
بعد سنوات من هيمنة الأقمشة الأحادية والقصّات البسيطة على الموضة الرجالية، تعود الأقمشة المخططة لتتصدر المشهد مرة أخرى، حاملة روح الأناقة الكلاسيكية بلمسات عصرية جريئة، بحسب الرجل.
لطالما ارتبط هذا النمط بالبدلات الرسمية وأجواء العمل والسهر الراقي، لكنه اليوم يشهد نهضة جديدة تجعله في قلب الأسلوب العصري للرجل الأنيق الذي يولي مظهره اهتمامًا خاصًا.
نبذة عن تاريخ القماش المُخطط
يعود تاريخ الأقمشة المخططة إلى بدايات القرن العشرين، يوم كانت البدلات المصنوعة من هذا القماش رمزًا للسلطة والمكانة الاجتماعية الرفيعة. الرجل الذي يرتدي بدلة مخططة كان يُعرف بذوقه الرفيع ومكانته المرموقة، خصوصًا في أوساط المال والأعمال.
كانت الخطوط العمودية الرفيعة، المعروفة بنقشة البينسترايب (Pinstripe)، من أبرز علامات البدلات الفاخرة التي صممتها دور الأزياء البريطانية والإيطالية العريقة مثل Savile Row، Canali، وBrioni، لتصبح هذه الخطوط لغة غير منطوقة للأناقة والهيبة.
في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، تحولت البدلات المخططة إلى مرادف الأناقة الذكورية الكلاسيكية، ارتداها رجال السياسة ورجال الأعمال وحتى نجوم السينما الكبار مثل كاري غرانت وهمفري بوغارت، لتصبح رمزًا للإطلالة الراقية والثقة بالنفس. ومع مرور الوقت، بقي القماش المخطط أحد أعمدة الموضة الرجالية، محتفظًا ببريقه وأهميته مهما تغيّرت المواسم والصيحات.
الفخامة الحديثة بتوقيع الخطوط الكلاسيكيّة في شكلها الجديد
اليوم، ومع توجه الموضة العالمي نحو إعادة إحياء الرموز الكلاسيكية بلمسات عصرية، تعود الأقمشة المخططة لتؤكد مكانتها في عالم الأناقة الرجالية. إلا أن هذه العودة ليست مجرد تقليد للماضي، بل إعادة تفسير ذكية تجمع بين الأصالة والتجديد.
أعادت دور الأزياء الكبرى مثل جورجيو أرماني، وبرادا، ولويس فيتون، وديور هذه الصيحة إلى الواجهة، من خلال قطع مبتكرة تمزج بين الانسيابية والرسمية، لتناسب الرجل العصري الذي يسعى لإطلالة كلاسيكية مع لمسة معاصرة.
تقدّم هذه العلامات الأقمشة المخططة بأساليب غير تقليدية، من خلال قصّات أكثر استرخاء، وأقمشة خفيفة الوزن، وألوان مبتكرة مثل الرمادي الفاتح، والأزرق السماوي، والوردي، ما يمنح البدلات طابعًا عصريًا متجددًا بعيدًا من الكلاسيكية الصارمة.
لم تعد البدلة المخططة حكرًا على المكاتب الرسمية أو المناسبات الفخمة، بل أصبحت قطعة يمكن اعتمادها بأسلوب يومي أنيق.
نشهد اليوم إطلالات تجمع بين جاكيت مخطط وسروال كتان أو دنيم، ما يخلق توازنًا مثاليًا بين الرسمية والراحة. كما أعاد بعض المصممين توظيف الإطلالة المخططة في معاطف طويلة، وقمصان حريريّة، وحتى إكسسوارات مثل الحقائب والأوشحة، لتوسيع استخدام هذه الصيحة الكلاسيكية ضمن أسلوب عصري متنوع.
كيف يرتدي الرجل العصري القُماش المُخطط اليوم؟
يكمن سر نجاح الإطلالة المخطّطة اليوم في التنسيق الذكي بين الكلاسيكية والعصرية. فبينما تظل البدلة الكاملة خيارًا أنيقًا للمناسبات الرسمية، تمنح القطع المنفصلة حرية أكبر للتعبير عن الأسلوب الشخصي. يمكن، على سبيل المثال، ارتداء جاكيت مخطط داكن مع تيشيرت أبيض وسروال دنيم لإطلالة عصرية غير متكلفة، أو اعتماد قميص مخطّط تحت معطف بلون موحد لإضافة لمسة من الحيوية على المظهر الشتوي.
كما يمكن دمج الأقمشة المُخططة في الإطلالات الصيفية من خلال الأقمشة الخفيفة كالكتّان أو القطن، إذ تضيف الخطوط الطولية لمسة من الانسيابية والأناقة، خصوصًا مع الألوان الفاتحة كالبيج أو الأزرق السماوي.
عودة الأقمشة المخطّطة ليست مجرّد موضة عابرة، بل استعادة لرمز خالد من رموز الأناقة الرجالية. فهي تعكس شخصية الرجل الواثق، القادر على المزج بين التراث والفخامة العصرية بأسلوب متوازن وجذاب. وبينما يواصل عالم الموضة إعادة اكتشاف قيم الأصالة من خلال قطع مبتكرة ومتنوعة، يبقى القماش المخطّط شاهدًا على حقيقة بسيطة: الأناقة الحقيقية لا تبهت، بل تجد دائمًا طريقها لتتجدد من جيل إلى آخر.