
تتبدل اتجاهات اللياقة البدنية باستمرار، من سباحة حوريات البحر إلى يوغا الكلاب، لكن الصيحة الجديدة التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي مؤخرًا تُعد بلا شك الأغرب حتى الآن: الركض والزحف على أربع كالحيوانات، بحسب الرجل.
ويطلق عليها ممارسوها اسم "التمارين الرباعية Quadrupedal Exercise"، وهي ممارسة تزداد شعبيتها خصوصًا على تيك توك وإنستغرام، حيث ينشر المشاركون مقاطع لأنفسهم وهم يتحركون على اليدين والقدمين وسط شوارع أو صالات رياضية.
يرى مؤيدو هذا التمرين أنه يوفر شكلاً مكثفًا من التمارين الشاملة، ويُعزز القوة الأساسية والتوازن والمرونة، وقالت إحدى الممارسات، وتُدعى سولاي، في مقابلة مع نيويورك بوست: "إنه تمرين كامل للجسم. بدأت ممارسته قبل أسابيع، وخسرت وزنًا ملحوظًا، كما لاحظتُ تحسنًا في شكل عضلات بطني. جربه لخمس دقائق فقط وستلهث من شدة المجهود".
مخاطر تمارين الركض على أربعة
على الجانب الآخر، يرى الخبراء أن الحماس المفرط لهذا الاتجاه يتجاهل مخاطره البدنية والذهنية، ويؤكد صامويل كورنيل وهنتر بينيت، الخبيران في علوم الحركة الرياضية من أستراليا، أن هذه التمارين ليست فعّالة كما يُروّج لها.
وفي مقال نُشر على موقع The Conversation، أوضحا أن تمارين الرباعية تعتمد على مقاومة وزن الجسم فقط، وهو ما يحدّ من قدرتها على بناء العضلات أو تقوية العظام مقارنة بتمارين رفع الأثقال.
فالحمل الواقع على العضلات في هذا النوع من التمارين محدود بوزن الجسم، وهو أقل بكثير مما يمكن تحقيقه في تمارين المقاومة التقليدية، بحسب الباحثين.
كما حذّرا من أن استخدام اليدين والمعصمين والمرفقين والكتفين في وضعيات غير مألوفة قد يؤدي إلى إصابات وإجهاد المفاصل، خاصة إذا تمت الممارسة دون إشراف متخصص.
وأضافا: "العضلات والمفاصل تحتاج وقتًا للتكيف مع الأحمال الجديدة. التسرع في أداء التمرين قد يؤدي إلى إصابات في اليدين والرسغين والكتفين".
لم تقتصر التحذيرات على الجانب البدني، فقد أثار علماء النفس قلقًا متزايدًا من الطبيعة الحيوانية لهذه الممارسة، وقالت الطبيبة النفسية إينا موسكاليوك في حديثها لموقع MedPlus: "في البداية قد يكون هذا نوعًا من التعبير الجسدي أو اللعب الإبداعي، لكنه بات الآن يشكل خطرًا على المجتمع".
وتضيف أن ارتباط هذا التمرين بما يُعرف بـ"الثيريانية Therianism"، وهي ثقافة فرعية لأشخاص يعرّفون أنفسهم على أنهم غير بشريين، قد يُعزز سلوكيات انعزالية أو غير طبيعية لدى بعض الممارسين، خصوصًا من فئة المراهقين.
تحذيرات من تمرين الركض على أربعة
في السياق ذاته، تقول اخصائية علم النفس الإكلينيكي يوليا مالانيا، إن ممارسة الركض الرباعي "بشكل متزن ومؤقت لا تُعد مشكلة"، لكنها قد تستدعي تدخلًا نفسيًا إذا بدأت تتحوّل إلى سلوك مستمر أو تماثل كامل مع الحيوانات، وتابعت: "إذا بدأ المراهق يتصرف كالحيوان، أو يُظهر ميولًا عدوانية أو انعزالية مرتبطة بالتمرين، فهنا ينبغي استشارة مختص".
ويُجمع الخبراء على أن انتشار هذه التمارين يرجع إلى جانبها البصري المثير للفضول أكثر من قيمتها الصحية، فوفقًا لكورنيل وبينيت، "لا توجد حتى الآن دراسات علمية كافية تُثبت أن التمارين الرباعية أكثر فائدة من الجري أو رفع الأثقال أو تمارين الكاليستنكس".
ويرى الأخصائيون أن النجاح الفيروسي لهذا الاتجاه يرتبط بـ"ثقافة العروض" على الإنترنت أكثر من ارتباطه بعلم اللياقة نفسه، وأن "القيمة الحقيقية للتمارين الرباعية تكمن في الترفيه وجذب المشاهدات، وليس في تطوير اللياقة البدنية".
فإذا كنت تبحث عن تحسين لياقتك أو زيادة مرونتك، يوصي الخبراء بالالتزام ببرامج رياضية مجرّبة مثل الركض، أو تمارين المقاومة، أو اليوغا، أو البيلاتس، بدلاً من الانخراط في اتجاهات مؤقتة غير مدروسة.
ويُختتم التقرير بتأكيد أن الركض على أربع قد يكون تجربة ممتعة قصيرة الأمد، لكنه لا يُعَد بديلًا علميًا أو صحيًا للتمارين التقليدية.