فردوس البحر الأحمر ..جزيرة كمران .. حصن ملوك تهامة واستراحة الملكة إليزابيث

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2013-11-23

 الحديدة (الجمهورية اليمنية) -صالح البيضاني - وصفوها بسقطرى البحر الأحمر نظرا إلى كونها ثاني أجمل الجزر اليمنية بعد جزيرة سقطرى الشهيرة في المحيط الهندي ولتمتعها بالكثير من عوامل السحر والجمال الطبيعي البكر الذي لم تأت عليه مظاهر الحياة المدنية، إنها جزيرة كمران اليمنية.

تقع جزيرة كمران التابعة لمحافظة الحديدة اليمنية قبالة الساحل الغربي لليمن وتبعد عنه بمسافة 6 كم. وتعد الجزيرة كذلك من أكبر الجزر اليمنية من حيث مساحتها التي تقدر بـ101كم2، فيما يصل عدد سكانها إلى نحو 11 ألف نسمة حيث تحتضن الجزيرة عددا من القرى المأهولة مثل فراع ويمن ومكرام.
 
ورد ذكر الجزيرة في الكثير من المصادر التاريخية حيث ذكرها المؤرخ العربي ياقوت الحموي في معجم البلدان بقوله: "جزيَرِة كُمَران جزيرة قبالة زبيد باليمن، وهي حصن لمن ملك يماني تهامة" وقد أتى اهتمام المؤرخين نتيجة لأهمية الجزيرة الإستراتيجية التي كانت،
 
حسب العديد من المؤرخين، من أكثر المناطق اليمنية التي تعرضت للاحتلال، إذ احتلها البرتغاليون عام 1513م قبل أن يدخلها المماليك في العام 1515م، ليعود البرتغاليون إلى احتلالها مرة أخرى في العام 1517م وقد احتلتها بريطانيا للمرة الأولى في العام 1867م قبل أن يطردهم منها العثمانيون 1882م ليؤسسوا فيها محجراً صحياً للحجاج، حتى عادت بريطانيا إلى احتلالها مجدداً في الحرب العالمية الأولى عام 1915م.
 
وعلى الرغم من ذلك تعد الجزيرة إحدى أهم المحميات الطبيعية التي تضم عددا من الأشجار والطيور النادرة والغابات الخضراء العائمة على الماء. وتشتهر الجزيرة بوجود عدد كبير من أشجار المنجروف وأشجار الدوم والنخيل والأعشاب والشعب البحرية، والإسفنج وقنافذ البحر والسلاحف والشعاب المرجانية. كما يوجد في الجزيرة العديد من الحيوانات مثل الجمال والغزلان والكثير من أنواع الطيور المهاجرة، وتؤكد المعلومات الرسمية البريطانية أن الجزيرة كان فيها حوالي 20 ألف غزال في نهاية الستينيات.
 
ومن أجمل الأماكن الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة الواحات الخضراء للعديد من أنواع الأشجار كما هو الحال في الوادي الذي يطلق عليه "حديقة باريس". وتتمتع جزيرة كمران بأهمية إستراتيجية نظرا إلى وقوعها على خط الملاحة الدولي في البحر الأحمر، لذلك أقيم على الجزيرة فنار ذو منارة دائرية، يقع في الطرف الجنوبي للجزيرة لتسهيل رؤية السفن العابرة.
 
كما تعد الجزيرة إحدى أهم المناطق جذبا للسياح الذين يقصدونها من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة وممارسة عدد من الرياضات المائية مثل السباحة والصيد والغوص.
 
وإضافة إلى عناصر الجذب الطبيعية تحتضن جزيرة كمران الكثير من المعالم الأثرية التي تعكس الأهمية التي حظيت بها على مر التاريخ، حيث تعد قلعة كمران أحد أقدم المعالم الأثرية في الجزيرة والتي يعود تاريخها إلى فترة الاحتلال الفارسي في العام 620م، والتي مرت بعدد من مراحل الترميم حيث تم تجديدها في العام 1517م أثناء الحملة البرتغالية.
 
ومن أبرز المعالم التي تعود إلى الفترة الإسلامية في الجزيرة الجامع الكبير والذي ينسب إنشاؤه إلى قائد الحملة المملوكية على اليمن في العام 1515م. وقد تم توسيع الجامع في العام 1948م من قبل الملك فاروق، ملك مصر عند زيارته للجزيرة.
 
كما يوجد في الجزيرة جامع آخر يعود إلى الفترة المملوكية في اليمن، هو مسجد الجبانة. كما يوجد بها العديد من المعالم الأثرية الأخرى التي تعود إلى فترات تاريخية متباينة مثل مسجد العقل الذي يعود إلى الفترة التركية ومسجد سابق الريح وحديقة الترار التي تعود إلى الاحتلال الإنكليزي للجزيرة في العام 1938م.
 
وتضم المدينة منزل الحاكم التركي للجزيرة الذي تحول في ما بعد إلى مدرسة ابتدائية. ومازال قائما حتى اليوم بعض ملامح استراحة الملكة إليزابيث ومقر الحاكم العسكري البريطاني وثكنات الجنود والضباط ومحطة تحليل المياه والمبنى القديم للوكالة التجارية التي أقامها الهولنديون، إضافة إلى بقايا لأرصفة وجسور صغيرة.
 
كما توجد في الجزيرة بقايا لآثار قديمة لسكة قطار داخلي، و قلعة فارسية، وسارية منتصبة أمام باحة منزل الحاكم البريطاني، والغابة المائية العائمة التي نزل فيها الملك فاروق في زيارته السياحية للجزيرة.
 
ويعود تنوع الآثار التي توجد في الجزيرة إلى تحولها إلى مركز هام أثناء فترات الصراع التاريخية على طرق الملاحة البحرية، حيث اتخذها الفرس والبرتغاليون والمصريون والعثمانيون وأخيرا الإنكليز مركزا هاما وقاعدة عسكرية لهم في فترات مختلفة. فبعد احتلال الجزيرة من قبل الإنكليز في العام 1915م، ذاع صيتها وقضى فيها عدد من أمراء الأسرة الحاكمة في بريطانيا مصيفا لهم.
 
فبالإضافة إلى الملك فاروق يقال إن أم الأمير تشارلز قضت في الجزيرة شهر العسل. ونظرا إلى تزايد الاهتمام البريطاني بالجزيرة تم ضمها إلى مستعمرات عدن في العام 1949م قبل أن يتم فصلها عن عدن وألحقتها بالسلطة الإدارية والعسكرية في لندن.






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي