البنوك التركية على مفرمة القرارات الخاطئة لـ "أردوغان"

2020-01-05

بعيداً عن المؤشرات السلبية والمأزق الكبير الذي يواجهه الاقتصاد التركي، فقد تسببت القرارات الخاطئة للرئيس رجب طيب أردوغان في أن تواجه البنوك التركية العديد من الأزمات، على رأسها تآكل أرباح غالبية البنوك، وهو ما يعود بشكل مباشر إلى القرارات الخاطئة لـ"أردوغان" وتدخله بشكل صارخ في إدارة السياسة النقدية للبلاد وإقالته للمحافظ السابق للبنك المركزي الذي كان يعارض هذا التدخل السافر.

البيانات الرسمية تشير إلى أن أرباح القطاع المصرفي التركي تراجعت بشدة خلال فترة الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2019 بنسبة 8%، بينما وصلت نسبة الديون المتعثرة إلى 5.23%.

ووفقاً لما حمله تقرير مؤسسة الرقابة والتنظيم المصرفي في تركيا، تراجعت أرباح البنوك التركية بنسبة 8% على المستوى السنوي، لتصل إلى نحو 45.61 مليار ليرة تركية (7.63 مليار دولار)، بينما وصل معدل كفاية رأس المال إلى مستوى 18.63%.

انتقادات عنيفة بسبب الإدارة الخاطئة للسياسة النقدية

ووفقاً لوكالة "بلومبيرغ"، فإن القطاع المصرفي التركي يواجه العديد من الأزمات في الوقت الحالي، حيث قرر البنك المركزي التركي الأسبوع الماضي، زيادة نسب متطلبات الاحتياطي على الودائع الأجنبية في القطاع المصرفي المحلي من 13 إلى 15% اعتباراً من 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو ما جاء في إطار محاولات كثيرة لوقف تدهور سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي.

وتعرضت السلطات المسؤولة عن إدارة السياسة النقدية في تركيا للعديد من الانتقادات في وقت سابق من العام الماضي لتبنيها آلية تبادل العملات الأجنبية التي سمحت لها بزيادة الاحتياطيات بأموال مقترضة، إذ بلغ إجمالي الاحتياطيات نحو 78.3 مليار دولار في 20 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وفي وقت سابق، ألمح وزير الخزانة والمالية التركي بيرات البيرق، إلى أن صانعي السياسة النقدية في تركيا قد يقرون أحدث اللوائح المتعلقة بمتطلبات الاحتياطي بحلول نهاية عام 2019. ومن المتوقع أن يتم سحب حوالي 2.9 مليار دولار من السيولة المتاحة بالعملات الأجنبية من السوق نتيجة هذا الإجراء، وفقاً لبيان أصدره البنك المركزي التركي قبل أيام.

معدلات التضخم تقفز متجاوزة التوقعات

على صعيد التضخم، أظهرت بيانات رسمية حديثة ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين في تركيا أكثر من المتوقع إلى مستوى 11.84% على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وأشار استطلاع سابق أجرته وكالة "رويترز"، إلى أن توقعات المحللين كانت تدور في إطار أن تبلغ معدلات التضخم مستوى 11.56% خلال الشهر الماضي، وكان أعلى تقدير بين الاقتصاديين الثلاثة عشر المشاركين عند مستوى 11.9%. وبلغ التضخم 0.74% مقارنة مع الشهر السابق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو ما تجاوز أيضا توقع الاستطلاع البالغ 0.49%.

ووفقا للبيانات الصادرة عن معهد الإحصاءات التركي، فإن التضخم السنوي في تركيا ارتفع بقوة خلال عام 2018 بسبب الأزمة التي شهدتها سوق الصرف وانهيار الليرة التركية ما تسبب في ارتفاع كلفة الواردات التركية بنسب كبيرة.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2018، بلغ معدل التضخم في تركيا مستوى 21.6%، لكنه عاود الانخفاض إلى 8.55% في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019. وارتفع مؤشر أسعار المنتجين 0.69% عن الشهر السابق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ليصبح معدل الزيادة السنوية 7.36%.

قفزة كبيرة بعجز التجارة الخارجية

في سياق متصل، فقد سجل العجز في حجم التجارة الخارجية التركية قفزة كبيرة على أساس سنوي خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. حيث كشفت البيانات عن أن العجز في التجارة الخارجية التركية قفز بنسبة 232.2% ليرتفع إلى 2.234 مليار دولار.

وأشارت البيانات إلى أن الصادرات التركية ارتفعت بنسبة ضئيلة للغاية بلغت 0.1% على أساس سنوي، لتصل إلى 15.503 مليار دولار، في حين قفزت الواردات بنسبة 9.7% لتصل إلى 17.737 مليار دولار. وكانت بيانات سابقة أظهرت ارتفاع عجز التجارة الخارجية التركية بنسبة 1.2% على أساس سنوي في أغسطس (آب) الماضي إلى نحو 2.5 مليار دولار.

وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي، تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في البلاد خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي مقارنة مع نوفمبر (تشرين الثاني)، ليسجل انخفاضا بعد ارتفاع استمر شهرين.

الليرة التركية تواصل خسائرها مقابل الدولار

فيما تراجعت الليرة التركية حوالي 0.6% أمام الدولار الأميركي، مسجلة أضعف مستوياتها في نحو شهرين، بفعل بواعث القلق حيال العلاقات مع الولايات المتحدة، وتوقعات لمزيد من خفض أسعار الفائدة، وسجلت الليرة التركية 5.97 مقابل الدولار في التعاملات الأخيرة.

وفقدت الليرة التركية أكثر من 9% من قيمتها أمام الدولار الأميركي خلال عام الماضي، لأسباب في مقدمتها المخاوف من تدهور العلاقات بين أنقرة وواشنطن، نظرا للخلافات بشأن سوريا وشراء تركيا منظومة الدفاع الصاروخي الروسية. وأخيراً، أيدت لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون يدعو إلى معاقبة أنقرة على شرائها النظام الصاروخي وتوغلها العسكري داخل سوريا.

وتراجع مؤشر ثقة المستهلكين في تركيا إلى مستوى 58.8 نقطة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن وصل إلى 59.9 في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وانخفض المؤشر في مايو (أيار) الماضي إلى 55.3 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ بدء نشر البيانات في 2004، بالتزامن مع تضرر الاقتصاد التركي بفعل الركود. ويشير مستوى الثقة دون 100 نقطة إلى توقعات متشائمة، بينما تشير القراءة فوق 100 نقطة إلى التفاؤل.

صندوق النقد الدولي يحذر من خفض الفائدة

وبسبب التدخلات المستمرة من قبل الرئيس التركي في إدارة السياسة النقدية وإصراره على خفض الفائدة دون النظر إلى النظريات والمدارس الاقتصادية، قال صندوق النقد الدولي في تقرير حديث، إن تيسير السياسة النقدية في تركيا قد "ذهب بعيداً جداً"، داعياً أنقرة إلى سياسة مالية محايدة في العام المقبل.

وخفض البنك المركزي التركي معدل الفائدة بشكل حاد خلال العام الماضي منذ يوليو (تموز) الماضي بمقدار 1200 نقطة أساس لتصل إلى مستوى 12%. وأوصى صندوق النقد تركيا باتخاذ موقف مالي محايد في العام المقبل، مشيراً إلى أن تقليصاً متواضعاً ضروري لضمان بقاء الدين العام منخفضاً.

وفي حين ساعد التحفيز المالي الأخير الاقتصاد على التعافي، فقد زاد العجز الأساسي بشكل كبير حيث قامت أنقرة بمراجعة عجز موازنتها المتوقع لعام 2019 إلى 125 مليار ليرة (21 مليار دولار) من 80.6 مليار ليرة (13.5 مليار دولار) سابقًا.

وأضاف صندوق النقد، "نظراً لتوقعات التضخم التي لا تزال مرتفعة يجب أن تركز على خفض التضخم بشكل دائم، مما سيساعد على خفض معدلات الفائدة"، مشيراً إلى أن التيسير الأخير للسياسة النقدية قد ذهب أبعد من اللازم.

وأوضح أن السياسة المالية يجب أن تكون عاملاً رئيسياً للسياسات الحكومية، داعياً أيضاً إلى سياسة نقدية أوضح لتعزيز الشفافية ومصداقية البنك المركزي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي