يؤكد تقرير جديد أصدرته إحدى الدوائر التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الأوساط الحاكمة في اسرائيل، بدأت باستعجال البدء بتنفيذ ما ورد في مشروع “صفقة القرن” الذي أعده “الثلاثي الصهيوني” في الإدارة الأمريكية جاريد كوشنر، وجيسون غرينبلات، والسفير ديفيد فريدمان.
ويشير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير، أن تلك الأوساط الإسرائيلية انطلقت في تحركها من الفهم الذي حدده بنيامين نتنياهو في ذلك المؤتمر الصحافي الذي عقده الثلاثاء الماضي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال الإعلان عن “صفقة القرن”، وأخذت تستعجل البدء بتنفيذ ما ورد في ذلك المشروع الذي وصفته بـ”التصفوي”.
وأوضح أنه وفق خطة التسوية “الصهيو – أمريكية” فإن دولة إسرائيل سوف تستفيد من وجود حدود آمنة ومعترف بها من أمريكا، ولن تضطر إلى اقتلاع أية مستوطنة، وستدمج الغالبية العظمى من المستوطنات في الأراضي الإسرائيلية المجاورة، وستصبح الجيوب الإسرائيلية الواقعة داخل الأراضي الفلسطينية جزءا من دولة إسرائيل، وسيتم ربطها من خلال نظام نقل فعال، وسيكون غور الأردن حاسما للأمن وتحت السيادة الإسرائيلية. وسوف يتم دمج حوالي 97٪ من المستوطنين في الضفة الغربية بإسرائيل ودمج حوالي 97٪ من الفلسطينيين في الضفة الغربية في جيوب تحيط بها المستوطنات وستكون لديهم طرق وصول وستخضع هذه الجيوب وطرق الوصول للمسؤولية الأمنية الإسرائيلية.
وأكد التقرير الذي يستند إلى الأرقام والوقائع على الأرض، على الموقف الفلسطيني، الذي يؤكد أن “صفقة القرن” تدعو لـ”إقامة دولة فلسطينية وهمية دون أي تواصل جغرافي داخلي، إلا من خلال الجسور والأنفاق ولن يكون لها أي تواصل جغرافي مع دول الجوار”، موضحا أن المناطق المخصصة للفلسطينيين في الضفة الغربية ستتحول إلى مجموعة من ”السجون الكبيرة“.
واستند التقرير إلى ما أوردته صحيفة ” يديعوت أحرونوت” العبرية، بأن الحكومة الإسرائيلية لن تستخدم مصطلح ”ضم” في خطواتها المرتقبة، وإنما مصطلح “فرض القانون الإسرائيلي”، حيث لا يدور الحديث عن ضم وإنما فرض السيادة، باعتبار أن هذه الأراضي لم تكن تابعة لدولة أخرى مثل هضبة الجولان، التي تم ضمها لأنها كانت تابعة لدولة.
وهذا القرار لن يحتاج إلي قرار ضم، بل إلى قرار حكومي. وتُبيّن التصريحات الصادرة عن المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي، وحكومة بنيامين نتنياهو، أن الإدارة الأمريكية تعمل على تشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة الإسرائيلية، لتنسيق هذه العملية في الضفة الغربية المحتلة، ولمطابقتها مع الخرائط المطروحة في ”صفقة القرن“، لافتا إلى أن هذا الأمر أكده السفير الأمريكي في تل ابيب ديفيد فريدمان، الذي شدد على أنه قبل أي قرار إسرائيلي بضم مناطق في الضفة الغربية، تريد الإدارة الأمريكية تشكيل لجنة لبحث هذه القضية مع الجانب الإسرائيلي، لمطابقة مناطق الضم بالخرائط التي طرحتها الإدارة الأمريكية في إطار “صفقة القرن” وأن الادارة ستنظر في الاقتراحات الإسرائيلية وتفحصها وتتأكد من أنها تتماشى مع الخطة الأمريكية.
وأشار التقرير إلى إعلان وزير الأمن في حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت، أنه أمر بتشكيل طاقم للعمل الفوري على فرض السيادة الإسرائيلية على كافة المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وأكد أن إسرائيل لن تسمح تحت أي ظرف من الظروف بإقامة دولة فلسطينية، ولن تسلم شبراً واحدا من الأرض.
ويقول التقرير الفلسطيني إن إعلان بينيت جاء مكملا لتصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لتصفية القضية الفلسطينية، بحضور سفراء ثلاث دول عربية ومسؤولين أمريكيين، حيث أكد أن فرض القانون الإسرائيلي سيتم على مرحلتين، وأنه سوف يطلب مصادقة الحكومة على فرض القانون الإسرائيلي على غور الأردن وكافة المستوطنات، وأنه بعد إتمام تخطيط الخطوات المقبلة في إسرائيل وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، سيعرض على الحكومة قرار فرض القانون الإسرائيلي على مناطق إضافية، وبما يرافق ذلك من إلغاء الحكم العسكري المفروض على نصف مليون إسرائيلي في المستوطنات، ورفع كل القيود المفروضة على البناء وعلى مسائل أخرى كانت في الماضي تحتاج لموافقة أمريكية، مؤكدا أن غالبية البؤر الاستيطانية غير القانونية هي في مناطق ستبقى تحت سيطرة إسرائيل.
ويؤكد التقرير الفلسطيني، أن الخطة الأمريكية، فتحت شهية اليمين الحاكم في إسرائيل، للشروع بضم أراض في الضفة الغربية واعتبرته ضوءا أخضر أمريكياً، وهو ما عكسته تصريحات قادة كافة أحزاب اليمين وبما يسمى بيمين الوسط الإسرائيلي، لافتا إلى أن زعيم “تحالف أزرق- أبيض” بيني غانتس، أعلن هو الآخر أنه سيعمل على تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي للتسوية السياسية.
وفي السياق، رصد التقرير مواصلة إسرائيل للمشاريع الاستيطانية و”عمليات الهدم والتطهير العرقي”، وذلك باستمرار الاحتلال في مشروع توسيع شارع 60 (شارع الانفاق) لربط مدينة القدس بالمستوطنات الجنوبية على حساب أراضي المواطنين الفلسطينيين في بيت جالا، فيما أصدرت أيضا سلطات الاحتلال قرارا بالاستيلاء على أراضٍ زراعية لتوسيع مخطط هيكلي لمستوطنة “أصفر” المقامة على أراضي بلدتي سعير والشيوخ شمال الخليل، علاوة على قيام المستوطنين باقتلاع أشتال زرعها مواطنون في أراضيهم التي حرموا من دخولها لنحو 20 عاما في بلدة سبسطية شمال غرب نابلس، بعد أقل من 24 ساعة على زراعة الأشتال، وتسييج الأرض القريبة من مستوطنة “شافي شمرون”.
كما رصد التقرير قيام سلطات الاحتلال بتنفيذ العديد من عمليات تدمير طالت المنشآت الزراعية وهدم منازل، وآبار مياه واستيلاء على أراضٍ جديدة، وكذلك الاستيلاء على معدات زراعية، خلال الأسبوع الماضي، فيما قام المستوطنون بتنفيذ اعتداءات أخرى ضد البلدات القريبة من المستوطنات، تخللها الاعتداء بالضرب على مواطنين.
ووثق التقرير قيام عشرات المستوطنين من مستوطنة “شافي شمرون”، شمال الضفة، بالهجوم على منازل المواطنين في المنطقة الجنوبية من بلدة سبسطية، حيث دارت مواجهات بين المواطنين من جهة والمستوطنين وقوات الاحتلال من جهة اخرى، التي وصلت إلى المكان وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لحماية المستوطنين.
ورصد التقرير كذلك، قيام سلطات الاحتلال بإخطار عدد من المواطنين، من قرية رمانة غرب جنين، بهدم منازلهم قيد الإنشاء. بحجة أن المنازل غير مرخصة وتقع بمحاذاة الجدار الفاصل.