
أقيمت تظاهرات الجمعة احتجاجا على مشاركة رئيس المجلس العسكري البورمي مين آونغ هلاينغ في قمّة إقليمية في بانكوك، بعد أسبوع من الزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 3 آلاف شخص وشرّد الآلاف في بورما التي ترزح تحت وطأة حرب أهلية.
وقد أوفدت دول عدة طواقم إسعاف وإغاثة إلى بورما، لكن ما زال يصعب الوصول إلى بعض المناطق الأكثر تأثّرا بالزلزال الذي ضرب البلد بقوّة 7,7 درجات في 28 آذار/مارس.
وتفيد آخر حصيلة بوقوع 3145 قتيلا و4589 جريحا و221 مفقودا، بحسب الإعلام الرسمي. وفي بانكوك، قضى 22 شخصا إثر انهيار مبنى كان قيد التشييد.
ومن المرتقب أن يعقد رئيس المجلس العسكري الحاكم في بورما محادثات الجمعة مع زعماء ستة بلدان أخرى في مبادرة خليج بنغال للتعاون التقني والاقتصادي المتعدّد القطاعات (بيمستيك) في فندق فاخر في بانكوك.
وتضمّ مبادرة "بيمستيك" كلّا من بنغلادش وبوتان والهند وبورما والنيبال وسريلانكا وتايلاند.
وبالنسبة إلى الزعيم البورمي المعزول على الساحة الدولية، تشكّل هذه القمّة فرصة دبلوماسية نادرة من نوعها. وهو قد انتهزها للاجتماع برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيسة الوزراء التايلاندية بيتونغتارن شيناواترا.
في ساغاينغ التي تبعد حوالى عشرة كيلومترات فقط عن مركز الزلزال والتي تضرّر 80 % من مبانيها، أفاد مراسلو وكالة فرانس برس بمشاهد فوضى مع تدافع مئات الناجين المنهكين والجائعين للحصول على إعانات.
وقصدت المنطقة فرق من المتطوعّين الآتين من كل أنحاء البلد لتوزيع المياه والزيت والأرز وغيرها من المنتجات الأساسية.
- السجاد الأحمر -
وفي مدينة ماندالاي المجاورة، انتشرت الخيام التي لجأ إليها السكان إما لأن منازلهم قد دمّرت أو لأنهم يخشون الهزات الارتدادية.
وقال هلا ميينت بو، وهو سائق سيارة أجرة في الثلاثين من العمر "كثر يحتاجون إلى المساعدة. وأحيانا، عندما تأتي المساعدات، تعمّ الفوضى".
وأثار قرار دعوة رئيس المجلس العسكري في بورما إلى قمّة "بيمستيك" انتقادات في العاصمة التايلاندية.
وعلى جسر قرب فندق شانغري-لا بانكوك حيث أمضى الجنرال ليلته وحضر مأدبة عشاء فاخرة، علّق محتجّون لافتة كتب عليها "لا نستضيف القاتل مين آونغ هلاينغ".
وكانت الحكومة التايلاندية بسطت له السجاد الأحمر عند وصوله.
ويتّهم مين آونغ هلاينغ الذي أطاح حكومة آونغ سان سو تشي المنتخبة ديموقراطيا في انقلاب سنة 2021 أدّى إلى اندلاع حرب أهلية في البلد، بجرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وهو موضع عقوبات دولية وطالب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بمذكّرة توقيف في حقّه على خلفية جرائم مفترضة ضدّ الإنسانية في حقّ أفراد أقلية الروهينغا المسلمة في بورما.
- "معاناة جسيمة" -
وفيما أرسلت بلدان ومنظمات مساعدات إلى بورما، أعلن المجلس العسكري البورمي الأربعاء وقفا لإطلاق النار يمتدّ إلى 22 نيسان/أبريل "بهدف تسريع جهود الإسعاف والإعمار وصون السلام والاستقرار".
لكنّه حذّر خصومه، وهم طيف واسع من الجماعات المسلّحة المنادية بالديموقراطية والمجموعات الإتنية، من أنه سيردّ على الهجمات وعلى أيّ "تجمّع أو منظمة أو توسّع إقليمي من شأنه أن يمسّ بالسلم".
وكان "تحالف الأخويّات الثلاث" المؤلّف من أبرز الجماعات الإتنية المتمرّدة أعلن وقفا للمعارك لمدّة شهر. كما أقرّت قوّات الدفاع الشعبية من جهتها وقفا جزئيا لإطلاق النار.
وندّدت حكومة الوحدة الوطنية، وهي بمثابة معارضة الظلّ للمجلس الحاكم في بورما بمشاركة الجنرال في القمّة، معتبرة إياها عارا نظرا "إلى المعاناة الجسيمة... التي يقاسيها الشعب البورمي".
وهي قالت في بيان إن "السماح لرئيس المجلس العسكري وممثليه بالمشاركة في منتديات إقليمية ودولية من شأنه أن يضفي طابعا شرعيا على نظام غير شرعي".
ورغم إعلان وقف جزئي لإطلاق النار، واصل الجيش البورمي هجماته في المناطق المتأثّرة بالزلزال، على ما أكّدت الجمعة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وقال جيمس روديهافر ممثّل المفوضية في بورما في اتصال عبر الفيديو خلال إحاطة في مقرّ الأمم المتحدة في جنيف (سويسرا) إن "الجيش شنّ أكثر من 60 غارة" منذ زلزال 28 آذار/مارس، مشيرا إلى أن 16 هجوما نفّذ منذ دخول وقف إطلاق النار الجزئي حيّز التنفيذ في الثاني من نيسان/أبريل ومؤكدا أن "هذه الأرقام ليست لا شاملة ولا كاملة".
وفي ظلّ العزلة الدولية والعقوبات الغربية، توجّه المجلس العسكري في بورما منذ انقلابه إلى الصين وروسيا للاستحصال على الدعم.
وبالإضافة إلى زيارة هذين البلدين وبيلاروس، تعدّ زيارة مين آونغ هلاينغ تايلاند أوّل رحلة له إلى الخارج منذ قمّة إقليمية في إندونيسيا سنة 2021، بعيد الانقلاب.