مدينة ما بعد النفط.. قطر تستعد لرؤية 2030 في لوسيل

خدمة الأمة برس
2019-08-23

 من بين رمال الساحل القطري، ترتفع الأشكال الشاهقة من الزجاج والصلب والخرسانة في لوسيل، وهي مدينة بُنيت بالكامل تقريباً من الصفر. هذه الحاضرة الفرعونية في حجمها وطموحها، والجاري إنشاؤها هي رؤية الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والتي وُلدت جزئياً من الرغبة في تنويع الاقتصاد القطري وإبعاده عن الاعتماد على النفط.

 
 
وكانت هذه المدينة التي تموّلها الحكومة عن طريق شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، قد جرى تصورها للمرة الأولى عام 2005، لكنَّ التطوير بدأ بالفعل عندما أُعلن عن استضافة قطر لكأس العالم 2022، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
 
درة تاج رؤية 2030
 
وتعد هذه المدينة أيضاً واسطة العقد في رؤية 2030 الحكومية لخطة التنمية المستدامة، مع مجموعة من المزايا بدءاً من خطط تصميم المواقع الطبيعية الحساسة للمياه إلى نظام تبريد مناطقي مصمم لتوفير 65 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
 
وعلى الرغم من كون لوسيل مركزاً حضرياً، فهي أيضاً امتداد للدوحة، عاصمة قطر. فالمدينتان على بُعد 15 كيلومتراً من بعضهما وسوف ترتبطان بخطوط المترو وأحدث خطوط القطارات. ويأمل المطورون بأنَّ الناس سوف يجذبهم مرسى المدينة، وهو أحد أكبر المراسي في الخليج، إلى جانب مراكز التسوق وأحياء الأعمال وملاعب الغولف والجزر الاصطناعية ومدينة الملاهي.
 
هذه المدينة واحدة من عدد من التطورات المصممة لتوقع الحاجة لإسكان عدد متزايد على نحو دراماتيكي من السكان؛ إذ ارتفع عدد سكان قطر بين عامَي 2004 و2010 بنسبة 125%، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدفع من أجل جذب العمال الأجانب.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مدينة العيش الرغيد وفي متناول اليد
 
 
 
لا يزال القطريون يمثلون أقلية، فمن بين سكان البلاد البالغ عددهم 2.6 مليون نسمة، يبلغ عددهم حوالي 313 ألف نسمة. ويعود النمو السكاني الهائل إلى حد كبير للعمال القادمين من البلدان النامية مثل باكستان ونيبال وبنغلاديش، والذين يعملون بشكل رئيسي عمالاً يدويين لمشروعات البناء في البلاد، بما ذلك البنية التحتية الضرورية لتنظيم كأس العالم.
 
ويبدو أنَّ المدينة مصممة لإغراء المزيد من العمال من أصحاب المهارات العالية من الدول المتقدمة بوصفهم جزءاً من استعداد البلاد لعصر ما بعد النفط للعيش والسكن فيها.
 
 
الصحيفة البريطانية التقت باثنين من سكان لوسيل الأوائل: تشايون تشونغ، وهو إخصائي اتصالات من كوريا الجنوبية، وصديقته وجارته صوفي ناولاند، وهي أسترالية انتقلت إلى قطر للتدريس. ما جذب تشونغ إلى لوسيل كان حداثة المدينة ورخصها مقارنة بالدوحة والهندسة المعمارية المدهشة الجديدة المنبثقة كل يوم -فالمنازل في الحي الذي يقطن فيه تشونغ وناولاند على سبيل المثال مستوحاة من الهندسة المعمارية الإيطالية. كما أنَّ خطوط النقل المخطط إنشاؤها في لوسيل لتربطها بالدوحة وغياب الازدحام المروري من الأمور الجذابة أيضاً، وليس لتشونغ وحده؛ إذ قال تشونغ: «قبل عامين، لم يكن ثمة أحد هنا. وفي العام الماضي جاء المزيد والمزيد من الناس».
 
 
مدينة للتنمية المستدامة
 
وتأمل الحكومة القطرية بأنَّ لوسيل سوف تجعل البلاد نموذجاً للشرق الأوسط من حيث الاستدامة والتنمية البشرية والاقتصاد والسياحة والرياضة. فعندما يستضيف ملعب المدينة الذي يتسع لـ80ألف مقعد المباراتين الافتتاحية والنهائية لكأس العالم لكرة القدم عام 2022، سوف تكون عيون العالم عليها.
 
 
ومع ذلك، ففي الوقت الحالي لم يُبنَ من المدينة سوى جزء صغير؛ إذ لا يوجد سوى عدد قليل من المكاتب ومقهى واحد مفتوح، لكنَّ الناس يأتون بالفعل من الدوحة للتجول في المرسى ليلاً عندما يكون الجو أكثر برودة، ومما لا شك فيه أنَّ المزيد سوف يأتون لاستكشاف المدينة الجديدة في غضون شهور قليلة عندما يبدأ تشغيل المترو.
 
ومع نمو المدينة، يحول تصميم المناظر الطبيعية المزيد والمزيد من رمال الصحراء إلى اللون الأخضر، ومع ذلك تجري استعادة المزيد من الأراضي من البحر للبناء عليها. وبينما أشاهد مدينة المستقبل هذه يجري تشييدها أمام ناظري، ينتابني شعور قوي للغاية بأنَّ أي شيء ممكن.
 
 
 
 
 
 






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي