تشير الأبحاث العلمية إلى أن بعض الخضروات تحوي على مركبات عضوية نيتروجينية تنتجها بعض النباتات والفطريات وحتى بعض الكائنات الحية الدقيقة كجزء من دفاعها الكيميائي ضد الآفات والحيوانات العاشبة.
وفي هذا السياق، أجريت دراسة حديثة منشورة في دورية "ساينس أدفانسس"، على ثمار الطماطم، والتي كان يُعتقد قديما لفترات طويلة أنها نبات سام، فثمارها الخضراء غير الناضجة تحتوي بالفعل على مركبات سامة ذات مذاق مرّ، لكنها تخضع لتحول مذهل أثناء نضوجها، مما يجعلها آمنة للأكل.
وكشف فريق الدراسة بقيادة عالم الأحياء، فينغ باي، من جامعة "سيتشوان" الصينية، عن الآليات الجينية والمسارات البيولوجية الدقيقة التي تمكّن الطماطم من تحويل سمومها الطبيعية إلى مركبات مستساغة وغير سامة.
وأوضح الفريق أن الطماطم تنتج في مراحلها الأولى مستويات عالية من الغلايكو ألكالويدات السامة كوسيلة دفاعية ضد الحيوانات العاشبة، لكن مع نضوج الثمرة، تتحلل هذه المركبات المرة إلى جزيء أقل سمية يُعرف باسم "إسكوليوسيد إيه".
وتابع الفريق أن هذه العملية تخضع لتنظيم دقيق عبر تعديلات جينية خارجية، وتحديدا من خلال بروتين يُعرف باسم "دي إم إل 2"، يؤدي هذا البروتين دورا رئيسا في "عملية إزالة الميثيل"، وهي آلية تُزيل الإشارات الجزيئية من المادة الوراثية، ما يسمح بتنشيط الجينات المسؤولة عن إزالة السموم.
وقام الباحثون بتعطيل الجين المسؤول عن إنتاج بروتين "دي إم إل 2″، حيث فشلت الطماطم في تحطيم مركبات "الغلايكو ألكالويدات" السامة، مما أبقى على مذاقها المر وسميتها المحتملة.
وقارن الفريق هذه التغيرات الجينية بين أنواع مختلفة من ثمار الباذنجانيات، ووجدوا أن عملية إزالة الميثيل أصبحت أكثر وضوحا خلال التطور الزراعي للطماطم، ما ساهم في جعل ثمارها أكثر أمانا للاستهلاك.
ولفت الفريق إلى أن هذا التغيير التطوري للطماطم البرية، التي كانت صغيرة الحجم وتشبه التوت، سمح بالتطور إلى ثمار كبيرة حمراء وحلوة كما نراها اليوم.
وأثار اهتمام الفريق أن هذه العملية نفسها أدت أيضا إلى تقليل إنتاج المركبات السامة في الطماطم الخضراء، ما جعل حتى الثمار غير الناضجة آمنة للاستهلاك بشكل معتدل.