الباكستاني راجا.. من عتبات الإجرام إلى وزير للثقافة في النرويج

2020-03-12

وزير الثقافة النرويجي الجديد  المسلم من أصل باكستاني عبيد راجا وزير الثقافة النرويجي الجديد يرتقي سلم التقدم المهني بسرعة نحو الأعلى ولا حد لطموحاته. فابن المهاجر الباكستاني، الذي نشأ في عائلة مسلمة فقيرة وظروف اجتماعية صعبة، بدأ حياته بطفولة شقية وكاد أن يتحول إلى "مجرم".

عندما كان عبيد راجا شابا صغيرا، لم يكن يوجد في بيت والديه سوى كتاب واحد، وهو القرآن، إلى اليوم الذي فتح فيه باب مكتبة عامة في أوسلو، بابا إلى عالم جديد. "إنه يتحدث عن دور كبير للمكتبة المحلية"، يقول الصحفي توماس سبينسه، الذي يعمل لصحيفة "آلتنبوستن" النرويجية: "هناك كانت توجد امرأة جعلته يرتبط بالكتب التي بدأ معها حياته كشاب رزين".

وكشاب كان راجا يقرأ روايات للكاتب النرويجي رولد دال، ولاحقا اهتم بنصوص قانونية ودرس الحقوق وحصل على منحة لجامعة أوكسفورد البريطانية العريقة وأصبح محاميا، وفق (DW).

وفي الـ 24 من يناير 2020 وصل عبيد راجا ذو الأصول الباكستانية المهاجرة في تقدمه المهني إلى الوزارة، حيث عُين ـ كثاني مسلم على الإطلاق ـ وزيرا في حكومة نرويجية.

وباتت إعادة تشكيل الحكومة ضرورية، لأن رئيسة الوزراء إرنا زولبيرغ فقدت شريكا في ائتلاف يمين الوسط: فحزب التقدم اليميني تحول إلى المعارضة بحيث أن زولبيرغ تواصل الحكم في حكومة أقلية مع الشركاء المتبقين. وإلى جانب ذلك تم التخلي عن وزيرة الشؤون الاجتماعية أنيكه هاوغلي، التي تتحمل مسؤولية فضيحة تعرض فيها مواطنون أبرياء بسبب عدم تطبيق قانون أوروبي لعقوبات سجن.

توماس سبينسه يقول لـ DW عن راجا (44 عاما) بأنه ذو "شخصية لامعة" وسيرة ذاتية مثيرة، فهو كطفل عاش في فقر نسبي داخل شقة ضيقة مع والديه وثلاثة إخوة. وداخل البيت كان الأب، ينهج أسلوبا قاسيا في التربية حتى باستعمال العنف.

ونقلت إدارة شؤون الشباب راجا إلى دار للعناية بالأطفال، حيث كان له اتصال بشباب ينحدرون من ظروف صعبة. وفي سيرته الذاتية يصف راجا عملية سرقة كاد يستخدم فيها حجارة لمهاجمة ضحيته. ويقول بأنه كان يقف عدة مرات أمام "التحول إلى مجرم". وهذا يبين المسافة القريبة بين الصعود والهبوط في الحياة يقول توماس سبينسه.


نجح راجا في النهاية في تحقيق التقدم عندما أنهى المدرسة الثانوية بنقاط جيدة والتحلق بجامعة أوسلو. هناك تعرف على الطالبة في علم النفس نادية أنصار. "وبسبب القوانين غير المدونة للجالية المسلمة لم يتمكنا من الالتقاء بدون موافقة العائلتين"، يقول سبينسه. "فكانا يلتقيان في فرع مطعم بورغر كينغ في غرب أوسلو، حيث كانا بعيدين عن الأنظار". وفي الأثناء تزوج الاثنان وأنجبا ثلاثة أطفال"، يقول سبينسه.

وحتى في الدراسة حقق عبيد راجا تقدما: فكأول نرويجي من أصول أجنبية أوفدته جامعة أوسلو لمدة سنة إلى أوكسفورد. وخلال دراسة القانون شرع في العمل من أجل مساجد مفتوحة والمساواة بين الجنسين. واليوم هو يصف نفسه كمسلم معتدل.

بعد الدراسة اشتغل راجا كمحام قبل أن يُنتخب العام 2013 نائبا في البرلمان النرويجي عن الحزب الليبرالي. وتألق راجا حتى أصبح نائب رئيس الكتلة النيابية للحزب الليبرالي وأحد نواب رئيس البرلمان. وفي الحملة الانتخابية الخريف الماضي اتهم راجا حزب التقدم اليميني بنهج "دعاية سوداء". ولاحقا اعتذر راجا من حزب التقدم اليميني الغاضب، وقال بأنه لم يعرف المعني التاريخي للون. فاللون الأسود يرمز للنظام النازي في ألمانيا.


وداخل البرلمان المنتخب من جديد انتقم 31 نائبا من حزب التقدم اليميني عندما امتنعوا عن التصويت لصالح راجا كنائب لرئيس البرلمان. فيما ممثلو الأحزاب الأخرى انتُخبوا بالإجماع.

وفي وزارة الثقافة والمساواة يكون راجا خلفا لترينه سكاي غراندي ـ زعيمة حزب الليبراليين التي انتقلت في خضم إعادة تشكيل الحكومة إلى وزارة التربية والاندماج.

وخلال تعيينه تحدث راجا أمام الصحفيين عن النجاح الكبير الذي تمثله هذه الخطوة. ولا يخفي راجا تطلعاته الشخصية: "فهو لا يشعر بعقد في القول بأنه يريد الصعود إلى القمة".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي