
صادقت قمة الجامعة العربية مساء أمس على اقتراح مصر لإدارة قطاع غزة وإعادة إعماره. اقترحت مصر أن تتولى لجنة من المهنيين الغزيين الخاضعين للسلطة الفلسطينية إدارة القطاع في الستة أشهر القادمة. ستهتم اللجنة المهنية بتشغيل المؤسسات في غزة لغرض إعادة الإعمار. وحسب الاقتراح، السلطة الفلسطينية ستدير القطاع. وينص الاقتراح أيضاً على إجراء انتخابات في كل المناطق الفلسطينية خلال سنة، شريطة نضوج الظروف. الاقتراح يرفض أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من القطاع.
حماس باركت هذا القرار. والبيت الأبيض رفض الخطة، وقال إنها لا تتعامل مع الوضع في القطاع، وقال أيضاً إن الرئيس الأمريكي ملتزم بخطة إعادة إعمار القطاع بدون حماس.
مصادر مصرية وفلسطينية قالت إن بيان القمة يدل على أن زعماء الدول العربية يعملون بتعاون بهدف بلورة خطة لإعادة إعمار غزة وإدارتها، لا سيما منذ اللقاء في السعودية قبل أسبوعين. ولكن حسب هذه المصادر، فإن مواقف بعض اللاعبين الرئيسيين الذين يتعلق بهم تنفيذ الخطة لم تتضح بعد. ولكن أولاً وقبل كل شيء، من غير المعروف إذا كانت حماس ستتعاون مع الخطة وستنزع سلاحها وتتنازل عن سيطرتها في القطاع.
المصادر نفسها قالت أيضاً بأنه من غير الواضح إذا كانت إسرائيل ستتعامل مع الخطة وستوافق على عودة السلطة إلى القطاع. وتساءلت المصادر أيضاً إذا كانت إسرائيل مستعدة للعودة إلى مسار المفاوضات، الذي يهدف إلى حل النزاع على أساس حل الدولتين. وقالت المصادر أيضاً إنه من غير الواضح بعد إذا كانت الإدارة الأمريكية ستتبنى موقف القمة العربية، خاصة إزاء التقدير بأن في الإدارة جهات تميل إلى دعم موقف إسرائيل.
تقترح القاهرة إعادة إعمار القطاع بتكلفة 53 مليار دولار، وتطلب عقد مؤتمر دولي في هذا الشهر، لتجنيد أموال الإعمار ومناقشة تطبيق الخطة. حسب الاقتراح، ستستغرق إعادة الإعمار الشاملة حوالي خمس سنوات، يتم جمع الأنقاض وإيجاد حلول مؤقتة للسكن في المرحلة الأولى التي ستحتمل نصف سنة.
اقتراح مصر لا يتطرق بشكل صريح لاحتمالية نزع سلاح حماس، حتى إنه لا يذكرها باعتبارها ستحكم القطاع، عسكرياً أو مدنياً. تتوجه مصر في الاقتراح أيضاً إلى مجلس الأمن، وتطالبه بوضع قوة حفظ سلام في القطاع لستة أشهر. حسب الاقتراح، يتم تقسيم القطاع إلى سبع مناطق لإعادة الإعمار، وتؤهل كل منطقة لاستيعاب السكان الذين سيُنقلون من مناطق أخرى بشكل متناوب إلى أن تتم إعادة بناء المنطقة.
حسب الخطة التي تبنتها القمة العربية، لن تكون حماس مشاركة في إدارة غزة، رغم ذلك باركت حماس القرار بدون التطرق بشكل صريح إلى قضية نزع سلاحها في غزة. “أكدنا مراراً دعم كل ما يخدم مصلحتنا”، جاء من حماس. “أعلنا عن دعم قرار تشكيل لجنة مهنية تهتم بإعادة الإعمار وإدارة القطاع. ودعوة القمة إلى تطبيق وقف إطلاق النار في غزة بشكل كامل تدل على دعم الدول العربية للشعب الفلسطيني”.
وشارك في القمة زعماء كل من مصر والأردن وقطر ودول عربية أخرى. أما زعماء السعودية والإمارات والجزائر وتونس فلم يشاركوا، إنما اكتفوا بإرسال وزراء الخارجية. من غير الواضح إذا كان غياب محمد بن سلمان ومحمد بن زايد، يدل على خلافات بين دول الجامعة العربية، أم أنهما رأوا أن إطار الخطة تبلور بحضورهما في القمة التي عقدت في السعودية قبل أسبوعين. كان هدف اللقاء بلورة موقف موحد للدول العربية أمام اقتراح الأمريكي ترامب طرد الفلسطينيين من القطاع، من أجل التأكيد على معارضة هذه الخطة وإيجاد بدائل لها.
في بيان علني، دعا الزعماء المجتمع الدولي إلى توفير المساعدات المالية المطلوبة لتطبيق الخطة. في الوقت نفسه، أضافوا بوجوب البدء في العملية السلمية لتحقيق حل دائم للنزاع يقوم على أساس حل الدولتين وضمان حق الفلسطينيين بدولة مستقلة. وطلب الزعماء أيضاً تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل، بشكل يؤدي إلى انسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع ومن محور فيلادلفيا. وأضافوا بأنه يجب استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بدون تشويش.
وأكد الزعماء العرب على الحاجة إلى إجراء إصلاحات شاملة في السلطة الفلسطينية وبناء مؤسسات وطنية قابلة للحياة، وأكدوا على مكانة م.ت.ف كممثلة شرعية وحيدة للشعب الفلسطيني. وعادوا ورفضوا أي محاولة لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة وأي تشجيع على “الهجرة الطوعية” لسكانه، وحذروا إسرائيل من التداعيات المتوقعة لأي محاولة لضم مناطق فلسطينية، “الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد خطير وتوسيع النزاع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط”.
رداً على أقوال الزعماء عن الحاجة إلى إجراء إصلاحات في السلطة الفلسطينية، أعلن الرئيس محمود عباس عن نيته تعيين نائب لرئيس م.ت.ف، وإصدار عفو عن كل من أقيلوا من صفوف حركة فتح. يبدو أن إصدار العفو خطوة استهدفت دعوة أشخاص سابقين في الحركة، مثل محمد دحلان وناصر القدوة وغيرهما، للعودة إلى صفوف الحركة.
في لقاء عقده على هامش القمة مع الرئيس السوري أحمد الشرع، قال الرئيس الفلسطيني إن “قطاع غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين التي لها صلاحيات سياسية وقانونية عليه. وعرض الخطط اللازمة للبدء في تقديم الخدمات الأساسية لإعادة رجالنا إلى أماكنهم في غزة”، قال. “الأولوية هي وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة”. ونشرت أن محمود عباس قد يعرض على القمة رؤية السلطة الفلسطينية لمواجهة الأزمة على أمل الحصول على الدعم، رغم أن مصر والأردن لا تؤيدان ذلك.
جاكي خوري وروان سليمان
هآرتس 5/3/2025