
رغم أن مسألة المخطوفين في مركز البحث الجماهيري، فالحقيقة أن مصير المخطوفين ليس جزءاً من القصة الحقيقية التي تقف من خلف استئناف القتال في غزة. القصة الحقيقية تكمن في ذاك السؤال الذي طرح على البحث بعد ثلاثة أشهر من الحرب، لكن حكومة نتنياهو تتفادى بثبات اتخاذ قرار شجاع بشأنه: ماذا سيكون في اليوم التالي بعد نهاية الحرب؟ فمن ناحية عسكرية، حماس هُزمت، وبات السؤال من سيحكم في غزة. ما لا يقولونه لنا هو أن المخطوفين مجرد ورقة في المفاوضات العالقة على مستقبل القطاع.
حماس تريد البقاء في الحكم، لذا هي مستعدة لإعادة المخطوفين الأحياء والأموات مقابل انسحاب إسرائيلي من القطاع. أما إسرائيل فتريد المخطوفين لكنها غير مستعدة لإبقاء حماس في الحكم. المطلب الإسرائيلي في موضوع وقف حكم حماس مبرر من حيث المبدأ. المشكلة أن إسرائيل غير قادرة على دفع حماس إلى الاستسلام إلا إذا قررت احتلال القطاع وتحكمه بنفسها. ومن جهة أخرى، هي غير مستعدة لأي تسوية سياسية تنزل حماس عن الحكم مثلما اقترحت مصر والدول العربية في صالح سيطرة مشتركة من السلطة الفلسطينية والدول العربية. هذه هي القصة الحقيقية. ولهذا فإن المفاوضات عالقة.
نتنياهو، بالمقابل، ادعى في خطاب شرحه لاستئناف القتال بأن حماس لن تكون مستعدة لقبول أي اقتراح إسرائيلي بمواصلة تحرير المخطوفين. ما لم يقله هو المفهوم من تلقاء ذاته، بأنهم لن يوافقوا على تحرير مخطوفين إذا كان الاقتراح الإسرائيلي يطلب باستسلام دون مقابل. منظمة مثل حماس، كانت مستعدة لتضحي بعشرات آلاف من سكان غزة والمخاطرة بتدمير القطاع، ولا حافز لإعادة المخطوفين إذا كان ما نقترحه هو التخلي عن الحكم ومنحه لجهة ليست فلسطينية.
الأمريكيون فهموا ذلك، ولهذا أدار المبعوث آدم بوهلر مع حماس محادثات مباشرة استهدفت الاتفاق على إعادة المخطوفين مقابل تسوية سياسية جديدة في غزة، بصيغة الاقتراح المصري؛ أي تخلي حماس عن الحكم، مع نقله إلى السلطة الفلسطينية والدول العربية، وبذلك لا ترتسم صورة استسلام من حماس. هذا ليس اقتراحاً كامل الأوصاف لكن فيه إنجازات بالنسبة للوضع ما قبل أكتوبر، وقد يشكل أساساً للمفاوضات، وبالطبع لعودة المخطوفين. لكن نتنياهو رفض كل تسوية تتضمن سيطرة فلسطينية في القطاع. يبدو أن إسرائيل أقنعت إدارة ترامب من خلف الكواليس بأن بوهلر أخطأ، ولهذا استبدل. لكن استبداله سهل. المشكلة أن ليس لأحد حل آخر لليوم التالي باستثناء الاقتراح المصري. وعليه، بخلاف تصريحات نتنياهو، القصة ليست مفاوضات على المخطوفين، الذين هم أيضاً كان يسره الحصول دون دفع ثمن بالمقابل، بل على مسألة اليوم التالي، الذي جزء من ثمنه هو فقدان إعادة المخطوفين.
لإسرائيل ثلاثة خيارات: الخروج من غزة مقابل المخطوفين فيما تبقى حماس هناك ضعيفة لكنها مسيطرة انطلاقاً من تقدير بإمكانية مهاجمتهم عند الحاجة. الخيار الثاني هو البحث مع مصر والدول العربية في تسوية سياسية في القطاع لا تحكم فيها حماس، لكن لا تكون أيضاً مستسلمة تماماً، وبالمقابل نحصل على المخطوفين، وأيضاً على مدخل لمستقبل أفضل، بدون حماس مع حكم فلسطيني عربي في غزة أو احتلال القطاع والبقاء للحكم هناك والاعتراف بأننا ضحينا بالمخطوفين لهذا الغرض. بدلاً من هذا، تفضل إسرائيل تمديد الحرب بقتال لن يجدي نفعاً أكثر مما سبق أن فعلناه هناك، بل تضيف معاناة وخطراً بحياة المخطوفين.
آفي شيلون
يديعوت أحرونوت 20/3/2025