إلى أن هذا الاعتداء يعتبر الأكثر تعقيدا للتنظيم منذ أعوام، الذي شن عدة هجمات أسفرت عن العديد من المصابين. ومن جهتهم، قال مسؤولون أميركيون إن التصعيد الأخير في العنف من قبل التنظيم كان ردة فعل على عمليات قامت بها القوات العراقية ضده.

وقال الخفاجي إن فيروس كورونا تسبب لفترة وجيزة في تراجع وتيرة العمليات ضد التنظيم، مع أن الأمور قد تغيرت منذ ذلك الحين.

انسحاب أميركي

وتأتي هجمات التنظيم الأخيرة في وقت يسعى فيه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إلى سحب قواته من العراق. ويُذكر أن التحالف أغلق الشهر الماضي منشآته داخل قواعد في كركوك شمالي البلاد والقائم في الغرب ومقلع القيارة في الشمال.

وذكر خبراء أن التنظيم يستغل أيضا حالة الفراغ التي خلفتها قوات الأمن العراقية بسبب الحظر الصحي، والخلافات بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان وغياب التنسيق بينهما، مما أدى إلى خلق فرص للمسلحين في المناطق المتنازع عليها -لا سيما كركوك- حتى قبل ظهور فيروس كورونا.

ويخضع العراق منذ 15 مارس/آذار الماضي لقيود صارمة، حيث ساد الصمت في الشوارع وكانت الطرق المتفرعة فارغة تقريبًا. وبناء على ذلك، بدأ تنظيم الدولة في تبني المزيد من الهجمات.

من جهتها، وصفت الباحثة حول أنشطة تنظيم الدولة مارا ريفكين من مركز الأمن القومي والقانون بجامعة جورج تاون، الهجمات الأخيرة بأنها الأكثر أهمية وتكلفة منذ الهزيمة الرسمية للتنظيم عام 2017.

وقالت "غير أن حجم ومدى تعقيد الهجمات لم يصلا بعد إلى المستوى الذي رأيناه عام 2014، قبل أن يبدأ تنظيم الدولة في الاستيلاء على الأراضي في العراق".

وأوضح التقرير أن المقاتلين يختبئون الآن في مجموعات صغيرة، حيث يتخذون ملاذا لهم من التضاريس الريفية الوعرة التي لا تقع تحت سلطة الحكومة.

ويقول المسؤولون العراقيون إن هؤلاء يموّلون أنفسهم من خلال الابتزاز ومناشدة المتعاطفين المحليين. ومع أن الهجمات شائعة بشكل متزايد، فإنها عادة ما تكون ضيقة النطاق، فقد يلقون قنبلة بدائية يوما ويطلقون الرصاص على قوات الأمن في الصحراء يوما آخر.

كما يقول الخبراء إن الفرق في الأسابيع الأخيرة هو أن مقاتلي تنظيم الدولة باتوا ينفذون في الغالب هجمات أقرب إلى المدن.

من جهته، توقع الخبير الأمني هشام الهاشمي المزيد من الهجمات القادمة، خاصة في كركوك والمناطق التي توجد فيها فجوة أمنية يمكن استغلالها.

في المقابل، قال سكان في محافظة ديالى الشرقية إن أنباء هجوم مكيشيفة (في محافظة صلاح الدين) مقلقة. وقال أحد سكان مدينة بعقوبة "إننا متوترون، إذ هناك العديد من المقاتلين في الجبال، ونعلم أنه يمكنهم التحرك بسهولة بالغة".

وأضاف "إننا قلقون من أن يستغل تنظيم الدولة انتشار كورونا ويزيد من هجماته في المدينة، فإذا جاؤوا فإنهم سيحرصون على حصد الكثير من الأرواح".

وعود زائفة

وبينما يشكل المسلحون خطرا دائما، يشدد المسؤولون وخبراء الأمن على أن البيئة تغيرت كثيرا عن تلك التي سهلت ظهور تنظيم الدولة عام 2014.

وقالت ريفكين "آنذاك، لم يقم التنظيم بإنشاء دولته، فكانت وعوده ودعايته قابلة للتصديق لدى البعض، واتضح في النهاية أن هذه الوعود زائفة، ولا يمكن لتنظيم الدولة أن يفسخ إخفاقاته السابقة والعنف الشديد الذي قلب المدنيين ضده".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي