أسوأ من السابق.. عودة تلوث الهواء إلى الصين

2020-05-09

بعدما ساهمت إجراءات مكافحة وباء فيروس كورونا في انقشاع سحابة التلوث من سماء الصين، عاد تلوث الهواء بشكل أسوأ مما كان عليه في السابق مع اندفاع المصانع الى فتح أبوابها والعمل بوتيرة أسرع لتعويض فترة الإغلاق.

وأظهرت بيانات منظمة "غرينبيس" في الصين الجمعة 8مايو2020، أنّ مستويات الملّوثات السامة، بما في ذلك ثاني أوكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة المعروفة باسم "بي ام 2.5" التي تتسبب بتشكّل ضباب خفيف وفقدان وضوح الرؤية، كانت جميعها أعلى في  أبريل الفائت مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وقال الخبير في المناخ والطاقة في الفرع الصيني لمنظمة "غرينبيس" لي شيو إن "المثير في الأمر سرعة عودة الانبعاثات بعد الانخفاض الهائل في الأشهر الثلاثة الأولى من العام".

وأضاف "هذا قد يكون إشارة مبكرة على أن الاتجاهات الإيجابية التي شهدناها خلال فترة الوباء قد تنقلب بسرعة".

وبحسب وزارة البيئة الصينية فقد انخفضت مستويات الـ "بي ام 2.5" بنسبة 18 بالمئة بين 20 يناير و4 أبريل خلال الإغلاق العام.

وأظهرت صور التقطتها أقمار اصطناعية ونشرتها وكالة ناسا الأميركية ووكالة الفضاء الأوروبية في وقت سابق أن انبعاثات ثاني أوكسيد النيتروجين في المدن الصينية الرئيسية في وسط الصين وشرقها، حيث توجد معظم مصانع الكيماويات والصلب والإسمنت، انخفضت بنسبة 30 بالمئة في أول شهرين من العام.

لكن مستوى جسيمات "بي ام 2.5" في المتر المكعب من الهواء في أبريل كان 33,93، مقابل 33,2 في نفس الفترة من العام الماضي. أما مستوى ثاني أوكسيد النيتروجين في المتر المكعب من الهواء في أبريل فكان 25,4 مقابل 24,6 في نفس الشهر من العام الماضي.

وهذه الملوثات تنتج عن حرق الفحم والنفط والغاز ويمكن أن تسبب أمراض الربو والقلب وأن تضعف جهاز المناعة، ما يجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن التعرّض لتلوّث الهواء المزمن أدى إلى تقصير متوسط العمر المتوقّع في الصين بأكثر من أربع سنوات. وأشار لي إلى أنّ ارتفاع الإنتاج الصناعي زاد من تلوث الهواء في أبريل، خاصة وأن الصين تعتمد على الفحم الحجري لإنتاج الطاقة.

انبعاثات غير شرعية

وتعمد الحكومات المحلية أيضا إلى غضّ الطرف عن المصانع التي تتخطى المستويات المسموح بها من الانبعاثات، خاصة تلك التي سارعت إلى زيادة إنتاجها.

وقالت وزارة البيئة الجمعة إن المسؤولين المحليين في إقليم فوجيان، مقرّ صناعة الأقمشة والإلكترونيات، فشلوا في اتخاذ إجراءات "صارمة وصحيحة" لكبح الانبعاثات، وحتى انهم تلقوا رشوات من شركات.

وعمد بعض كبار الملوّثين في الشهرين الأخيرين إلى تزوير بيانات مستويات التلوّث التي يتم تسليمها إلى الحكومة عبر الإنترنت بواسطة نظام الرقابة الالكتروني، وفق ما ذكرت الوزارة في بيان منفصل الجمعة.

وفي مارس تم تغريم شركة للتغليف في إقليم شاندونغ مبلغ مليون يوان (141 الف دولار) لأنّ انبعاثاتها من ثاني أوكسيد الكبريت كانت أعلى بـ12 مرة ممّا تمّ الإبلاغ عنه سابقاً.

وقالت الوزارة إن شركة في مدينة ونتشو بشرق الصين كانت تساعد الحكومة المحلية في جمع بيانات الانبعاثات عبر الإنترنت "تلاعبت بالأرقام أكثر من 100 مرة بين 24 مارس و 9 أبريل".

ويشعر خبراء البيئة بالخشية من أنّ خطط التحفيز لإعادة إطلاق الاقتصاد الذي انكمش بنسبة 6,8 بالمئة في الفصل الأول من هذا العام، قد تزيد من مخاطر تلوث الهواء.

فبعد الأزمة المالية عام 2008 أطلقت بكين حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 567,6 مليار دولار، تضمّنت استثمارات هائلة في البنية التحتية، ما تسبّب بارتفاع مستويات التلوث في السنوات اللاحقة الى مستويات غير مسبوقة.

وقال لي "بالنظر الى كيفية تطور الوضع الاقتصادي، قد تعود الحكومة الى أسلوبها القديم وتستثمر في مشاريع البنية التحتية التقليدية التي كان لها تأثير سلبي على البيئة".

يذكر أن  تقريرا أعده معهد "سكريبس" لعلوم المحيطات والأرصاد الجوية البريطانية، أن الكمية الإجمالية لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي تواصل الارتفاع بشكل مطرد.

ولم يكن الانخفاض المؤقت بانبعاثات الغازات الدفيئة، الناجم عن الإغلاقات بسبب أزمة كورونا، كافيا لإصلاح عقود من استخدام البشر للوقود النفطي.

"ركام النفايات البشرية موجود في الغلاف الجوي وهذا لا يزول"، قال رالف كيلنغ من معهد سكريبس.

وأضاف كيلنغ إن تراكم ثاني أكسيد الكربون لا ينجم عن الانبعاثات الصادرة خلال الفترة الراهنة، "ولكن من الانبعاثات التي (تسببنا بها) خلال القرن الماضي".

ورغم الإغلاقات حول العالم، أظهرت المؤشرات أن مقدار التلوث الذي يضخه البشر في الهواء، والمرتبط برفع حرارة كوكب الأرض، يتجاوز ما كان عليه خلال ركود عام 2008 بحوالي ست مرات، من ناحية الانبعاثات الكربونية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي