
حلم ترامب هو الحصول على جائزة نوبل للسلام؛ ولكن المكان المناسب له هو محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. لم يعد أي إسرائيلي يتحمل المسؤولية الثقيلة عن حمام الدماء في غزة مثل ترامب. إذا أراد، (هو فقط)، يمكنه بمكالمة هاتفية واحدة إنهاء هذه الحرب الفظيعة ومنع قتل المخطوفين الإسرائيليين.
هو لا يفعل ذلك، ولا يجري مكالمة (ولا يأتي)، بل يواصل تمويل وتسليح ودعم آلة الحرب الإسرائيلية وكأن شيئاً لا يحدث. هو جوقة المشجعين الأخيرة لها. قائدها العسكري نتنياهو، اعتبره “بطل حرب”، وهذا الاحترام المشكوك فيه سارع إلى نسبه لنفسه: هو أيضاً بطل حرب، قال بتواضع مميز.
يعتقد الرئيس الأمريكي أن البطل من يدمر شعباً، كما يحدث في غزة. ويعتقد أن البطل هو من يطلق قذائف ثقيلة من مكتبه في عملية لمرة واحدة وعديمة احتمالية أي نجاح حقيقي في إيران. هذا هو نمط تفكير الشخص الأقوى في العالم.
عندما نربط اسم ترامب بجائزة نوبل للسلام، فإن الليل يصبح نهاراً، والكذب حقيقة، ومدبر الحرب الأفظع في القرن الحالي إلى دمج بين مارتن لوثر كينغ وديلاما، الحاصلين على جائزة نوبل. ترامب ونلسون مانديلا في نفس القارب. هذه مهزلة لا حدود لها وعلى حسابنا. إذا وجدت جائزة لنتنياهو وترامب يستحقانها، فهي لحسن الحظ جائزة لم توجد بعد: جائزة الإبادة الجماعية.
تقارير صادمة نشرت في نهاية الأسبوع لم تترك مجالاً للشك في طابع الإبادة الجماعية؛ فقد أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء، بأن المجاعة الجماعية -حسب مؤشر التصنيف المرحلي المتكامل (آي.بي.سي)، المؤشر العالمي المعتمد لرصد حالات الجوع- تسود في مدينة غزة بالمستوى 5، المستوى الأعلى في المؤشر. هذه المدينة الجائعة بشكل متعمد، ينوي الجيش الإسرائيلي غزوها. وترامب يعطي هذا الغزو الوحشي الضوء الأخضر، والدعم الدولي، والذخيرة والسلاح.
في الوقت نفسه، كشفت “مواقع محادثة محلية”، ومجلة “972” وصحيفة “الغارديان” البريطانية، قاعدة بيانات استخبارية تفيد بأن نسبة المدنيين غير المشاركين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في الحرب حتى الآن هي 83 في المئة، وهي نسبة مرتفعة جداً حتى مقارنة مع أفظع الحروب، مثل التي كانت في البوسنة والعراق وسوريا. وحسب بيانات الجيش الإسرائيلي نفسه، تفيد بقتل مقاتل واحد من بين 6 قتلى فلسطينيين، وكان من بينهم 5 من المدنيين الأبرياء نساء وأطفال. وكما نشتبه ونعلم، فإن هذه إبادة جماعية. وأمريكا تقف من وراءها.
هذه حرب بدعم من ترامب، ثم يأتي ويتجرأ على حلمه بجائزة نوبل للسلام. الرأي العام في أمريكا في واد والرئيس الأمريكي في واد آخر. لم يعد هناك طريقة لوقف المذبحة بدون مكالمة من البيت الأبيض. وفي غضون ذلك، لا تلوح أي احتمالية بأن الرئيس سيفعل ذلك. مزود بجهاز استخبارات ضخم يتكون من 16 جهازاً مع ميزانيات هائلة، قال ترامب بأنه “شاهد عبر التلفزيون علامات جوع في غزة”.
لكن تلفزيون ترامب كما يبدو لم يصدمه بدرجة كافية حتى يهب للقيام بعملية الإنقاذ الوحيدة التي يمكن ويجب على أمريكا القيام بها: أمر إسرائيل بوقف مطلق وفوري لإطلاق النار. إسرائيل-نتنياهو لا يمكنها تحدي العالم كله. ترامب يفعل كل ما في استطاعته كي لا تفرض دول أخرى عقوبات على إسرائيل من أجل وقف الإبادة الجماعية. أوروبا غاضبة جداً، لكنها مشلولة بسبب خوفها منه، ومثلها أيضاً المؤسسات الدولية.
ناشط يهودي – أمريكي، وهو رون ديرمر، الذي هو أيضاً وزير في الحكومة الإسرائيلية، نجح في خداع البيت الأبيض كي يصدق بأن الدماء أمطار، وأنها نعمة لأمريكا. النتيجة: أصبح أبو خطة الريفييرا في غزة، الرئيس الأمريكي، الآن كهانياً علنياً، وهو يريد جائزة نوبل للسلام عن ذلك.
جدعون ليفي
هآرتس 24/8/2025