"التراث المعجمي العربي".. موشور لغوي بكل الألوان

الامة برس
2019-09-09

 

يؤرّخ رمزي منير بعلبكي في كتابه الصادر حديثًا تحت عنوان "التراث المعجمي العربي من القرن الثاني حتى القرن الثاني عشر للهجرة" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) للتراث المعجمي منذ نشأته في القرن الثاني للهجرة، وصولًا إلى القرن الثاني عشر. تأريخ يكشف ويُضيء التنوّع الكبير الذي كان قائمًا في أنماط التصنيف المعجمي العربي لجهة الموضوعات، وكذا ترتيب المواد والتأكّد من صحّتها وشواهدها. ناهيك عن المكانة الرفيعة والمحورية التي حازتها المص في اشتغاله على تشريح تضاريس التراث المعجمي، يبيّن بعلبكي أنّ نشأة المعجم العربي كان نتيجة جهود اللغويين الأوائل في دراسة أصوات العربية وصرفها ونحوها، بالإضافة إلى دراسة القرآن الكريم على وجه الخصوص، نافيًا أن يكون هناك أي وجود لأي تأثيرٍ أجنبي.

 

يبدأ الباحث والمؤرّخ اللبنانيّ كتابه "التراث المعجمي العربي من القرن الثاني حتى القرن الثاني عشر للهجرة" بالبحث والحفر في النشاط اللغوي المبكّر والعوامل التي ساهمت مجتمعةً في ظهور المعاجم الأولى. وتحت عنوان "بدايات النشاط المعجمي"، سيأتي بعلبكي على ذكر وتشريح الدراسة اللغوية المبكّرة، وكلام الأعراب، مٌضيفًا إليهما المعاجم الأولى. ولا يتوقّف المؤلّف هنا، بل يضيف إلى كلّ ما سبق ملاحظاته حول الدراسات الحديثة للمعجم العربي، وأصالة التراث المعجمي، مؤكّدًا أنّ اللغويين عدّوا كلام فصحاء الأعراب النموذج الأعلى للعربية.

 

المعاجم المبوبّة المعنية بالمعنى وصولًا إلى اللفظ، هو الموضوع الذي سيتناوله بعلبكي في الباب الثاني من كتابه. ويقصد المعاجم التي يتحرّى فيها الباحث اللفظ أو الألفاظ الواقعة تحت معنى ما، في حين أنّ الباحث في المعجم المجنّس "يبدأ باللفظ فيبحث عنه في موقعه في الترتيب فيجد معناه. والضرب المبوّب يشتمل على الرسائل والكتب التي أُفردت لموضوع واحد – كالمعرّب، واللحن، ولأبنية... إلخ – كما يشتمل على المؤلّفات الموسوعية التي تضمّ بين دفّتيها موضوعات مختلفة". ومن المعاجم المبوبة سينقل رمزي بعلبكي إلى دراسة غريب القرآن وغريب الحديث وغريب اللغة والنوادر، قبل أن يضع نصب عينيه البحث في مواضيع عديدة، منها الكتب غير المرتّبة ألفبائيًا، والكتب المرتّبة ألفبائيًا، وكتب الأمثال المختصّة، ولحن العامّة، والحروف والأصوات وغيرها.

في الباب الثالث من الكتاب سيتحدّث رمزي منير بعلبكي عن المعاجم المجنّسة التي يراد بها المعجم عند إطلاقه في الاستعمال العام ويوضّح المؤلّف للقارئ الفرق بين هذه المعاجم والمعاجم الأخرى، مؤكّدًا أنّ سمتها الأبرز هي أنّ الباحثين فيها يراجعون اللفظ وصولًا إلى المعنى. وعلى خلاف بقية المعاجم الأخرى، تسعى هذه المعاجم إلى استيعاب جميع جذور اللغة. يقول بعلبكي: "الباب لباب الثالث هذا مؤلَّف من ثلاثة أقسام تقابل أنواع الترتيب الثلاثة المعروفة، أي الترتيب على مخارج الحروف مع التقليبات، والترتيب الألفبائيّ، ونظام التقفية أو الترتيب على أواخر الحروف. وسوف نبيّن طبيعة الترتيب في المعاجم المجنَّسة في الأقسام الثلاثة، إلا أن تركيزنا سوف يتعدّى ذلك إلى قضايا جوهريّة أُخرى، من مثل التوسّع في إيراد المفردات أو عكس ذلك، والمواقف المختلفة من إيراد الغريب أو النادر، والترتيب الداخليّ للموادّ ضمن الجذور، ونقد المعجميّين لأعمالِ مَن سَبَقَهم".

 

ومن القسم الأول وصولًا إلى القسم الثالث والأخير، والمعنونة بالترتيب بـ "المعاجم المرتّبة على مخارج الحروف والتقاليب"، و"المعاجم المرتّبة ترتيبًا ألفبائيًا"، و"المعاجم المرتّبة على نظام التقفية"؛ يتناول المؤلّف، بحثًا ودراسة، المعاجم والكتب التالية: "معجم العين" للخليل بن أحمد الفراهيدي، و"معجم البارع في اللغة" لأبي عليّ القاليّ، و"معجم تهذيب اللغة للأزهري"، و"المحيط في اللغة" للصاحب بن عبّاد، و"المحكم والمحيط الأعظم" لابن سِيْدَهْ. بالإضافة إلى كتاب "الجيم" لأبي عمرو الشيباني، و"جمهرة اللغة" لابن دريد، و"مقاييس اللغة ومجمل اللغة" لابن فارس، و"أساس البلاغة للزمخشري. ناهيك عن "التقفية في اللغة" للبندنيجي، و"تاج اللغة وصحاح العربية" للجوهريّ، و"العُباب الزاخر واللُّباب الفاخر" للصّغاني، و"لسان العرب" لابن منظور، و"القاموس المحيط" للفيروز آبادي. على أن يكون الختام مع "تاج العروس من جواهر القدموس" للزّبيدي.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي