مع بدء رفع الإغلاقات.. هل يمكننا أن نسافر بأمان في ظل كورونا، وكيف ذلك؟

2020-05-06

ما الذي يمكن أن تفعله المطارات والخطوط الجوية لتقليل مخاطر انتقال فيروس كورونا المستجد؟ ليس هناك الكثير مما يمكن فعله، إذ لا تتفق قواعد المباعدة الاجتماعية مع الطيران المدني، كما تقول صحيفة The Independent البريطانية.

إذ أُنشِئَت المطارات للتعامل مع أعداد كبيرة من الركاب في مساحة صغيرة نسبياً، مع عدد من “نقاط الضغط” المُتضَمنَة، التي تكون عند: تسجيل الوصول، والمرور عبر منطقة التفتيش الأمني​​، وبوابات الصعود على متن الطائرة والنزول.

الموازنة بين المخاطر

تقدم شركات الطيران أسعار تذاكر معقولة من خلال تكديس أكبر عدد ممكن من الأفراد، بقدر ما تسمح به السلامة في مساحة محدودة، وتركهم فيها لمدة لا تقل عن ساعة.

والحقيقة هي أنه مع بدء عودة الطيران سيرى العديد من الأشخاص الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطارات المكتظة، ويقررون: “أنا لم أعد أريد ببساطة أي شيء يتعلق بالطيران بعد الآن، شكراً لكم”. وفي الوقت الذي يُطلَب فيه من الجماهير عدم زيارة الأصدقاء والعائلة، وتُغلَق المطاعم، يجدون أنه من غير المعقول أن يختلط الناس مع غرباء على مقربة شديدة على هذا النحو.

بينما سيرى آخرون أنه بالرغم من أنَّ الطيران لا يمكن أن يكون آمناً تماماً، فإنهم سيكونون مستعدين لقبول قدر ضئيل من المخاطر مقابل الفوائد التي يوفرها السفر الجوي: الزيارات الأسرية الملحة، أو تمكينهم من إجراء رحلات العمل الأساسية، أو حتى الذهاب في إجازة في الوقت المناسب.

ومن منظور أوسع، تعتمد ملايين الوظائف على الطيران، إما اعتماداً مباشراً أو من خلال السياحة التي ينشطها الطيران وتولدها الأعمال.

ويأتي هذا النقاش في قلب الواقع الصريح بأنَّ استئناف الاقتصاد يتعارض مع الحد من انتشار “كوفيد-19”. ويجب تحقيق التوازن في التكلفة البشرية المترتبة، بين الضرر قصير المدى الذي سينشأ حتماً من تفاعل أكبر، والضرر طويل الأجل الناجم عن التدهور الاقتصادي.

بالنسبة للأشخاص المضطرين للسفر، ما التحذيرات المُتبعة؟

تحرص شركات الطيران والمطارات بشدة على طمأنة الركاب بأنَّ الطيران منخفض الخطورة. وفي ظل غياب معيار دولي مشترك، يستجيب كل جزء من أجزاء صناعة الطيران المختلفة وفق استراتيجياته الخاصة.

من جانبها، أعلنت الخطوط الجوية الكندية Air Canada للتو عن مجموعة التدابير الأكثر شمولاً مقارنة بشركات الطيران الأخرى. إذ لن يُسمَح للركاب بالسفر من دون الخضوع لفحص درجة الحرارة. ويجب عليهم أيضاً ارتداء أغطية الوجه في أثناء المرور عبر المطار وعلى متن الطائرة. ولن يجلس أي شخص في الدرجة السياحية ملاصقاً لمسافر آخر، على الأقل حتى تاريخ 30 يونيو/حزيران.

هل هذه الإجراءات فعالة؟

قالت Air Canada، في بيان، إن “البرنامج الجديد مصمَّم لتقليل مخاطر التعرض لكوفيد-19″، لكن هذا لا يعني أنَّه مدعوم بخبرة طبية دولية، فلنبدأ بفحص درجات الحرارة المرتفعة في المطارات، إما عند المغادرة أو الوصول: “إنَّ فحص درجة الحرارة وحده، عند الخروج أو الدخول، ليس طريقة فعالة لوقف الانتشار الدولي” للفيروس.

هذا هو رأي منظمة الصحة العالمية، التي توضح: “قد يكون الأفراد المصابون في فترة الحضانة، أو قد لا تظهر عليهم أعراض واضحة في وقت مبكر من مسار المرض، أو قد يخففون من الحمى باستخدام خافضات الحرارة”.

وأضافت: “مثل هذه التدابير تتطلب استثمارات هائلة فيما قد لا يجني إلا القليل من النفع”.

وبدلاً من ذلك، تنصح منظمة الصحة العالمية بجمع البيانات الصحية لدى الوصول، ومعها تفاصيل التواصل مع المسافرين، حتى يتمكن المسؤولون الطبيون من تتبع الاتصال للمسافرين القادمين.

ماذا عن الأقنعة؟

تقول هيئة الصحة العامة في إنجلترا: “لم تظهر سوى أدلة قليلة على منافع واسعة النطاق من استخدامها خارج المنشآت الطبية”.

وتحذر منظمة الصحة العالمية من أنَّ الأقنعة يمكن أن تخلق “إحساساً زائفاً بالأمان، وهو ما قد يؤدي إلى التقليل من الالتزام بالتدابير الوقائية الأخرى مثل التباعد الجسدي ونظافة اليدين”.

وقال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك، في تصريح لـBBC الثلاثاء 5 مايو/أيار: “إنَّ الأدلة حول استخدام أغطية الوجه بين عامة الناس ضعيفة”.

وأضاف: “نحن نواصل وضع ذلك قيد المراجعة، وإذا كانت هناك تغييرات نحتاج إلى استحداثها على الإرشادات، فسنفعل ذلك. لكن في الوقت الحالي لا يوجد تعديل على هذه التوجيهات”.

ماذا عن إبقاء المقعد الأوسط خالياً؟

إحصائياً، يؤدي تقليص عدد الركاب على متن طائرة إيرباص من طراز “A320” من 174 إلى 116 راكباً إلى تقليل المخاطر، وذلك ببساطة لأنه يُقلِّل من عدد الأشخاص الذين قد يكونون حاملين لمرض “كوفيد-19”. لكن من حيث قواعد التباعد الاجتماعي هذا ليس له تأثير يُذكَر؛ إذ ستزيد المسافة بين الركاب من 50 سنتيمتراً إلى 1 متر. ويقول أحد الرؤساء التنفيذيين لشركات الطيران إنَّ طريقة تدوير الهواء على متن طائرة تعني أنَّ المساحة الإضافية لن تُحدِث فرقاً كبيراً على الأرجح، لكنه أشار إلى أنَّ مُنقيات الهواء عالية الكفاءة المنتشرة على متن الطائرات تقضي على مخاطر معظم مُسبِّبَات الأمراض.

إذاً، لماذا تُطبَّق هذه الإجراءات؟

لمحاولة تعزيز الثقة تدرك شركات الطيران والمطارات أنَّ هناك الكثير من المخاوف بشأن السفر جواً في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، ومن ثم تعتقد أنَّ هذه الخطوات ستُطمئِن الركاب القلقين، وهي تضغط من أجل قبول عالمي بنفس الطريقة تقريباً التي تُطبَّق بها المعايير المتفق عليها دولياً على أمن الطيران.

هل هناك المزيد مما يمكن فعله؟

تحدث في الكواليس العديد من التحركات العملية، ويمكن أن يسهم التنظيف العميق في المطارات وعلى الطائرات في تقليل المخاطر من دون شك، مع مزيد من الذكاء الاصطناعي على الإجراءات عند نقطة التفتيش الأمنية، وهي في الأوقات العادية أكثر نقطة يزداد اتصال الناس عندها بالغرباء.

لكن أهم الخطوات التي يمكن للمسافرين وموظفي الطيران اتخاذها بسيطة، وهي غسل اليدين بجِدّ وباستمرار، وإذا كانوا يشعرون بالأعراض ولو بشيء بسيط منها فلا يذهبون للمطار.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي