
ما حصل في الشرق الأوسط نهاية الأسبوع يسمى في عالم كرة القدم “جس نبض”. تلك المرحلة الأولية من المباراة التي يفحص فيها أحد الفريقين الآخر قبل اتخاذ القرار في كيفية التقدم.
وصلت محاولات جس النبض تقريباً من كل جهة ممكنة. من سوريا، حيث أوضح زعيم الثوار أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) بأن ليس لمنظمته نية للدخول في نزاع مع إسرائيل، وأضاف بأنه لا سبب بأن تعمل إسرائيل عسكرياً بعد ابتعاد إيران. بالتوازي، توجه مندوبه في الأمم المتحدة بطلب لانسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي استولى عليها خلف حدود فصل القوات في الجولان السوري.
يمكن قراءة أقوال الشرع كمد يد (وإن كان في إطار اتفاق بارد من عدم القتال)، شيء ما في صيغة: إذا تركتم سوريا بهدوء، سنترككم بهدوء. وكأننا نرى فيها تحذيراً مبطناً بصيغة: إذا لم تتركوا سوريا بهدوء فلن نترككم بهدوء. هذه محاولة لشراء الهدوء له ولمنظمته كي ينظموا المنطقة التي احتلوها دون أن تعرقلهم الجهة القوية والسائدة في المنطقة – إسرائيل.
محاولات جس النبض جاءت من لبنان أيضاً. زعيم حزب الله، نعيم قاسم، اعترف في خطابه أمس بأن منظمته فقدت طريق التموين من إيران، لكنه أوضح بأنه مرن لإيجاد حلول أخرى. وقال إن منظمته تمتنع عن رد على “مئات الخروقات” لاتفاق وقف النار من جانب إسرائيل، وشرح بأن هذا يتم “للمساعدة في تنفيذ الاتفاق”.
قاسم، زعيم ضعيف وعديم الكاريزما، تحدث لعدة جهات بالتوازي: الأولى للثوار السوريين؛ الذي أمل ألا يتوصلوا إلى تفاهمات مع إسرائيل تفسر بأن عليها التوجه للسيطرة على لبنان أيضاً؛ أما الجهة الثانية فهي إسرائيل، التي وعدها بأن تكون منظمته “ولداً طيباً” وتنفذ التزاماتها؛ وأساساً للموالين له في الطائفة الشيعية في لبنان، ممن يتساءلون عن مستقبلهم وطالبهم بأن يتنفسوا عميقاً لأن المقاومة ستستمر.
وجاءت محاولات جس النبض مؤخراً من غزة أيضاً، مع نشر أشرطة حماس التي تستهدف تحدي إسرائيل في مسألة المخطوفين. فالمنظمة تبدي مرونة أكبر مما في الماضي، تفسر كاستعداد للوصول إلى صفقة. ولدى الجانب الإسرائيلي تفاؤل (حذر) في وجود احتمال لخطوة تعيد قسماً من المخطوفين في إطار “صفقة إنسانية” تتضمن النساء وكبار السن والمرضى.
المنشورات استهدفت فحص الأرضية
سطحياً، مطلوب التساؤل عم سبب تواصل إسرائيل التصرف وفقاً لمنحى صفقة على ثلاث مراحل، ولا تعمل على إعادة كل المخطوفين الأحياء والأموات في صفقة واحدة شاملة. كما يذكر، إن من بادر إلى التقسيم إلى مراحل هو نتنياهو؛ كي لا يكون ملتزماً بوقف تام للحرب برعاية القوى العظمى. والآن، مطلوب منه أن يوضح إذا كان بعض من المخطوفين سيبقون في غزة للسبب ذاته رغم هزيمة حماس عسكرياً.
إلى محاولات جس النبض هذه تضاف أيضاً إلى الأنباء التي نشرت في واشنطن تفيد بأن الفريق الذي يعد إدارة ترامب يفحص إمكانية هجوم على منشآت إيران النووية. هذا الموضوع كان على جدول الأعمال في أواخر ولاية ترامب السابقة، وسيطرح الآن على خلفية تقدم ممنهج لإيران نحو القنبلة، وأساساً خوفاً من أن يؤدي تفكك محور الشر بقيادتها إلى قرار منها لاقتحام النووي.
يبدو أن المنشورات هنا تستهدف أيضاً فحص الأرضية وربما لخلق ظروف للحوار. يفضل الغرب التوصل مع إيران إلى اتفاق نووي جديد ومتصلب يبعدها عن القنبلة لعشرات السنين، ويسحب منها أيضاً قدرات متطورة في مجال الصواريخ والإرهاب. التهديد المبطن من أوساط ترامب – إلى جانب منشورات مختلفة تتعلق بتسريع الاستعداد في إسرائيل لهجوم في إيران – ينبغي أن ترى كاستمرار لمحاولات جس النبض في اتجاه تواصلها في الفترة القريبة القادمة.
يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 15/12/2024