"تصنيف "حزب الله" إرهابياً: ليس وقت خسارة لبنان

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2013-02-10

 جنان جمعاوي - كتب نيكولا غروس فيرهايدي مقالة في موقع "بروكسل 2" الذي يعنى بتغطية أخبار الشؤون الخارجية الخاصة بالاتحاد الأوروبي، خصصه لمقاربة الاتهام البلغاري لـ"حزب الله" في قضية متفجرة بورغاس، وهذا أبرز ما تضمنه:

 
"تبدو الحكومة البلغارية واثقة بأن "حزب الله"، أو أقلّه جناحه العسكري، هو الجهة التي تقف وراء هجوم بورغاس.
 
في 5 شباط الحالي، أعلن وزير الداخلية البلغاري تسفيتان تسفيتانوف أن بحوزته "أدلة" على ان اثنين من مرتكبي الهجوم، أحدهما يحمل جواز سفر استراليا والثاني كنديا، "ينتميان الى الجناح العسكري لحزب الله".
 
في 6 شباط، قال وزير الخارجية البلغاري نيكولاي ملادينوف في مقابلة تلفزيونية ان الهجوم "من تنظيم أعضاء في الجناح العسكري للحزب".
 
قناة "العربية" السعودية ذهبت أبعد قائلة ان تورط حزب الله "لن يمر بلا تبعات" وأن تصنيف الحزب على "اللائحة السوداء" مطروح على الطاولة. وهو إعلان يسرّ اسرائيل التي تحلم بمثل هذه العقوبة للحزب... لكن، أحيانا يتعين ان نشكك في الأدلة "الباطونية"، بمعنى تلك التي توصف بأنها "قاطعة".
 
الأدلة الحقيقة بشأن تورط الحزب لا تزال موضع تدقيق في بلغاريا، "أقله في هذه المرحلة من التحقيق". والكلام لرئيس الوزراء البلغاري بواكو بوريسوف. زعيم المعارضة الاشتراكية سيرغي ستانيشيف بادر على الفور الى نفي "جدية" ما سرّبه الإعلام.
 
الحملة الانتخابية المرتقبة في بلغاريا في تموز المقبل ربما تفسر إعلان هذا أو ذاك. لكن ذلك لا يكفي.
 
حتى في كواليس المحكمة البلغارية نسمع همسا كهذا. وقال النائب العام سوتير تساتساروف ان المحكمة "لا تملك ما يكفي من الأدلة لتوجيه اتهام في هذا الهجوم". وبحسب صحيفة "سيغا" (البلغارية)، قال الرجل ان "التحقيق لم يغلق بعد. لم نتلق بعد أجوبة من اللجان القضائية في المغرب واسرائيل واستراليا ولبنان".
 
في بروكسل، شكوك مماثلة. يقول ديبلوماسي أوروبي متابع لشؤون الشرق الأوسط ان الهجوم "ليس من شِيَم الحركة (حزب الله)"، الذي "يستهدف أهدافا أكثر عسكريةً أو مرتبطة بالسلطة الاسرائيلية"، وغالبا ما تكون هجماته في الشرق الأوسط، لا في أوروبا.
 
التقارب الوثيق بين صوفيا وتل أبيب
 
يزيد من حدة الشكوك التموضع الجيوسياسي البلغاري. معروف ان صوفيا مقربة من اسرائيل وواشنطن. في تموز 2011، أبرمت بلغاريا واسرائيل سلسلة اتفاقات معظمها يتمحور حول الاقتصاد والطاقة. أحد هذه الاتفاقات يقضي بالتعاون العسكري بين الجانبين. تبادل الجانبان الزيارات. بالنسبة لإسرائيل، توجيه إصبع الاتهام لـ"حزب الله" عادة قديمة جديدة. فورا بعد الهجوم، رفعت اسرائيل إصبعها باتجاه إيران. رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ندد "بالهجوم الارهابي الايراني. كل المؤشرات تؤدي الى ايران". واليوم، انتشت اسرائيل للإعلان البلغاري.
 
حتى داخليا، لا يمكن التغاضي عن بعض الوقائع المحلية. رئيس الوزراء بوريسوف أو محيطه كان عرضة لاتهامات (أو شائعات) بالفساد. وهو أمر رائج في بلغاريا. مفوض أوروبي سابق قال في مجلس خاص قبيل مغادرته منصبه انه لا فساد بالمعنى الحرفي للكلمة في بلغاريا، لأن الفساد يجري في قلب الدولة، بمعنى ان "الفاسد هو نفسه من يطلق الأوامر" في بلغاريا.
 
كل ذلك يفسر الحذر الأوروبي في التعاطي مع الاتهام.
 
المفوضية العليا "أخذت علما بالتحقيق"، ودعت الى "التعاطي بجدية مع نتائجه وتبعاته، لأنه متعلق بهجوم إرهابي وقع على أراضي الاتحاد الأوروبي". وأشارت الى ان الدول الاعضاء في الاتحاد سيبحثون "الرد المناسب في ضوء العناصر التي يحددها المحققون".
 
وردا على سؤال، قالت متحدثة باسم المفوضية ان إدراج الحزب على لائحة الارهاب "هو أحد الخيارات، لا الخيار الوحيد". من بين الخيارات الأخرى، "تفعيل عمل اليوروبول واليوروجاست، أو اتخاذ تدبير قضائي أو حتى الخيار السياسي".
 
بلغاريا لم تطلب إدراج الحزب على لائحة الارهاب. لم يتسرب شيء من اللقاء بين وزير الخارجية البلغاري واشتون. مكتب الأخيرة يتعاطى بكثير من الحذر. وقال ديبلوماسي أوروبي لموقع "بروكسل 2" انه "علينا أولا درس نتائج التحقيق. ثم نقرر كيف نواصل. لسنا سوى في مستهل العملية".
 
مسألة فرض العقوبات على الحركة "الإرهابية" ليست إجراء أوتوماتيكيا. لا بد من اتخاذ قرار بالإجماع. فرنسا تعارض مثل هذا القرار ومعها إيطاليا ودول عدة أخرى. هولندا، المدافعة عن اسرائيل، وبريطانيا تؤيدان مثل هذا القرار. النقاش لا يزال حاميا. والمسألة ستطرح في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 18 شباط.
 
كما ان هذا القرار سياسي قضائي، ولا يأتي عادة خلال إجراء التحقيق القضائي، بل في نهايته. معاقبة الجناة تبدأ باعتقال المتهمين ومن وراءهم ثم محاكمتهم. حتى الآن لم تصدر مذكرات توقيف أو اتهامات محددة.
 
العملية إذاً سياسية بامتياز، وأساسها غير قضائي بل سياسي. الأمر يتعلق بـ"الحث على إحداث تغيير في سياسة أو نشاط البلد أو المنطقة أو الادارة أو الكيانات أو الافراد المستهدفين".
 
عليه، فإن استهداف حركة هي جزء شرعي من السلطة في بلد مثل لبنان، يرزح في قلب الأزمة السورية، ليس أمرا يستهان به. لا بد من الأخذ في الحسبان احتمال زعزعة البلاد.
 
سياسة العقوبات الأوروبية بدأت تلامس سقفها. الاتحاد الاوروبي وضع "حماس" على اللائحة.. بلا كبير أثر. ايران على وشك الدخول الى اللائحة بسبب برنامجها النووي، وسوريا ايضا بسبب الحرب الأهلية. اذا استمر الحال على هذا المنوال، فسيصبح الشرق الأوسط برمته على لائحة الارهاب الخاصة بالاتحاد.
 
كل ذلك يجري في مناخ مضطرب. العراق ليس مستقرا تماما. والامر مماثل في مصر. التوترات تغلي في الأردن. باختصار.. ليس الوقت ملائما لنخسر لبنان، الذي يجد نفسه في موقع حساس مع أزمة تستعر على حدوده، وآلاف اللاجئين يتدفقون اليه.
 






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي