السبت الماضي، وضع الجيش يده على إرسالية من 20 مسدساً حاول الفلسطينيون إدخالها إلى نابلس في سيارة عبر الحاجز – وهي نقطة تفتيش في شرقي نابلس باتجاه مستوطنة “إيتمار”. لم تكن معلومات دقيقة أدت إلى هذا الكشف، بل يقظة الجنود هي التي منعت إدخال المسدسات. غير أن الـ 20 مسدساً هي نقطة في بحر الأسلحة التي تغرق الضفة الغربية، ومصدرها إيران، وتدخل عبر الحدود المخترقة مع الأردن.
المخربون الذين نفذوا العملية أول أمس قرب “كدوميم” وبسلاح طويل ورسمي، هم جزء من شبكة إرهاب أكبر في شمال “السامرة”، بين قباطية وجنين حيث مستوطنات إسرائيلية قليلة.
تصف قيادة المنطقة الوسطى هذا كـ “معركة ضد السلاح” ويعرضون معطى يفيد بضبط أكثر من 1.100 بندقية مختلفة في السنة الأخيرة، في أعمال هجومية على مدار الساعة في كل المواقع بالضفة. لكن المقلق هو المجهول الناقص: لا يعرف الجيش الإسرائيلي عدد قطع السلاح لدى الفلسطينيين في الضفة، إضافة إلى تلك الأسلحة الشرعية المعروفة التي يحملها أفراد الأجهزة الأمنية.
وحسب تقدير استخباري في قيادة المنطقة الوسطى قبل نحو سنتين، فإن واحداً من كل ستة بيوت فلسطينية فيه سلاح ما، بدءاً بالمسدس عبر البندقية المصنعة محلياً وحتى الكلاشينكوف أو ام 16 الرسميين. “نعرف أننا في الاتجاه السليم وفقاً لأسعار هذه الأسلحة التي قفزت في السنة الأخيرة من 30 ألف شيكل للبندقية الرسمية الطويلة إلى 60 – 70 ألف شيكل”، قال مصدر كبير في الجيش. “لكن إذا ما حصلنا على معلومات عن تاجر سلاح أو عن مسدس ما مخبأ في حديقة فلسطيني غير معروف ومعد للدفاع عن النفس، فإننا سنقبض أولاً على تاجر السلاح. نحن ملزمون بتفضيل المهام”.
هدف الجيش الإسرائيلي هو إبقاء الضفة ساحة ثانوية جداً. ومع ذلك، الأعمال الهجومية التي يقوم بها الجيش مستمرة في قلب الأراضي الفلسطينية، مع تصفيات في وضح النهار، ومن الجو أيضاً، في طولكرم وجنين والغور ونابلس، وفي تواتر شبه أسبوعي. اليوم يحتفظ الجيش الإسرائيلي بنحو 20 كتيبة للأمن الجاري في الضفة، وهذا عدد أقل مما كان في ذروة فترات الإرهاب في سنة – سنتين قبل حرب 7 أكتوبر، لكن لا يزال أعلى بـ 7 – 8 كتائب مقابل المستوى الأدنى لأواخر العقد الماضي.
لكن الاضطرارات تفعل فعلها. هذه الكتائب هي كتائب احتياط أو خاصة، وليست وحدات مشاة أو مدرعات نظامية مثل كتائب الجبهة الداخلية أو كتائب دائمة في الغور ومنطقة قلقيلية.
لا يعتزم الجيش إغلاق محاور السير المشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة رغم مطالب المحافل اليمينية. هناك نحو ألف كيلومتر من الطرق كهذه في الضفة مثل محور 60 ومحور 55 حيث وقعت العملية أول أمس، وحسب الجيش تستخدمها يومياً مئات آلاف الفلسطينيين غير المشاركين ممن يتحركون فيها لأغراضهم المعيشية.
في قيادة المنطقة الوسطى معاضل غير قليلة حول أوامر فتح النار. من جهة، باتت أسهل بعد 7 أكتوبر؛ إذ يسمح للجنود إطلاق النار على أرجل مفسدي الجدار ممن يحاولون اجتياز خط التماس، حتى لو لم يكونوا مسلحين. إضافة إلى ذلك، نفذ الجيش الإسرائيلي مئات الهجمات من طائرات ومروحيات قتالية في فترة السنة والنصف الأخيرة وبالطبع بمُسيرات، مع نسبة نجاح 95 في المئة.
صفي 14 مخرباً بقنبلة من طائرة قتالية في هجوم على مجموعة مخربين كبيرة قبل بضعة أشهر وكانت تعتزم تنفيذ عملية كبيرة من طولكرم لإحياء 7 أكتوبر. لكن قتل إلى جانبهم أيضاً أربعة من أبناء عائلة فلسطينية تسكن بالجوار. المعلومات الاستخبارية قدرت أنهم في مكان آخر. ويجري سلاح الجو وقيادة المنطقة الوسطى تحقيقاً مشتركاً أيضاً حول مقتل فلسطينية ابنة 50 في “السامرة” في الأسبوعين الأخيرين بصاروخ مُسيرة.
المعضلة الكبرى هي إزاء التصرف في أوضاع مسيرات المسلحين في شوارع المدن الفلسطينية في وضح النهار على مسافة 20 دقيقة من “كفار سابا”. في لواء “أفرايم” مثلاً، تقرر الهجوم براً في كل مرة تلحظ فيها مسيرة كهذه، حتى لو كانت جنازة لمخرب مع مئات المشاركين. غير أن محاولات كهذه لم تنجح حتى الآن: القوات التي قفزت لإعداد كمين في المفترقات لعشرات المسلحين لوحظت وتفرق المسلحون بسرعة. “يحرصون على السير إلى جانب الأطفال والتقاط الصور لهم، وليس مؤكداً أننا سنربح من قتل مسلحين اثنين كهؤلاء وثلاثة أطفال آخرين على قرب منهما”، يشرح الجيش، ويوضح بأن العديد من الخطوات التي كنا نمتنع عنها قبل 7 أكتوبر تنفذ اليوم عملياً: مستوطنات كثيرة في الضفة تتلقى عناصر أمن عديدة تحت خطة “بلدة في حصار”، أكثر من 7 آلاف وحدة سلاح وزعت على المستوطنين، ومنهم أعضاء ثلل التأهب المعززة والدائمة.
ما الذي لم يحدث حتى الآن؟ رغم تهديد العبوات المتزايد الذي جبى حياة ثلاثة مقاتلين في “السامرة”، فإن دخول المجنزرات لا ينفذ.
ومن غير المتوقع للدبابات أيضاً أن تعود قريباً إلى رام الله أو جنين، لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية، رغم صاروخ مضاد الدروع الذي انكشف لأول مرة في مخيم جنين في حملة أجهزة السلطة الفلسطينية، التي تتواصل هناك. هذا الـ آر.بي.جي بالمناسبة لم يسلم للجيش الإسرائيلي بعد.
يوآف زيتون
يديعوت أحرونوت 8/1/2025