
أثار الطباخ البريطاني الشهير جيمي أوليفر جدلًا واسعًا في الأوساط الصحية بعد وصفه شعار "5 حصص يوميًا" من الخضروات والفواكه بأنه "خدعة". وأكد أن الفوائد الصحية الفعلية تبدأ عند تناول سبع إلى 11 حصة يوميًا، وليس خمسًا كما درجت الحملات التوعوية منذ أكثر من عقدين، بحسب الرجل.
خلفية حملة "5 حصص يوميًا"
أُطلقت الحملة في بريطانيا وإيرلندا قبل أكثر من 20 عامًا، لكنها لم تكن الرقم المثالي من الناحية الغذائية، بل جاءت كحل وسط بين ما توصي به الأبحاث العلمية وما يمكن للناس الالتزام به واقعيًا. فقد رأى خبراء الصحة العامة أن الرقم خمسة سهل التذكر والتطبيق، ويشكل نقطة بداية مناسبة دون أن ينفّر الجمهور.
ومع ذلك، تبيّن أن معظم البالغين في بريطانيا ما زالوا عاجزين عن تحقيق هذا الحد الأدنى، ما فتح الباب أمام تساؤلات عن ضرورة تحديث هذه الرسالة الصحية.
تشير دراسات علمية حديثة إلى أن تناول المزيد من الفواكه والخضروات يرتبط مباشرة بتراجع مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. فقد أظهر تحليل إحصائي لأكثر من مليوني شخص أن تناول خمس حصص يوميًا يقلل من خطر الإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب، لكن أكبر الفوائد ظهرت عند نحو عشر حصص يوميًا.
كما كشفت دراسة بريطانية أخرى بحسب موقع Medical Express أن من يتناولون سبع حصص أو أكثر يوميًا تقل لديهم مخاطر الوفاة المبكرة بنسبة 42% مقارنةً بمن يكتفون بحصة واحدة فقط.
في اليابان، تنصح التوصيات الصحية منذ سنوات بتناول عشر حصص يوميًا على الأقل. أما في دول البحر المتوسط، فإن الأنظمة الغذائية التقليدية غنية بالخضروات والفواكه والبقوليات الطازجة، وقد ارتبط ذلك تاريخيًا بانخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب وطول متوسط العمر.
دول البحر المتوسط، فإن الأنظمة الغذائية التقليدية غنية بالخضروات والفواكه والبقوليات الطازجة
تعرف منظمة الصحة العالمية الحصة الواحدة بأنها نحو 80 غرامًا، أي ما يعادل حفنة يد. وتشمل الحصة تفاحة متوسطة، أو بضع ملاعق كبيرة من البازلاء، أو نصف علبة من الفاصوليا. وعند توزيع الحصص بين وجبات الإفطار والغداء والعشاء والوجبات الخفيفة، يصبح الوصول إلى سبع أو عشر حصص أمرًا ممكنًا.
يوصي خبراء التغذية بإضافة الفواكه إلى وجبات الإفطار مثل الحبوب أو العصائر الطبيعية، وإدخال الخضروات إلى السندويشات والحساء ووجبات الغداء. أما العشاء، فيمكن مضاعفة أصناف الخضروات بجانب الطبق الرئيسي. كما يمكن الاعتماد على الفواكه والخضروات المجمدة أو المعلبة أو المجففة، إذ إنها لا تقل قيمة غذائية عن الطازجة.
أما العصائر والعصائر المثلجة فتُحسب كحصة واحدة يوميًا فقط نظرًا لاحتوائها على نسب مرتفعة من السكر.
تبقى "5 حصص يوميًا" نقطة انطلاق جيدة، لكنها لا تمثل النهاية. الأبحاث الحديثة واضحة: المزيد أفضل، ورفع الاستهلاك إلى سبع أو عشر حصص يوميًا يساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة ويطيل العمر. لذا، فإن دعوة جيمي أوليفر لزيادة الحصص اليومية لم تكن مجرد مبالغة، بل انعكاس لما تؤكده الأدلة العلمية.