
قد يمرّ الإنسان أحياناً بلحظات حزن عميقة، دون أن يكون هناك سبب محدد أو موقف واضح يفسّر ما يشعر به، وفجأة، يتبدّل المزاج، وتتحوّل التفاصيل اليومية العادية إلى عبء ثقيل، وقد يرافق هذا الشعور رغبة في العزلة، أو فقدان الحماس للأشياء التي كانت تجلب السعادة سابقاً، ورغم أن الحزن شعور طبيعي يمرّ به الجميع من حين لآخر، إلا أن الإحساس بالحزن المستمر أو المفاجئ من دون سبب واضح، قد يشير إلى عوامل أعمق تتعلق بالحالة النفسية أو الجسدية، مثل تقلّبات الهرمونات، أو قلة النوم، أو الضغوط اليومية، أو حتى اضطرابات نفسية تحتاج إلى دعم وعلاج، بحسب سيدتي.
نستعرض معاً أبرز الأسباب، التي قد تؤدي إلى الشعور بالحزن المفاجئ، وكيف يمكن التعامل معه، ومتى يصبح من الضروري التحدث إلى مختص.
أولاً: التغيّرات الهرمونية
تلعب الهرمونات دوراً أساسياً في التأثير على المزاج والعواطف، فعند البنات مثلاً، تؤدي التقلّبات الشهرية في هرموني الإستروجين والبروجستيرون إلى تغيرات مزاجية، تتراوح بين القلق، والتوتر، والشعور بالحزن، وهو ما يُعرف بـ"متلازمة ما قبل الدورة الشهرية (PMS)"، بحسب موقع medicalnewstoday.
أما في مرحلة المراهقة أو البلوغ، فتُعد هذه التقلّبات أمراً طبيعياً مع تغيّر الجسم والنضج العاطفي، لكنها قد تسبب نوبات من الحزن أو الارتباك العاطفي.
والأعراض قد تشمل: البكاء من دون سبب، وتقلبات المزاج، وفقدان الشهية أو صعوبة في النوم، والشعور بالفراغ أو اليأس، وسرعة الغضب أو الحساسية الزائدة.
طرق التعامل مع التغيّرات الهرمونية
التحدث مع مختص أو الانضمام إلى مجموعات دعم
ممارسة الرياضة الخفيفة أو التأمل
في بعض الحالات، قد يُوصي الطبيب بعلاج دوائي بسيط لتنظيم المزاج.
ثانياً: قلة النوم وتأثيرها على المشاعر
قلة النوم
النوم ليس مجرد راحة للجسد، بل هو عملية ضرورية لتوازن النفس والعقل، فعندما لا يحصل الإنسان على قسط كافٍ من النوم، يبدأ الدماغ في فقدان قدرتها على التحكم بالمشاعر، فيصبح الشخص أكثر عرضة للحزن، والقلق، والغضب دون مبرر واضح.
علامات اضطراب النوم: صعوبة في الخلود إلى النوم أو الاستيقاظ المتكرر ليلاً، والإحساس بالتعب حتى بعد ساعات نوم طويلة، وضعف التركيز أثناء النهار، وتقلبات مزاجية وعدم الرغبة في التواصل.
نصائح لتحسين جودة النوم:
تحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ
الابتعاد عن الشاشات قبل النوم بساعة على الأقل
تجنّب الكافيين والأطعمة الثقيلة في المساء
خلق بيئة نوم هادئة ومظلمة وباردة نسبياً
ثالثاً: التوتر والضغوط اليومية
الحياة الحديثة مليئة بالمؤثرات النفسية والمواقف المجهدة، سواء في العمل أو العلاقات أو الدراسة، ومع تراكم الضغط دون تفريغ أو راحة، يبدأ الجسد بإرسال إشارات على شكل حزن غير مبرر، تعب عاطفي، أو حتى خمول عام.
علامات الإجهاد النفسي: شعور دائم بالقلق أو الغضب، واضطراب في الشهية، وضعف التركيز وصعوبة النوم، وصداع أو اضطرابات في الجهاز الهضمي.
طرق التخفيف من التوتر:
تخصيص وقت يومي للاسترخاء أو ممارسة هواية
قضاء وقت مع الأصدقاء أو العائلة
الحفاظ على نظام غذائي متوازن
تقليل المنبهات والكافيين
كتابة المشاعر لتفريغ الطاقة السلبية
رابعاً: الحزن الناتج عن الفقد أو التغييرات الكبرى
أحياناً لا يكون السبب مجهولاً تماماً، بل غير معترف به أو مكبوتاً، على سبيل المثال قد يكون فقدان شخص، أو انتهاء علاقة، أو حتى تغيّر كبير في نمط الحياة يمكن أن يسبب مشاعر حزن تمتدّ لفترة طويلة.
والحزن هنا هو رد فعل طبيعي، لكن إذا طال أكثر من اللازم أو أثّر على حياة الشخص اليومية، فقد يتحوّل إلى اكتئاب يحتاج تدخلاً مهنياً.
نصائح للتعامل مع الحزن:
إعطاء النفس الوقت الكافي للتعبير عن الألم
الحديث مع شخص قريب أو معالج نفسي
الحفاظ على الروتين اليومي وعدم الانعزال
ممارسة أنشطة تساعد على استعادة الطاقة الإيجابية
خامساً: اضطرابات نفسية أعمق
في بعض الحالات، لا يكون الحزن المفاجئ مجرد حالة عابرة، بل علامة على اضطراب نفسي مثل الاكتئاب، أو القلق العام، أو الاضطراب ثنائي القطب.
هذه الحالات قد تتطلب علاجاً طويل المدى يشمل العلاج النفسي والأدوية بإشراف مختص، بحسب موقع Healthline.
أبرز العلامات التحذيرية:
استمرار الحزن لأكثر من أسبوعين
فقدان الاهتمام بالأشياء المحببة
اضطرابات في النوم أو الشهية
أفكار سوداوية أو ميول انعزالية
الشعور بانعدام القيمة أو اليأس
كيف تتعامل مع الحزن في لحظته؟
تحدث مع شخص تثق به: مجرد الحديث عن مشاعرك قد يخفف من ثقلها.
استمع للموسيقى: اختَر ألحاناً مبهجة ترفع طاقتك.
اقضِ وقتاً في الطبيعة أو تحت أشعة الشمس: فالتعرض للضوء الطبيعي يحفّز إنتاج "السيروتونين" المسؤول عن السعادة.
مارِس نشاطاً بسيطاً تحبه: مثل القراءة أو الرسم أو المشي.
اكتب مشاعرك: الكتابة تفرغ الضغط النفسي، وتمنحك وضوحاً داخلياً.
متى يجب طلب المساعدة؟
من الطبيعي أن نشعر بالحزن بين الحين والآخر، لكن إذا استمر الشعور لأكثر من أسبوعين أو أثّر على حياتك اليومية، فقد يكون الوقت مناسباً للتحدث مع مختص نفسي.