مظاهرات الخميس الأسود.. الاقتصاد الفرنسي يتكبد خسائر بالمليارات

2019-12-06

يتواصل الإضراب العمالي، الجمعة 6ديسمبر2019، في فرنسا بعدد من القطاعات الحيوية بعد يوم أمس الذي وصف بالخميس الأسود، إثر إضراب عام غير مسبوق منذ زهاء نحو ربع قرن، في القطاعين العام والخاص، احتجاجا على مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد الذي تعتزم حكومة إيمانويل ماكرون تمريره.

وأعلنت كبرى النقابات العمالية أن الإضراب سيستمر حتى يوم الاثنين المقبل على الأقل، وهو ما قد يوجه ضربة قاصمة لعجلة الاقتصاد الفرنسي التي تئن منذ عام تحت وطأة الاحتجاجات الأسبوعية لحركة السترات الصفراء التي خلفت خسائر فادحة في الاقتصاد الفرنسي قدرت بستة مليارات يورو، كما كشف عن ذلك وزير الاقتصاد الفرنسي برينو لومير، قبل أسابيع.

شلل شبه كامل

خرجت نحو ثلاثمئة مظاهرة احتجاجية في ربوع فرنسا، وقدر عدد المحتجين بنحو مليون ونصف المليون متظاهر، وهو رقم غير مسبوق منذ احتجاجات عام 1995 الشهيرة التي شلت حركة البلاد لمدة ثلاثة أسابيع متتالية، وهو السيناريو المرعب الذي تخشى الحكومة تكراره.

وشارك في المظاهرات طلبة وأساتذة ومهنيون وحرفيون، وأطباء وممرضون، فضلا عن نقابيين ومحامين، ورجال إطفاء ومتقاعدين، ومزارعين.

وشلت حركة الاحتجاجات مختلف القطاعات العامة، خصوصا النقل والتعليم والصحة، والخدمات مثل البلديات وقطاع الكهرباء والمحلات التجارية.

وألغيت 90% من رحلات قطارات سكك الحديد والمترو والحافلات ونحو 30%، من الرحلات الجوية، فيما أغلقت معظم المدارس أبوابها، بسبب إضراب الأساتذة والمعلمين، وهو ما أجبر آلاف الأهالي على البقاء في منازلهم  للتكفل بأبنائهم.

كما أغلقت غالبية الوجهات السياحية في باريس وعدد من المدن أبوابها أمام السياح مثل برج إيفل، وقوس النصر ومتحف اللوفر وقصر فيرساي، إضافة إلى كبرى المحلات التجارية الفخمة في جادة الشانزيليزيه، والمسارح والمتاحف والمكتبات.

واعتبر المحلل السياسي الفرنسي وعالم الاجتماع محمد كاكي، أن المظاهرة تاريخية بامتياز، لأنها وحّدت الفرنسيين من كل الفئات الاجتماعية على اختلاف أعمارهم ووظائفهم وتوجهاتهم السياسية.

وأكد كاكي للجزيرة نت أن مطالب هذه المظاهرة ليست فقط لرفض إصلاح نظام التقاعد، بل للمطالبة برفع الأجور ومستوى معيشة الفرنسيين الذين أثقلت الحكومة كاهلهم بمزيد من الضرائب، وهو ما نتج عنه ارتفاع عدد الفقراء في فرنسا حيث بلغ عددهم تسعة ملايين فقير، حسب آخر تقرير حكومي.

ولفت عالم الاجتماع، إلى أن هناك غضبا متراكما منذ سنوات لدى فئات عريضة من الشعب الفرنسي الذي أحس بأن الحكومة الحالية تتصرف بازدراء مع مطالبه المشروعة، بل وتمضي في مصادرة حقوقه التي اكتسبها بعد عقود من النضال النقابي، حسب وصفه.

عجز في الموازنة

في المقابل، أكد الخبير الاقتصادي، أستاذ المالية في جامعة باريس، كامل الساري أن الحكومة تراهن على إصلاح نظام التقاعد بشكل كبير من أجل الحد من مديونية الدولة الذي يثقل كاهلها منذ عقود، ويكلفها عشرات المليارات من اليورو سنويا، بسبب ارتفاع نسبة عدد المتقاعدين في فرنسا الذي وصل إلى 16 مليونا، كما أنه يسهم في خفض الإنتاج الإجمالي المحلي لفرنسا، حسب وصفه.

وإعلان النقابات العمالية مواصلة الإضراب إلى غاية يوم الاثنين المقبل، سيشل بشكل عميق القطاعات الحيوية في البلاد، وسيوقف عجلة الاقتصاد التي لا تزال بطيئة بسبب الاحتجاجات الأسبوعية لحركة السترات الصفراء على مدى عام كامل.

600 مليون يورو يوميا

أوضح كامل الساري، أنه حسب توقعات أحد أهم المؤسسات المالية الفرنسية، المختصة فإن إضراب يوم واحد، (الخميس) سيكلف الحكومة الفرنسية نحو ستمئة مليون يورو، (664 مليون دولار) تتمثل في عدم دخول عائدات مالية مهمة لخزينة الدولة، بسبب شلل الحركة في مختلف القطاعات الحيوية بالبلاد، وبسبب التوقف شبه الكامل للحركة في معظم وسائل النقل مثل القطارات والطائرات والمترو، إضافة إلى عدم دخول عائدات الضرائب للخزينة، من المطاعم والفنادق والمحلات التجارية.

ولفت الخبير الاقتصادي في تصريح للجزيرة نت، إلى أنه في حال استمر الإضراب لأيام عدة -خصوصا أن فرنسا تستعد لاستقبال ملايين السياح باعتبارها أول وجهة سياحية في العالم بمناسبة احتفالات أعياد الميلاد والسنة الجديدة- فإن ذلك سيكبد الاقتصاد الفرنسي خسائر مالية بمليارات الدولارات، حسب تقديره.

وقدر خبراء اقتصاديون آخرون خسائر الاقتصاد الفرنسي يوم أمس الخميس فقط، بأكثر من سبعة مليارات يورو، وذلك من خلال اعتماد قاعدة علمية بسيطة، وهي قسمة الناتج الإجمالي المحلي لفرنسا الذي يقدر بـ2.6 تريليون يورو (2.9 تريليون دولار) على عدد أيام السنة، (365 يوما).







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي