البُعد يزيد القلب ولعاً.. الأحبة المتفرقون يكتشفون علاقتهم في زمن الحدود المغلقة

2020-04-11

بسبب جائحة “كوفيد-19” وجد العديد من العشاق أنفسهم مجبرين على استكشاف ما إذا كانت المسافة تزيد القلب ولعاً. خلَّفت جهود الحكومة لإبطاء وتيرة انتشار فيروس كورونا العديد من الأحبة متفرقين، وغير متقينين بشأن موعد الالتقاء مجدداً. ونتيجة لغلق الحدود في مناطق كان السفر إليها مسبقاً غير مقيد، مثل منطقة شنغن في أوروبا، وجد بعض الأحبة أنفسهم فجأة في علاقةٍ عن بعد رغم أنهم يعيشون على مقربة من بعضهم البعض.

على بعد دقيقتين

تقول هيئة الإذاعة البريطانية BBC، إن أندريا روده وشريكها منذ أكثر من عقد، ماركوس براسيل هما ثنائي من هؤلاء الأحبة، الذين يختبرون هذه المساحة الجديدة في علاقتهم. تسمي أندريا مدينة كونستانز في جنوب ألمانيا وطنها، بينما يعيش براسيل على بعد كيلومترات فقط في قرية تيغرفيلن السويسرية. لا يفصلهما سوى مسافة تقطعها السيارة في 10 دقائق، لكن منذ إغلاق الحدود بين ألمانيا وسويسرا في 16 مارس/آذار الماضي، باتت الرحلة القصيرة مستحيلةً.

رغم هذا، وجد الحبيبان طريقةً تمكنهما من رؤية بعضهما البعض. يتجه كلاهما إلى الحدود السويسرية-الألمانية التي تفصل بين مدينة كونستانز وقرية تيغرفيلن عدة مرات في الأسبوع كي يلتقيا وجهاً لوجه عبر السياج الحدودي الذي أُنشئ مؤخراً. تقول أندريا إن محادثة شريكها عبر موقع سكايب لا تُقارن بوجوده أمامها مباشرةً، مضيفة: “هذا أمرٌ آخر، حتى وإن كنا على بعد دقيقتين فقط”.

منذ تفشي جائحة كورونا، يلتقي أندريا وبراسيل عدة مرات في الأسبوع على الحدود السويسرية الألمانية المغلقة مع كلبهم نيرو

لم تكن أندريا وبراسيل وحدهما. في الواقع، توجه أكثر من 100 شريك منفصلين بين سويسرا وألمانيا خلال عطلة الأسبوع الأخيرة إلى الحدود بين مدينتي كونستانز وكروزلينغن السويسرية كي يقتربوا من بعضهم البعض قدر الإمكان. ومن المرجح أن يجذب ارتفاع درجات الحرارة مزيداً من الأحبة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

كانت مدينة واحدة

يقول توماس نيدربيرجر، عمدة مدينة كروزلينغن، إن الناس كانوا يتحركون بحريةٍ بين كونستانز وكروزلينغن منذ 2009 قبل القيود الحالية المفروضة على السفر بسبب فيروس كورونا، مشيراً إلى أن المدينتين اندمجتا كلياً، إذ ينتقل السكان بينهما يومياً. وأضاف: “تشعر أنهما مدينةٌ واحدة كبيرة، وتصادف وجود حدود دولية تمر عبرها”.

كانت كروزلينغن وكونستانز وكأنهما مدينة واحدة كبيرة.. أحد الأزواج على جانبي الحدود

وتساعد الطبيعة المتداخلة للمدينتين في تفسير أسباب تفريق الوضع الراهن بين العديد من السكان وسبب توجههم إلى الحدود المغلقة. في البداية، أُنشئ سياجٌ بارتفاع الخصر، ما سمح للأحباء بالتعانق وتقبيل بعضهم البعض بينما يقف كل منهم في دولة مختلفة. ومؤخراً، أُنشئ سياجٌ آخر مواز للسياج الأول للحفاظ على مسافةٍ آمنة بين هؤلاء الذين يلتقون.

لقاء عبر الإنترنت ومن ثم ارتباط على الحدود

لم تجذب فرصة اللقاء العاطفي وجهاً لوجه السكان المحليين وحسب إلى الحدود الفاصلة بين كونستانز وكروزلينغن؛ إذ يسافر عديدون من مسافةٍ أبعد مثل ناتاشا ديماتيس، التي قادت سيارتها لأكثر من ساعة كي تقف على مسافة مترين من حبيبها ميشا روث، الذي يعيش في مدينة كونستانز. التقى الاثنان عبر الإنترنت وكانا يخططان للقاء حقيقي عندما أُعلنت القيود المفروضة على السفر. تقول ناتاشا إن اللقاء عند الحدود كان الطريقة الوحيدة للتأكد ما إذا كان الانجذاب بينهما قوياً عند المقابلة وجهاً لوجه مثلما هو الانجذاب بينهما عبر الهاتف.

بعد أن ظلا يتحدثان لمدة ست ساعات في أول لقاء بينهما عبر السياج، قرر الاثنان الارتباط رغم أن مسافة اقترابهما من بعضهما لم تتجاوز المترين. وصفت ناتاشا الوضع كله بـ “السخيف”، لكنها تقول إن الموقف جعلهما يتعرفان على بعضهما بدرجةٍ أعمق، مضيفة: “لا يتعلق الأمر فقط بالانجذاب الجسدي”.

رغم أن لا أحد يعرف موعد فتح الحدود بين المدينتين، تقول ناتاشا إنها وروث ينتظران بفارغ الصبر لرؤية بعضهما البعض دون سياج، مضيفة: “إذا حدث هذا على أي حالة، سنكون أول من يقتنص هذه الفرصة”.

الحب لا يعرف حدوداً

هناك شريكان آخران يتبادلان مشاعرهما عبر حدود مختلفة وهما كارستن توكسين هانسين، من ألمانيا والبالغ من العمر 89 عاماً، وإنجا راسموسن من الدنمارك والبالغة من العمر 85 عاماً. منذ أن وقعا في الحب منذ عامين، يقضي الشريكان الأرملان وقتهما سوياً كل يوم تقريباً، إذ تقضي إنجا الليل عادة في منزل هانسين الذي يبعد عنها 15 كيلومتراً في بلدية سيدرلاغم بألمانيا. اتخذ كلاهما قراراً صعباً بالافتراق عن بعضهما البعض في فترة الحجر الصحي، إذ أراد كل منهما البقاء بجوار عائلته.

استمر الحبيبان في رؤية بعضهما البعض يومياً منذ إغلاق الحدود بين ألمانيا والدنمارك في 14 مارس/آذار الماضي. تقود إنجا السيارة من بلدتها غاليوس إلى الحدود، ويقود هانسين عادة دراجته من سيدرلاغم. يلتقي الاثنان عند الحواجز، التي تفصل بين الدولتين بالقرب من بلدة أفينتوفت، ومعهما الكراسي، والقهوة، ويجلسان معاً لتناول مشروباً. يقول هانسين إنهما يتقابلان “بين الساعة الثالثة والخامسة مهما كانت حالة الطقس”.

يلتقيان مبكراً قليلاً يوم الأحد فقط كي يتشاركا الغداء الذي تعده إنجا مسبقاً. يصف هانسين الوقت الذي يقضيانه سوياً بأنه ذروة يومه، ورغم أنه يشتاق إلى ضم شريكته بين ذراعيه، يقول إن الصحة لها الأولوية في هذه اللحظة.

يخطط الحبيبان عبر الحدود لأخذ عطلة بمجرد أن تعود الأمور إلى طبيعتها والقيام برحلة في قارب بطول نهر الدانوب. وإلى ذلك الحين، سيظلان يدعمان بعضهما البعض في هذا الوقت العصيب وسيواصلان التمتع بالرابطة المميزة التي تجمعهما. يقول هانسين: “لم أعتقد أنني سأكون مغرماً إلى هذه الدرجة وأنا في الـ89 من عمري”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي