
الدوحة- دافعت إسرائيل الأربعاء 10 سبتمبر 2025، عن الغارات التي شنّتها على الدوحة واستهدفت قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذلك بعد انتقادات نادرة وجّهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على خلفية الضربات على أرض دولة حليفة للولايات المتحدة.
وكانت انتقادات ترامب غير معهودة منذ عودته الى البيت الأبيض مطلع العام. واعتبر أن الضربات لا تخدم مصالح واشنطن أو حليفتها الأوثق في المنطقة إسرائيل. وأكد أنه طلب إخطار قطر، الحليفة الأساسية كذلك لبلاده، بالضربة، لكن ذلك أتى متأخرا.
وأثارت الضربة انتقادات حادة من الدوحة التي تستضيف على أراضيها قاعدة عسكرية أميركية ضخمة، وتؤدي دورا أساسيا مع مصر والولايات المتحدة، في الوساطة بين إسرائيل وحماس بشأن الحرب في غزة. وقال رئيس وزرائها وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن واشنطن أبلغت الدوحة بالضربات بعد وقوعها.
وقال سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون الأربعاء "نحن لا نتصرف دائما وفق ما يخدم مصالح الولايات المتحدة. نحن ننسّق معهم، وهم يقدّمون لنا دعما كبيرا، نقدّر ذلك، ولكن أحيانًا نتخذ قرارات ونُبلغ الولايات المتحدة بها لاحقا".
أضاف لإذاعة إسرائيلية "الهجوم لم يستهدف قطر، بل كان هجوما على حماس، نحن لسنا ضد قطر ولا ضد أي دولة عربية، نحن ضد منظمة إرهابية".
وكان نتانياهو أكد في بيان الثلاثاء أن العملية "ضد كبار قادة حماس الإرهابيين كانت ... إسرائيلية مستقلة بالكامل"، مضيفا "إسرائيل بادرت إليها، إسرائيل نفذتها، وإسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عنها".
أما قطر فأكدت على رئيس وزرائها أنها "تحتفظ بحق الرد"، وسوف تقوم بكافة الإجراءات اللازمة للرد عليه.
وشدد آل ثاني على أن الدوحة "لن تتهاون بما يتعلق بالمساس بسيادتها وسلامة أراضيها. وأنها ستتعامل بحزم مع أي اختراق متهور او اعتداء يطال أمنها ويهدد استقرار المنطقة".
من جانبها، أكدت حركة حماس نجاة قادتها ووفدها المفاوض المستهدفين بالغارات، مشيرة الى مقتل ستة أشخاص من بينهم نجل أحد أبرز قادتها وكبير مفاوضيها خليل الحية، ومدير مكتبه وثلاثة من مرافقيه، بالإضافة إلى رجل أمن قطري. وأكدت قطر مقتل عنصر الأمن.
وأفادت مصادر مقربة من حماس بأن ستة من قادتها من بينهم الحية وزاهر جبارين وخالد مشعل، كانوا داخل المبنى المستهدف أثناء الضربة.
ومذاك، لم تتمكن وكالة فرانس برس من التواصل مع أي منهم.
من جهته، قال دانون إن اسرائيل "لا تزال تنتظر نتائج العملية"، مشيرا الى أنه "من المبكر التعليق على نتائجها".
لكنه اعتبر أن "القرار كان صائبا".
وقال نتانياهو إنه أمر باستهداف القادة في الدوحة عقب عملية إطلاق النار الدامية التي شهدتها القدس الإثنين، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص. وتبنت حركة حماس إطلاق النار.
- قرار نتانياهو -
وأتت ضربات الثلاثاء بعد توعّد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أواخر آب/أغسطس باستهداف قادة الحركة الذين ما زالوا أحياء "في الخارج".
ويعد الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على قطر مسألة بالغة الحساسية بالنسبة الى الولايات المتحدة.
وكان ترامب زار قطر خلال جولته الخليجية في وقت سابق من هذا العام، وقدمت له الدوحة طائرة فاخرة من طراز طراز بوينغ 747-8 ليستخدمها كطائرة رئاسية، وهي خطوة أثارت انتقادات واسعة في الولايات المتحدة.
وبعد الضربة الإسرائيلية، أصدر ترامب بيانا يتماهى بشكل كبير مع بيان مكتوب سبق للمتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت أن تلته أمام الصحافيين في البيت الأبيض الثلاثاء.
وقال ترامب إن "قصفا بشكل أحادي لقطر، وهي دولة ذات سيادة وحليف وثيق للولايات المتحدة، تعمل بجدّ وتقدم معنا بشجاعة على مخاطر لتحقيق السلام، لا يخدم أهداف إسرائيل أو أميركا".
ونفى ترامب على منصته تروث سوشال أن يكون قد اضطلع بأيّ دور في الضربة، مؤكدا أنّ قرار شنّها اتّخذه نتانياهو.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل العديد من قادة الصف الأول في الحركة، منهم زعيمها في غزة يحيى السنوار، وقائد جناحها العسكري محمد الضيف وغيرهما. كما نفذت عمليات اغتيال في الخارج بحق رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في طهران، ونائبه صالح العاروري قرب بيروت.
وأسفر هجوم حماس في العام 2023 عن مقتل 1219 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وردت إسرائيل بشن عمليات عسكرية في قطاع غزة أدت إلى مقتل 64605 أشخاص على الأقل، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما زال هناك 47 محتجزا في غزة، 25 منهم لقوا حتفهم، من بين 251 شخصا خُطفوا في الهجوم.
وتسببت الحرب التي تقترب من إتمام عامها الثاني، بأزمة انسانية كارثية في القطاع. وأعلنت الأمم المتحدة في آب/أغسطس رسميا المجاعة في غزة.