
كان يجب أن تنتهي اليوم النبضة الأخيرة في المرحلة الأولى في صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس. تسلمت إسرائيل أربع جثث، تم نقلها إلى الطب الشرعي. في المقابل، كان يتوقع أن تطلق إسرائيل سراح حوالي 600 سجين أمني فلسطيني، مشمولين في الاتفاق، وتأخر إطلاق سراحهم منذ نهاية الأسبوع الماضي بادعاء إسرائيل وجود خروقات ارتكبتها حماس. تسوية النبضة الأخيرة ودعم الجمهور في البلاد لاستمرار تنفيذ الصفقة، قد تسرع تقدماً آخر في المفاوضات.
يناقش الطرفان، مع الوسطاء، تمديد المرحلة الأولى بواسطة نبضات أخرى، يتم فيها تحرير عدد قليل من المخطوفين في كل مرة. تشترط حماس التحرير باتباع معادلة أخرى، تطلق فيها إسرائيل سراح عدد أكبر من السجناء مقابل كل مخطوف. بعد إعادة الجثث الأربع، سيبقى 59 مخطوفاً في القطاع، أقل من نصفهم أحياء. وقد تسلمنا مؤخراً إشارة على الحياة لمعظمهم بواسطة مخطوفين تم إطلاق سراحهم.
رئيس الحكومة نتنياهو، يدرك تعاطف الجمهور المتزايد والمؤيد للصفقة، حتى بثمن تقديم تنازلات مؤلمة، بهدف إعادة المخطوف الأخير والضحايا إلى البلاد. إن التحريرات الأخيرة وشهادات المخطوفين عن ظروف الأسر ومراسم الجنازة الحاشدة لأبناء عائلة بيباس الثلاثة، الأم شير والأطفال أريئيل وكفير، أمس، جسدت الحاجة أكثر إلى إنهاء الصفقة بسرعة. في الطرف الفلسطيني مصلحة في مواصلة وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان.
ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي ترامب للمنطقة، يضغط على الطرفين لإنهاء المرحلة الثانية واستكمال الصفقة. وأخر زيارته للشرق الأوسط التي كان مخططاً لها أمس، ولكنه أعلن بأنه يستمر في المضي بالاتصالات من واشنطن. وترامب نفسه قال أمس إن قرار مواصلة الصفقة والحرب يتعلق بنتنياهو.
مصادر أمنية قالت للصحيفة بأنها -حسب تقديرها- ما زالت هناك ظروف مريحة للمضي بتحرير مخطوفين قلائل، لكن سيكون صعباً استكمال الصفقة كلها. وقد بررت المصادر ذلك بمصالح الطرفين المتناقضة. فحماس تطالب بثمن مرتفع، في عدد الأسرى الفلسطينيين وفي مكانتهم العالية مقابل كل مخطوف، ومصممة على إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من القطاع بشكل كامل. ولكن لكبار قادة حماس مصلحة في الإبقاء على عدد قليل من المخطوفين حولهم كبوليصة تأمين من محاولات اغتيال إسرائيلية. وستطلب حماس من الولايات المتحدة ضمانات بعدم إيذائهم. حسب الاتفاق، يجب على إسرائيل أن تبدأ في نهاية الأسبوع بإخلاء قوات الجيش من محور فيلادلفيا على الحدود بين القطاع ومصر خلال أسبوع. يتم استخدام ضغط على نتنياهو من الجناح اليميني المتطرف في حكومته، الذي يضم الآن قائمة “الصهيونية الدينية”، من أجل استئناف القتال في بداية الأسبوع القادم، كما قال في عدة مناسبات بأنه سيفعل ذلك. مشكوك فيه أن يقرر استئناف القتال بهذه السرعة، لكن سيجد فيما بعد صعوبة في استكمال الصفقة والحفاظ على الائتلاف، لأن في الخلفية حاجة إلى تمرير ميزانية الدولة للعام الحالي حتى نهاية آذار القادم.
بدون اتفاق، إذا لم يتم تحقيق اختراق في الاتصالات في غضون بضعة أسابيع، فربما تستأنف الحرب في القطاع، بدون بمعارضة أمريكية. أيال زمير، الذي سيتسلم المنصب كرئيس للأركان في منتصف الأسبوع القادم، أعد مؤخراً خطة عملياتية جديدة، موضوعها هجوم عسكري جديد في القطاع، والهدف هو التسبب بقتل وتدمير كبير لحماس وممتلكاتها الأمنية المتبقية. هكذا، فإن تسريع تنفيذ الصفقة يأتي في ظروف مريحة لإسرائيل. الخطر الذي ينطوي على ذلك هو أن الكثير من المخطوفين قد يموتون عقب استئناف القتال، وجنود الجيش الإسرائيلي أيضاً. إزاء هذه الإخطار، سيجد نتنياهو صعوبة في الحصول على الشرعية لمثل هذه العملية من الرأي العام الإسرائيلي.
رغم أن ترامب أظهر دعماً ثابتاً لمواقف نتنياهو وترك له هامشاً واسعاً نسبياً للمناورة، لكنه يهتم أيضاً باعتبارات شريكة أخرى، هي السعودية. يعتقد جهاز الأمن أن ترامب لم يتنازل عن أمله في عقد صفقة كبيرة بين الولايات المتحدة والسعودية، التي إضافة إلى بيع السلاح والتكنولوجيا، قد تشمل أيضاً اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية. هذه العملية يجب أن تشمل إنهاء الحرب في قطاع غزة، ونتنياهو يربط ذلك بتحطيم سلطة حماس. تولد لدى دول الوساطة انطباع بأن حماس مستعدة أكثر مما في السابق للسماح بإقامة حكومة تكنوقراط في القطاع، بمشاركة دولية ومشاركة السلطة الفلسطينية. ولكن العقبة الأساسية المتبقية هي مسألة الحفاظ على قوة ذراعها العسكري. في هذه الأثناء، تتكون الصورة من متغيرات كثيرة ومعقدة، وسيكون من الصعب ضمان تحقيقها جميعها. ستكون الخطوة الأولى تنفيذ الصفقة وإعادة جميع المخطوفين.
عاموس هرئيل
هآرتس 27/2/2025