أصبحت حلوى ال«كب كيك» بحجم آنية الزهور التي فيها نبتتك المفضلة. وأصبح صحن المعكرونة عميقاً بحيث تبحثين عن قعره بالشوكة ولا تصلين إليه. أما كوب ال«كولا»، فقد أصبح مقداره نصف ليتر من المشروب الغازي أو أكثر. أصبحنا مخيرين بين الوجبة الكبيرة والأكبر منها، كلمات مثل «ماكسي» و«كومبو» و«سوبر» و«الحجم العائلي» أصبحت رائجة في هذه المحلات، وكلما اخترت أحجاماً أكبر وفرت دراهم أكثر.
من المؤسف أن كل هذا ينعكس سلباً على صحتنا، وصحة أطفالنا. لكل واحد منا امرأة كان أم رجلاً أم طفلاً كمية معينة من السعرات الحرارية التي يجب أن يحصل عليها يومياً من طعامه، وكل ما يتناوله زيادة على ذلك يؤدي إلى الإصابة بالسمنة، وإلى أمراض أخرى خطيرة ومزمنة، منها ارتفاع الكوليسترول في الدم، أمراض القلب، السكري من الفئة الثانية، اضطرابات في النوم وفي التنفس، السكتة الدماغية.
مقادير
ليس من السهل أن نحدد المقادير التي يجب ألا يتعداها الطفل عند تناول الطعام. وإذا كان الطفل يأكل كثيراً أحياناً فذلك لأنه يأكل ما تضعينه أنت في طبقه. وبما أن أحجام الوجبات قد ارتفعت، فإن عدد السعرات التي يتناولونها ترتفع أيضاً. لهذا، يجب عليك أن تبذلي مجهوداً أكبر في فهم الفرق بين حجم الطعام الذي تقدمينه وبين المقدار المطلوب أن يتناوله طفلك من مختلف الأطعمة حسب سنه. ويعترف الخبراء بأنه ليس من السهل أن تحدد الأمهات الكمية المناسبة التي ينبغي التقيد بها في الأكل، وذلك راجع لكون عدد السعرات الحرارية يختلف من طعام إلى آخر. فمثلاً عدد السعرات التي يقدمها كوب من عصير البرتقال لجسم الطفل، ليس هو عدد السعرات التي يقدمها لنا الكوب نفسه من المشروبات الغازية، وعدد السعرات التي يقدمها لنا طبق من سلطة الطماطم ليس نفسه الذي يقدمه لنا طبق من الحجم نفسه من سلطة البطاطا. وبالتالي، فإن التحكم في كميات الغذاء التي ينبغي ألا يتجاوزها طفلك حتى لا يصاب بالسمنة، هو أمر يستلزم منك بعض القراءة والاطلاع والسؤال في مجال التغذية، وخاصة في مجال السعرات الحرارية.
أربعة أقسام
حتى لا تشعري بأن الأمر معقد وأنه ليس في إمكانك مجاراة الأمر يومياً، هناك طريقة بسيطة لكي تتحكمي في كميات أكل طفلك. وهي أن تتعودي على تقسيم طبق كل واحد من أطفالك، بل وحتى أطباق الكبار، إلى أربعة أقسام متساوية من أطعمة مختلفة. بالنسبة إلى طفلك، خصصي ربع الصحن للبروتينات من مصدر حيواني مثل اللحوم الحمراء أو الدجاج أو السمك أو البيض، والربع الثاني من الطبق خصصيه للبروتين المستخرج من أصل نباتي والنشويات، مثل: الخبز الكامل أو معكرونة من القمح الكامل أو أرز أسمر. أما الربعان المتبقيان فعليك ملؤهما بالخضراوات في شكل سلطة أو خضار مطهوة. حتى تنجح خطتك هذه، احرصي على ألا تتداخل الكميات مع بعضها أو أن تكثري من واحدة على حساب الأخرى. بهذه الطريقة، فإنك تكسبين شيئين، وهما: تنويع طعام طفلك والتحكم في الكميات التي يأكلها.
خطوات
لا تستسلمي لرغبات طفلك وتتركيه يأكل كما يحلو له، وفي الوقت نفسه لا تحرميه من كل ما يحب من أطعمة. صحيح أن الأطفال يأكلون كميات كبيرة من الطعام من دون أن نراقب حجمه ونوعيته يمكن أن تعود عليهم بعواقب وخيمة. فالأطفال الذين يسرفون في الأكل يصابون بالسمنة في سن مبكرة ويعانون جميع ما يترتب عليها من مشاكل الوزن ومشاكل صحية. لكن، لا تسببي لطفلك عقداً نفسية بسبب حرمانه من أطعمة يحبها. اسمحي له ولو مرة في الأسبوع، مثلاً، بتناول الهامبرغر مع المشروبات الغازية. هذا من جهة، من جهة أخرى، اشرحي لطفلك نظرية «تقسيم الطبق»، وطبقيها دائماً قدر المستطاع في بيتك، وقدمي الطعام في أطباق أصغر حتى يبدو حجمه أكبر. عندما تقومين بطهو طواجن أو صينيات كبيرة في الفرن وحتى عندما يتبقى لديك أكل تريدين وضعه في المبرد، قسميها إلى قطع صغيرة حتى يتمكن الأطفال من أن يغرفوا قطعاً صغيرة وليس قطعاً أكبر من اللازم. وعندما يتعلق الأمر بتناول البطاطا، لا تسمحي لطفلك بأن يتناول كيساً كاملاً من رقائق البطاطا أو أن يأخذ معه علبة كاملة من البوظة أو الآيس كريم ليجلس بهما أمام التلفزيون، بل حضري له في المطبخ حصته منها في طبق أو في كوب بحجم مناسب. لهذا، إن كان أطفالك يعانون البدانة، فتعلمي أن تغرفي الأكل في المطبخ، وتجنبي أن تحضري وعاء الأكلة كلها لتضعيه على المائدة. إن طفلك عندما لا يجد الوعاء الكبير في متناول يده سيفكر مرتين قبل أن يأخذ المزيد، وإن كان لا يزال جائعاً، يفضل أن تعطيه المزيد من الخضار والسلطات وليس من اللحوم أو المواد الذهنية.
من المفيد لطفلك أيضاً أن تعوديه على الالتزام بثلاث وجبات رئيسية في اليوم، ووجبتين خفيفتين بين كل وجبة وأخرى إذا شعر بالجوع، لأنه إن تخطى واحدة من الوجبات، فإنه سيأكل بنهم أكبر في الوجبة التي تليها. وابذلي جهداً أكبر وأضيفي المزيد من السلطات والفواكه إلى تغذية عائلتك، خصوصاً في بداية الوجبة، لأن ذلك يعطي الإحساس بالشبع سريعاً، ويساعد على تفادي تناول أغذية أخرى قد تكون غنية جداً بالسعرات الحرارية غير الضرورية. وعندما تجلسون كأسرة إلى المائدة، حاولي ألا يسرع طفلك في الأكل، وشجعيه على أن يشارك في الحديث أثناء تناول الطعام.
عندما تتناولين الطعام في الخارج مع أسرتك، لا تسارعي إلى شراء الوجبة الكبيرة فقط لأنها اقتصادية. فالحفاظ على سعرات جسم طفلك متوازنة أهم من اقتصاد بعض الدراهم. وكوني على وعي بأن أغلب المطاعم تقدم أطباقاً أكبر مرتين أو ثلاث أو أربع مرات مما يحتاج إليه جسم طفلك. لهذا، الجئي إلى جعل طفلك يتقاسم وجبته مع أخيه أو أخته إذا كانت كبيرة، أو اطلبي له وجبة خاصة بالأطفال.