فورين بوليسي: الأزمة بذروتها وأمام مفترق طرق.. هل ينجح العراق وأميركا بإنقاذ شراكتهما المتعثرة؟

2020-05-06

تناولت مجلة فورين بوليسي الأميركية توتر العلاقات بين واشنطن وبغداد بعد 17 عاما من الغزو الأميركي للعراق، وقالت إن المحادثات المقبلة بين البلدين المقررة في يونيو/حزيران المقبل قد تكون آخر فرصة لإنقاذ هذه الشراكة المتعثرة.

ويقول الكاتب جون هانا في تقرير نشرته المجلة إن الولايات المتحدة والعراق سيطلقان حوارا إستراتيجيا من المفترض أن يعالج كل القضايا التي تشوب علاقاتهما الثنائية، ومن بينها وجود القوات الأميركية على الأراضي العراقية.

ويرى الكاتب أنه في ظل اعتماد الولايات المتحدة حاليا على العراق كنقطة محورية في المواجهة المتصاعدة بينها وبين إيران فإنه من الصعب تجاهل حقيقة أن أزمة العلاقات بين واشنطن وبغداد تصل الآن إلى ذروتها وباتت أمام مفترق طرق، وهذا أمر إيجابي، ويجب على إدارة الرئيس دونالد ترامب اتخاذ القرار الصحيح بهذا الشأن.

ويرى الكاتب أن الوقت قد حان لأن تعيد واشنطن تقييم سياستها تجاه العراق، لأنه على مدى العام الماضي كانت هذه العلاقة متعثرة بشكل متزايد من منظور المصالح الأميركية، مشيرا إلى أن قوات الأمن العراقية قتلت بشكل وحشي مئات المدنيين الأبرياء بعد خروجهم للاحتجاج بشكل سلمي ضد السياسات الفاشلة للحكومة.

وبحسب الكاتب، فقد دأبت إيران على استغلال الاقتصاد العراقي لتحاشي العقوبات الأميركية، والأسوأ من ذلك هو أن مليشيات مدعومة إيرانيا -بعضها يخضع لعقوبات أميركية، وأغلبها يحصل على التمويل من الحكومة في بغداد- نفذت العديد من عمليات إطلاق الصواريخ ضد عسكريين ودبلوماسيين أميركيين وموظفي شركات خاصة أميركية، فيما تعجز الحكومة العراقية عن محاسبتها.

الاتجاه المعاكس

ويقول الكاتب إن هذه الوضعية لا يمكن أن تستمر، إذ إنه منذ 2003 قدمت الولايات المتحدة للعراق مئات الملايين من الدولارات في شكل دعم اقتصادي وعسكري، إلى جانب الدعم الدبلوماسي المهم، لافتا إلى أن هذه المساعدات كانت مبنية على أمل أن ينهض العراق بمرور الوقت ويلعب دورا أساسيا في الحفاظ على الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، ولكن عوضا عن ذلك تسير الحكومة العراقية اليوم في الاتجاه المعاكس تماما، حيث إنها تمارس مستويات مروعة من العنف ضد شعبها، وتقف متفرجة بينما تستبيح إيران حدودها ومؤسساتها واقتصادها.

ويرى الكاتب أن الحوار الإستراتيجي المقبل يوفر فرصة قد تكون هي الأخيرة، لعكس اتجاه هذا المسار المدمر وإنقاذ الشراكة طويلة المدى بين البلدين، ولذلك فإن هذه الفرصة وجب عدم إهدارها.

ويؤكد الكاتب على ضرورة أن تفرض إدارة ترامب شروطا مشددة قبل تقديم أي دعم للعراق، خاصة أن فيروس كورونا سلط ضغوطا جديدة على الميزانية الأميركية، وكل الدعم الخارجي الذي سوف يتم تقديمه في الفترة المقبلة سوف يخضع لتقييم جدي ويكون مرتبطا بجلب منافع ملموسة للولايات المتحدة، وألا يصب في صالح إيران كما هو الحال في العراق.

ويذكر الكاتب أن الحكومة الأميركية تسعى في هذا العام لتأمين مبلغ 600 مليون دولار للمساعدة على تدريب وتسليح قوات الأمن العراقية في حربها ضد بقايا تنظيم الدولة، إلى جانب المساهمات الأخرى المهمة التي يقدمها الجيش الأميركي لمكافحة الإرهاب في العراق، من حيث الدعم اللوجستي والاستخباراتي والطيران الحربي، كما تخطط الإدارة الأميركية لتأمين مبلغ 120 مليون دولار لدعم الاقتصاد العراقي، وهي مستعدة أيضا لمساعدة هذا البلد على الحصول على مليارات الدولارات من الدعم الاقتصادي من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

دعم لا يعوض

وينبه الكاتب إلى أن هذا الدعم الأميركي لا يمكن تعويضه، وإيران بالذات غير قادرة على أن تحل محل الولايات المتحدة وتؤمن كل هذه المبالغ والمساعدات، ولذلك فإن تخلي واشنطن عن الحكومة العراقية سوف يجعلها تتجه بشكل مباشر نحو الكارثة، خاصة في ظل انهيار أسعار النفط الذي يمثل 90% من مداخيل موازنة العراق.

ويقول الكاتب إن هذه الحسابات تقوي الموقف الأميركي في المحادثات التي ستجرى الشهر المقبل، وهي مستعدة لاستخدام كل هذه الأوراق من أجل الضغط، كما قد تلوح واشنطن بخيار العقوبات ضد العراق في حال تواصل خضوعه للهيمنة الإيرانية، حيث إن المسؤولين العراقيين قد يكونون عرضة لإجراءات منع السفر وتجميد الأصول، إلى جانب شن ضربات موجعة ضد قادة المليشيات.

ويقول الكاتب إنه في مقابل الدعم الذي قد تواصل تقديمه للعراق يجب أن تقدم الولايات المتحدة مطالب محدودة وواقعية، إذ إن العراق في كل الأحوال ليس في وارد أن يدخل في حرب مع إيران، وبغداد لن تتحرك للقضاء على المليشيات بين عشية وضحاها، وكل ما يمكن طلبه في الوقت الحالي هو الإصرار على أن تتخذ الحكومة العراقية خطوات ملموسة لحماية سيادتها والاستجابة للمخاوف الأميركية.

ومن الناحية الاقتصادية تحتاج الحكومة العراقية للعمل جنبا إلى جنب مع نظيرتها الأميركية من أجل خنق الأساليب التي تعتمدها إيران للتلاعب بالعقوبات المفروضة عليها، خاصة تصديرها للنفط عبر العراق وحصولها أيضا على الدولارات من هذا البلد.

وعلى المستوى العسكري تحتاج الولايات المتحدة للحصول على ضمانات بأن الحكومة العراقية ستقوم بجهود جادة لإنهاء الهجمات ضد الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين، وعدم الاكتفاء بالتنديد بها، بل استخدام القدرات الاستخباراتية والأمنية لمنعها ومعاقبة مرتكبيها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي