عرفان خان.. الفيلسوف الحزين الذي حول السينما الهندية من الاستعراض إلى المشاعر

2020-04-30

"أروع الرجال في الغرفة"، لم يكن وصف النجم الأميركي توم هانكس للممثل الهندي عرفان خان مبالغة، وإنما تعبيرا عن ممثل ساهم في تحويل السينما الهندية الاستعراضية إلى حالة فنية تحمل قضايا إنسانية من زوايا لم يتطرق إليها أحد من قبل.

عرفان خان الذي توفي أمس الأربعاء 29 أبريل/ نيسان الجاري عن عمر يناهز 53 عاما متأثرا بإصابته بسرطان القولون، كان أيقونة نادرة في تاريخ السينما الهندية، بملامح وجه لا يخطئها الرائي.

إنه ممثل هندي يحمل العديد من المشاعر التي تخدم الحالة الفنية الآنية، لكنه أبى أن يصبح مجرد عدد في قائمة نجوم بوليود، فانطلق بحدوده إلى هوليود، ليثبت أن السينما الهندية لن تقف عند حد المبالغات والمعارك الخيالية التي تتخللها الاستعراضات والأغاني، إذ قرر تقديم نفسه ممثلا محترفا يحمل طاقات فنية عابرة للحدود.

خبير المشاعر المعقدة

أن يحترف الممثل حرفة نقل المشاعر المعقدة حتى في أصغر الأدوار، أمر ليس بالهين، لكن موهبة عرفان منحته التميز النادر في غزو كل من السينما الهندية وهوليود بسلاسة.

بصفته أرملا هادئا وحزينا في الفيلم الهندي "صندوق الغداء" (The Lunchbox)، صور عرفان مشاعر الحزن والشوق بأناقة خفية، كيف للمشاهد أن يشم ويتذوق طعاما وضع للبطل في صندوق الغداء، دون أن ينقلها ممثل بارع دون افتعال.

الفيلسوف

كان يكفي أن تقول عرفان، لذكر الممثل الهندي المسلم القادم إلى هوليود من الهند، الذي نجح بإنجليزيته الممزوجة باللكنة الهندية أن يقدم نفسه فيلسوفا حكيما في دوره كأب مهاجر مصمم على الاندماج في "ذا نيمسيك" (The Namesake)، أو مفتش الشرطة المستكشف في "المليونير المتشرد" (Slumdog Millionaire)، حتى وصلت مسيرته الفنية إلى 80 فيلما.

"جئت لأحكي القصص"

في حوار له مع صحيفة "الغارديان" عام 2013، تحدث عرفان خان عن الصعوبات التي واجهها في بداية مسيرته، قائلا "لقد جئت إلى صناعة السينما لكي أحكي القصص وأمثل في الأفلام".

ولد عرفان في مدينة جايبور عام 1966، تحت اسم شهابزاده عرفان علي خان، وكان والده بائع إطارات سيارات، وقد توجّه نحو مدرسة الفنون الدرامية بعد أن فشل في أن يصبح لاعب كريكيت.

كافح عرفان ليشق طريقه في صناعة السينما، رغم أنه في البداية كان يظهر فقط في أدوار هامشية ومحدودة في بعض الأفلام الهندية والمسلسلات التي لا تحظى بمشاهدة كبيرة.

بدأ عرفان خان يحقق الشهرة من خلال ظهوره مع المخرج البريطاني آصف كاباديا في فيلم المحارب، الذي صدر عام 2002 وحاز على عديد من الجوائز العالمية، مثل جائزة أكاديمية الأفلام والتلفزيون البريطانية "بافتا" كأفضل فيلم بريطاني.

بعد ذلك تعدد ظهور عرفان خان في الأفلام الشعبية الهندية، وكان أحيانا يلعب دور الشرطي وأحيانا أخرى دور المجرم. وفي نفس الوقت، حافظ على ظهوره في السينما البريطانية والأميركية، حيث لعب دور الشرطي في فيلم "القلب العظيم"، ثم في فيلم "المليونير المتشرد" الذي حاز على ثماني جوائز أوسكار.

معركة السرطان

كشف عرفان خان في مارس/آذار 2018 عن تشخيص إصابته بورم نادر في الغدد الصماء العصبية، ولكن بعد خضوعه لعلاج مكثف تحسنت حالته الصحية وتمكن من المشاركة في فيلم "إنغريزي ميديوم"، الذي أصبح آخر ظهور له في السينما، وهو الفيلم الذي تأجل طرحه في صالات السينما في مارس/آذار بسبب تفشي فيروس كورونا.

نقل عرفان خان إلى العناية المركزة في مستشفى كوكيلابين في مومباي يوم الثلاثاء الماضي، بعد إصابته بعدوى في القولون، وفي صباح يوم الأربعاء صدر بيان يؤكد وفاته، جاء فيه "إن من دواعي الحزن في هذا اليوم أن نخبركم بوفاة عرفان خان. لقد كان رجلا صاحب روح قوية، وقد حارب حتى النهاية وكان دائما ملهما لكل من اقتربوا منه"، رحل خان تاركا وراءه عائلته الصغيرة، المكونة من زوجته سوتابا سيكدار وابنيه بابل وأيان.

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي