قتل أطفالهم وشردهم من بيوتهم.. نازحون سوريون يستذكرون “جرائم” سليماني بحقهم

(أ ف ب)
2020-01-10

سوريا - في مناطق عدة في الشرق الأوسط، يُعد الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني الذي قتلته واشنطن في بغداد قبل أسبوع بطلاً. لكن في شمال غرب سوريا، يحمّله كثيرون مسؤولية نزوحهم وفقدان أحبائهم خلال سنوات الحرب.

ويُعتبر سليماني مهندس السياسة الإيرانية في دول عدة في المنطقة بينها سوريا، حيث تقدم طهران الدعم العسكري والاقتصادي لدمشق منذ اندلاع النزاع في عام 2011. وساهم تدخلها مع مجموعات شيعية موالية لها، على رأسهم حزب الله اللبناني، بدءاً من عام 2013، في تغيير موازين القوى على الأرض لصالح قوات النظام.

ويقول اسماعيل العسلي (22 عاماً) “لم تحدث مجزرة إلا وكان (سليماني) شريكاً فيها مع قوات النظام وروسيا”، مضيفاً: “هؤلاء شركاء في قتل السوريين وأطفالنا”.

قبل سنوات، نزح اسماعيل من جنوب محافظة إدلب إلى شمالها حيث يقيم في مخيم قرب بلدة قاح القريبة من الحدود التركية. ويروي كيف قُتلت زوجته وشقيقه وابن شقيقه بصاروخ استهدف المخيم في تشرين الثاني/نوفمبر كانوا بين 16 مدنياً أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتلهم.

ونجا إسماعيل من القصف لكنه أصيب في رجليه فيما بترت رجل طفله جمعة البالغ عاماً واحداً.

ويعتبر اسماعيل أن سليماني والمجموعات المقاتلة الموالية له “تسبّبوا في ظلم ناس كثيرين” في سوريا.

على غرار اسماعيل، خسر محمود شريمو النازح من مدينة حلب في الشمال طفلته الرضيعة جراء صاروخ استهدف منزله وتسبب بدماره عام 2015.

ويقول: “لا يشعر بالألم إلا صاحبه، وسليماني لم يخسر أي فرد من عائلته حتى يشعر بما أحسست به”، مضيفاً: “تهجرنا من حلب إلى إدلب، وكان النظام السوري وإيران خلف ذلك”.

“ذكره خالد”

وسيطرت قوات النظام مع مجموعات موالية لها، بعضها موال لإيران، نهاية عام 2016 على مدينة حلب بالكامل، إثر هجوم واسع شنته بغطاء جوي روسي. وأعقب الهجوم سنوات من المعارك وحصار محكم للأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ صيف عام 2012.

وانتهى الهجوم بعد إجلاء عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين المعارضين إلى إدلب. وشكلت خسارة مدينة حلب ضربة قاصمة للفصائل المعارضة.

وبحسب المرصد السوري، لعب سليماني دوراً حاسماً في منع الفصائل المعارضة، حين كانت في أوج نفوذها، من حصار مدينة حلب بالكامل في عام 2013، بعدما كانت قد سيطرت على أحيائها الشرقية.

وقبل أيام من إعلان قوات النظام سيطرتها على مدينة حلب، تداولت مواقع إخبارية وصفحات موالية صورة تظهر سليماني قرب قلعة حلب الأثرية، ما أثارت حينها انتقادات معارضي النظام، وسلط الضوء على دور سليماني الميداني.

وأصيب سليماني بجروح طفيفة في مواجهات بين قوات النظام والفصائل المعارضة في ريف حلب الجنوبي في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، بحسب مصدر أمني سوري ميداني والمرصد، لكن طهران نفت حينها هذه “المزاعم”.

ولا يقتصر تدخل سليماني المباشر في المعارك على حلب، بل توسّع لاحقاً ليشمل منطقة البوكمال (شرق) القريبة من الحدود العراقية، والتي تردد مراراً إلى جبهاتها وقاد معارك قوات النظام ضد تنظيم “الدولة” وتمكن من طرده منها في عام 2017.

على جبهات أخرى في البلاد، تصدرت مجموعات شيعية موالية لإيران المواجهات ضد الفصائل المعارضة، أبرزها حزب الله الذي قاد معارك عدة خصوصاً في محافظة حمص.

وثمّن رئيس النظام السوري بشار الأسد أهمية دعم سليماني لقواته خلال سنوات الحرب.

وقال في بيان قبل أسبوع: “سيبقى ذكر الشهيد سليماني خالداً في ضمائر الشعب السوري الذي لن ينسى وقوفه إلى جانب الجيش العربي السوري في دفاعه عن سوريا ضد الإرهاب وداعميه، وبصماته الجلية في العديد من الانتصارات ضد التنظيمات الإرهابية”.

نهاية “الظلم”

ويعتبر الباحث في معهد “بروكينغز” شادي حميد في مقال نشره في مجلة “أتلانتيك” الخميس، أن نظام الأسد “مع رعاته الإيرانيين بقيادة سليماني شنوا اعتداءً وحشياً على السوريين منذ أكثر من ثماني سنوات”، كلّف “مئات الآلاف من السوريين حياتهم منذ فترة طويلة”.

وبينما خرج المئات من أهالي مدينة حلب في تظاهرة الثلاثاء، رفعوا خلالها صور سليماني وأشادوا بـ”أياديه البيضاء في تحرير المدينة”، على حد تعبير أحد المشاركين، كان آخرون احتفلوا قبل أيام بمقتله بتوزيع الحلوى.

ويقول أبو أحمد (35 عاماً) الذي نزح من حلب: “كان دور روسيا قصف المدنيين من الجو لكن سليماني هو من كان على الأرض وقاد الحملة العسكرية الإيرانية، لذلك يشعر أهالي ريف حلب وإدلب اليوم بالسرور” لمقتله.

ويرى أبو أحمد الذي قتلت زوجته وابنه بقصف على منزلهم في الشهر الأخير من الهجوم على حلب، قبل خروجهم من ثم إجلائهم إلى إدلب، أن “أي شخص وضعه مشابه لوضعي سيعتبر موت سليماني نصراً على الظلم والمرارة التي ذقناها”.

ويعتبر أن العبرة من مقتله أنه “لكل ظالم نهاية”.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي