بعد قرار "الجنايات الدولية" ..إسرائيل تخشى أوامر اعتقالات سرية بحق ساستها وضباطها وجنودها

2020-01-12

كشف في إسرائيل أن حكومتها تخشى من أوامر اعتقال سرية بحق جنود وضباط ومسؤولين سياسيين فيها على خلفية بدء أعمال محكمة الجنايات الدولية.

وقالت وسائل اعلام اسرائيلية، المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إن المجلس الوزاري المصغر يقدر أن هناك احتمالا كبيرا أن تفتح محكمة الجنايات الدولية تحقيقا رسميا ضد إسرائيل حول جرائم حرب ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية المحتلتين، موضحة أن المجلس الوزاري المصغر قد ناقش هذا الموضوع في يوم الأربعاء الماضي وتم طرح سيناريوهات قاسية جدا بحال قررت محكمة الجنايات الدولية فتح ملف تحقيق بحق مسؤولين إسرائيليين منها إصدار تعليمات باعتقال مشتبهين من بينهم.

  المجلس الوزاري المصغر يقدر أن هناك احتمالا كبيرا أن تفتح محكمة الجنايات الدولية تحقيقا رسميا ضد إسرائيل

يشار إلى أن المدعية العامة الرئيسية في محكمة الجنايات الدولية باتو بنسودا أوصت قبل نحو الشهر بفتح تحقيق رسمي ضد قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين وكذلك ضد حماس حول ارتكابهم جرائم ضد البشرية مما أثار حفيظة حكومة الاحتلال. وقتها طلبت بنسودا مصادقة قضاة المحكمة الدولية على توصيتها بفتح ملف تحقيق وكرست لذلك مدة 120 يوما.

واستمع الوزراء لتقديرات وشروحات جهات قضائية مهنية حول محكمة الجنايات الدولية وتاريخها وفعالياتها، وتم التشديد على أنها أقيمت كواحدة من دروس المحرقة والكارثة خلال الحرب العالمية الثانية. وفي نطاق هذه التقديرات طرح احتمال كبير بتبني قضاة محكمة الجنايات الثلاثة هذه التوصيات وبالتالي إصدار تعليمات بفتح ملف تحقيق ضد مسؤولين إسرائيليين.

الخطر الأكبر

وشدد الخبراء القانونيون على مسامع الوزراء الإسرائيليين على وجود مخاطر فورية لأن فتح ملف تحقيق -خطوة يفترض أن تتم خلال 90 يوما- سيترتب عليه تبعات خطيرة جدا بالنسبة لإسرائيل. ومن جملة الاحتمالات والتقديرات التي طرحت في اجتماع المجلس الوزاري طرح خيار إصدار أوامر اعتقال سرية من قبل محكمة الجنايات الدولية ضد مشتبهين إسرائيليين لهم صلة بالحرب على غزة عام 2014، علاوة على مسؤولين لهم صلة بالاستيطان في الضفة الغربية المحتلة.

وحسب هذه التقديرات فإن الخطر الأكبر يتعلق بالنشاط الاستيطاني في الضفة الغربية وفي مدينة القدس المحتلة. وهذا يعني أن مسؤولين إسرائيليين سيجدون أنفسهم معتقلين خلال زيارات لهم في دول تشارك في عضوية محكمة الجنايات الدولية، ويتم تسليمهم لها من قبل سلطات محلية دون معرفتهم المسبقة بأن أمر بالاعتقال صدر بحقهم.

والحديث حسب وسائل اعلام اسرائيلية يشمل رؤساء إسرائيل وقادة جيشها وضباطها وجنودها ممن شاركوا في حرب “الجرف الصامد” على غزة عام 2014 أو بعدها. كذلك من شأن هذه الأوامر بالاعتقال أن تطال مسؤولين عن قمع مسيرات العودة على طول الحدود مع قطاع غزة.

معظم دول العالم

يشار إلى أنه عدا الولايات المتحدة وروسيا فإن الأغلبية الساحقة من دول العالم تشارك في عضوية محكمة الجنايات الدولية ومن ضمنها كندا وأستراليا ودول الاتحاد الأوروبي ودول أمريكا الجنوبية ومعظم دول إفريقيا. وأوضحت “يسرائيل هيوم” أن المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل قد بحث تحديا آخر يواجهها يتمثل بالمساس بصورتها وباقتصادها بحال تم فعلا فتح ملف تحقيق دولي بحقها.

وتقول إنه بمثل هذه الحالة من المتوقع أن يمارس الفلسطينيون وحلفاؤهم ضغوطا على شركات اقتصادية دولية كي تمتنع عن الاستثمار في إسرائيل لكونها دولة مشتبهة بارتكاب جرائم حرب. كما سيكون من المتوقع ممارسة ضغوط على فنانين ورموز ثقافة كي لا يقوموا بزيارة إسرائيل كما جرى في ذروة حملة نزع الشرعية عنها في الماضي.

  تم في الاجتماع استذكار المساعي الفاشلة في الماضي لإقناع مسؤولين في محكمة الجنايات الدولية بعدم فتح ملف تحقيق جنائي ضدها

وتم في الاجتماع عرض سبل مواجهة هذه المخاطر التي تهدد إسرائيل مثلما تم استذكار المساعي الفاشلة في الماضي لإقناع مسؤولين في محكمة الجنايات الدولية بعدم فتح ملف تحقيق جنائي ضدها. كذلك تم تداول المواجهة بين محكمة الجنايات الدولية وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قرر منع موظفيها من دخول الولايات المتحدة بعدما أعلنت نيتها التحقيق مع جنود أمريكيين حول أحداث في أفغانستان.
ونوهت لتنازل قضاة محكمة الجنايات الدولية عن التحقيق مع أمريكيين حول ما جرى في أفغانستان غداة التهديدات الصادرة عن إدارة ترامب، لكن المدعية العامة في المحكمة قررت تقديم استئناف على ذلك مما أعاد ملف التحقيق للهيئة العليا للمحكمة.

هنغاريا

وكشف أن الوزراء تباحثوا في سبل مواجهة احتمال فتح ملف تحقيق بحق إسرائيل وأن الأخيرة تقوم حاليا باستخدام أدوات دبلوماسية من أجل تجنيد دول صديقة لها في العالم من أجل الضغط على المحكمة الدولية ومنعها من فتح ملف تحقيق بحقها. وقالت إن هنغاريا كانت أولى الدول التي استجابت لطلب إسرائيل بهذا المضمار؛ حيث كتب وزير خارجيتها بيتر سيزارتو لنظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنه لا توجد صلاحية لمحكمة الجنايات الدولية لفتح ملف تحقيق بحق إسرائيل، وتابع: “هنغاريا تشاطر إسرائيل قلقها من وجود تسييس للمحكمة الدولية”.

ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية، عن مصادر شاركت في اجتماع المجلس الوزاري المصغر قولها إن الحديث لا يدور عن خطر مستقبلي بل فوري وخطير جدا مما يتطلب مواجهته بقوة كبيرة وخاصة. وتابعت هذه المصادر: “مثل قرار المحكمة هذا سيضع إسرائيل بدرجة واحدة مع دول ظلامية في إفريقيا شهدت فعلا جرائم مرعبة منها مذابح وهذا أمر لا يطاق. المحكمة الدولية هذه لا تبحث بما تشهده سوريا أو إيران أو الصين بل تستهدف إسرائيل. هذا تهديد يلزمنا بجواب سريع وحاسم”.

ونقلت عن مصدر آخر قوله إنه لن يكون بمقدور إسرائيل وحدها مواجهة خطر فتح ملف تحقيق ضدها في محكمة الجنايات الدولية وإنها تحتاج مساعدة كبيرة من قبل الولايات المتحدة.

وبسياق متصل دعا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الوزراء إلى عدم السفر إلى الخارج حتى يتم إجراء تصويت عام على إنشاء لجنة للكنيست لمناقشة طلب الحصانة له. وحسب ما نشرته القناة الإسرائيلية 12 شملت التوجيهات بعدم السفر جميع الوزراء من جميع الأحزاب في الحكومة، وليس وزراء الليكود فقط، وسيتطلب الأمر إجراء تصويت عام لتشكيل اللجنة، ويريد نتنياهو التأكد من حضور جميع الوزراء للتصويت.

يشار إلى أن الليكود حاول منع إنشاء لجنة الكنيست وسعى إلى تأجيل النقاش حول الحصانة إلى ما بعد الانتخابات المقبلة في مارس. كذلك فإن خطوة تأجيل إنشاء اللجنة وتأجيل الجلسة بناءً على طلب نتنياهو من شأنها تأخير بدء محاكمته في قضايا الفساد.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي