إسرائيل بعد "المحكمة البرازيلية": هل تبدو طرف الجبل الجليدي؟

الامة برس-متابعات:
2025-01-06

يدرك الجيش الإسرائيلي أن الحرب في غزة تم توثيقها بشكل غير مسبوق من قبل الطرفين (أ ف ب)يستعد جهاز الأمن والوزارات الحكومية لمساعدة جنود الاحتياط الذين سيعتقلون في الخارج. تعمل إسرائيل مع مكاتب محاماة محلية لمساعدة الجنود عند الحاجة بشكل فوري، وحتى إنهم حذروا بعض السياح من أنهم قد يتعرضون للاعتقال. ولكن معظمهم استمروا في الاستجمام بدون أن يعتقلوا أو يطلب منهم تقديم تفسير عند خروجهم من الدولة. في الوقت الذي يجب على جنود الخدمة النظامية الدائمة أخذ المصادقة على هدف الرحلة من قبل ضباط كبار، فإن النيابة العسكرية قلقة من عدم وجود جنود الاحتياط تحت مسؤوليتهم.

حتى الآن تم تقديم دعاوى ضد بعض جنود الجيش الإسرائيلي في جنوب إفريقيا، وسيريلانكا، وبلجيكا، وفرنسا والبرازيل، حيث أمرت المحكمة بالتحقيق مع جندي احتياط هرب من الدولة. في الدول الأخرى، لا نعرف عن أي دعاوى وصلت إلى مستوى التحقيق. وجهات قانونية إسرائيلية تجري مع هذه الدول اتصالات لمنع فتح تحقيقات واعتقال إسرائيليين. إضافة إلى ذلك، تحذر جهات رفيعة في جهاز القضاء من أن تصريحات وسلوك أعضاء الحكومة ستضر بجهود الدفاع عن الجنود.

مؤخراً، تم إنشاء مكتب مشترك بين النيابة العسكرية ووزارة الخارجية وهيئة الأمن القومي و”الشاباك”، تقوم فيه هذه الهيئات بتحليل مستوى الخطر على الجنود في دول مختلفة، وتفحص إذا كانت تنوي فتح تحقيقات على أساس دعاوى مثلما حدث في البرازيل. في الأشهر الأخيرة، لاحظت إسرائيل انتظام عدد من المنظمات المؤيدة للفلسطينيين لإنشاء قاعدة بيانات شهادات، صور وأفلام فيديو، شاركها جنود الجيش الإسرائيلي في الشبكات الاجتماعية أثناء القتال في غزة. هذه المنظمات تتعقب الجنود أيضاً في الشبكات الاجتماعية. فعندما ينشر الجنود توثيقاً لهم في الخارج، فهم يعرضون أنفسهم للنشطاء الذين يمكنهم تقديم دعاوى ضدهم في الشرطة المحلية.

يدرك الجيش الإسرائيلي أن الحرب في غزة تم توثيقها بشكل غير مسبوق من قبل الطرفين. منذ بداية الحرب عندما تم نشر الأفلام الأولى للجنود في الشبكات الاجتماعية، حذرت جهات رفيعة في جهاز القضاء من خطورة هذه الظاهرة. ورغم أن ضباطاً كباراً في جهاز الأمن لفتوا انتباه رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، لهذه الظاهرة، الذي بدوره حاول العمل ضدها، فقد ظهرت أثناء الحرب ادعاءات تقول بأن هاليفي لم يفعل ما يكفي في هذا الشأن، ووجهت إليه الانتقادات لأنه لم يقدم للمحاكمة قادة كبار وجنود كانوا مسؤولين عن نشر صور وأفلام فيديو من قطاع غزة.

إضافة إلى الاستعداد لمعالجة بعض الحالات، فإن جهات رفيعة في جهاز القضاء، المدني والعسكري، حذروا من أنه إذا لم يتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وتواصل المس باستقلالية المحاكم في إسرائيل، فستتضرر جهود الدفاع عن جنود الجيش الإسرائيلي في الساحة القضائية الدولية. جهات رفيعة في جهاز الأمن حذرت، حتى قبل اندلاع الحرب، من أن الانقلاب النظامي قد يضر مكانة السلطة القضائية في الساحة الدولية، وتعريض أشخاص رفيعين في المستوى السياسي والأمني إلى الإجراءات الجنائية. تحققت التخوفات عندما صدرت أوامر الاعتقال ضد رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الدفاع السابق غالانت. ولكن مصادر في جهاز القضاء العسكري يحذرون من أن تكون هذه الأوامر طرف جبل الجليد.

الجهات الرفيعة في جهاز القضاء تتخوف من أنه إذا لم تنجح إسرائيل في إقناع العالم بأن جهاز القضاء فيها قادر على التحقيق ومحاكمة وإصدار أحكام على خارقي قوانين الحرب، بشكل مهني ونزيه، فسيكون الجنود مكشوفين أمام الإجراءات القانونية والاعتقال في الخارج. وهم يحذرون من أن مكانة جهاز القضاء في إسرائيل تضررت بسبب تصريحات وزراء في الحكومة وأعضاء كنيست، الذين يعارضون التحقيق مع الجنود المشبوهين بالتنكيل بالفلسطينيين في قاعدة “سديه تيمان”، أو بنشاطات مخالفة لقوانين الحرب بشكل عام. قدرة إسرائيل على إجراء تحقيق نزيه تتقوض في نظر العالم، أيضاً إزاء تطاول الوزراء وأعضاء الكنيست على أشخاص في جهاز القضاء.

بناء على ذلك، أوضحت جهات رفيعة في جهاز القضاء، المدني والعسكري، لجهات رفيعة في المستوى السياسي بأن تصريحاتهم في وسائل الإعلام وفي الشبكات الاجتماعية لها تداعيات على الإجراءات القانونية ضد جنود الجيش الإسرائيلي في العالم. يجب على كثير من الممثلين القانونيين في إسرائيل تقديم تفسيرات لجهات مختلفة في العالم حول تصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يطالبون باحتلال قطاع غزة وضمه وإقامة المستوطنات فيه. مصادر في جهاز القضاء مطلعة على تفاصيل الإجراءات التي تجري في المحكمة في لاهاي، قالوا بأن الادعاء الأساسي لدولة إسرائيل هو أن غزة ليست منطقة محتلة، بل منطقة قتال. بناء على ذلك، فإن تصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست هؤلاء لها معان بعيدة المدى على استمرار المحاكمة في لاهاي، ثم على قدرة إسرائيل على الدفاع عن الجنود إذا تم فتح إجراءات قانونية ضدهم في دول أجنبية. شبيهاً بذلك، أيضاً تصريحات الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يطالبون بتجويع سكان القطاع من أجل الضغط على حماس، تؤدي إلى المس بإسرائيل في الساحة القضائية الدولية. حيث ينتقدون إسرائيل لأنها لا تسمح إلا بكميات ضئيلة جداً من المساعدات الإنسانية تدخل إلى القطاع. ومطلوب من جهاز الأمن وجهاز القضاء تقديم إجابات على ذلك، وفي بعض الأحيان لحلفاء إسرائيل أيضاً.

 

ينيف كوفوفيتش

هآرتس ـ 06/01/2025








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي