التزييف العميق "سلاح جديد" ضد المنخرطات في العمل السياسي في باكستان  

أ ف ب-الامة برس
2024-12-03

 

 

وزيرة الإعلام في ولاية البنجاب الباكستانية عظمى بخاري خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في مقر إقامتها في لاهور بتاريخ 21 تشرين الأول/أكتوبر 2024 (أ ف ب)   إسلام اباد - أطلقت السياسية الباكستانية عظمى بخاري التي وقعت ضحية لعملية تزييف عميق ذي طابع جنسي، معركة قضائية ضد معدّي أحد مقاطع الفيديو المزيّفة التي أصبحت بمثابة "سلاح سياسي" لتشويه سمعة النساء.

في حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول بخاري التي عُيّنت عام 2024 وزيرة للإعلام والثقافة في ولاية البنجاب "تمّ إعلامي في إحدى الأمسيات، بانتشار مقطع فيديو إباحي يظهر وجهي على جسم فنانة هندية، عبر الإنترنت".

وتؤكد أنّ أوّل ما أثار خشيتها هو عواقب ذلك، في مجتمع إسلامي محافظ جدا، تتم فيه معاقبة مَن يمارس علاقات جنسية خارج إطار الزواج أو مَن يعتمد المساكنة.

وتقول السياسية البالغة 48 سنة من منزلها في لاهور "إنّ مقطع الفيديو انتشر عبر فيسبوك وتيك توك ومختلف منصات التواصل الاجتماعي. التزمتُ الصمت لساعات ثم انهرت. عانقتني ابنتي وقالت لي +أمي، عليك أن تحاربي وتطالبي بتحقيق العدالة+".

- "جريمة شرف" -

في مرحلة الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير، ازدهرت تقنية التزييف العميق المتمثلة في مقاطع فيديو رقمية تُظهر أشخاصا يتحدثون أو ينجزون أمورا مختلفة يتم تطويرها من خلال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تواصل التطوّر.

ومن سجنه، أطلق رئيس الوزراء السابق ونجم الكريكيت عمران خان حملة تستند إلى محتوى تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. وتصدّر حزبه نتائج الانتخابات التشريعية.

وتؤكد مختلف الأحزاب أنها تستخدم الذكاء الاصطناعي في شبكاتها الاجتماعية. لكن بات يُستعان بمقاطع الفيديو المزيّفة هذه لمهاجمة النساء المنخرطات في المجال السياسي.

يقول المتخصص في الذكاء الاصطناعي هنري أجدر "يتم استهداف السياسيين الرجال بسبب عدم الكفاءة أو الفساد، وتُستهدف الحياة الخاصة للعاملات في المجال السياسي: دورهنّ كزوجات وأمهات وحياتهن الجنسية".

ويعتبر أن "التزييف العميق هو سلاح هائل لتخويف" الباكستانيات اللواتي ينخرط جزء بسيط منهنّ أصلا في العمل السياسي و"تشويه سمعتهنّ". ومع أنّ الدستور يخصص 60 مقعدا للنساء من أصل 266 يتم اختيار مَن سيشغلها عن طريق نظام انتخابي منفصل، لا يزال عدد النساء المُنتخبات خارج الحصة المخصصة لهنّ قليلا.

ونادرا ما تُرشّح الأحزاب نساء، إذ تخشى من فكرة تعرّض "سمعة" مرشحاتها للهجوم، بحسب الناشطة في مجال حقوق المرأة فاطمة رزاق.

ويؤكد أجدر أنّ "عتبة المسّ بالسمعة في باكستان أدنى بكثير مما هي عليه في البلدان الأخرى"، في ظل قانون ذكوري صارم يتحكم بحياة المرأة وحقها في الدراسة أو الزواج أو الإنجاب.

وبمجرد استهداف النساء بالتزييف العميق، "يصبح النظر إلى صورتهنّ على أنها غير أخلاقية وتمَسّ بشرف العائلة برمّتها"، على قول الناشطة في مجال حقوق المرأة صدف خان. وفي بلد تُعدّ فيه "جرائم الشرف" شائعة، يتسبب التزييف العميق في تعريض النساء لـ"خطر كبير".

في مقطع فيديو اعتُمدت فيه تقنية التزييف العميق واطلعت عليه وكالة فرانس برس في تشرين الأول/أكتوبر، تظهر وزيرة إقليم بلوشستان مينا مجيد، وهي تعانق وزيرا، مع عبارة "الوقاحة ليس لها حدود".

وكثيرا ما تنتشر عبر مواقع التواصل مقاطع فيديو مزيفة لمريم نواز، رئيسة وزراء البنجاب، وهي تتمايل وتمارس الرقص الشرقي.

وتقول عظمى بخاري إنها تعرضت للإهانة عبر الإنترنت بسبب صور مزيفة تظهر فيها وهي تضع ذراعها حول كتف زوجها في أماكن عامة.

- "تنظيم شبكات التواصل الاجتماعي" -

في العام 2016، أُقرّ قانون "لمنع الجرائم عبر الإنترنت"، مع الإشارة إلى الحيل الرقمية التي تُنشأ من دون موافقة أصحاب العلاقة. لكنّ المدافعين عن حقوق الإنسان يعتبرون أنّ هذا النص غير كاف.

ويشير أجدر إلى أنّ هذا المحتوى تتم مشاركته "عبر خدمات المراسلة المغلقة مثل واتساب وتلغرام، مما يعقّد إلى حد كبير أي خطوة للإشراف عليه أو التحقق منه".

تؤكد بخاري ضرورة تعزيز القانون حتى تتم إدانة المسؤولين عن التزييف العميق. لكن غالبا ما يكون هؤلاء خارج باكستان، "ويصعب تاليا إخضاعهم للقضاء"، بحسب المحامية المتخصصة بالقانون الرقمي نغهت داد.

تعبّر بخاري عن رغبتها في الحصول على "دليل معتمد" من القضاء يؤكد أنها "ضحية لتكنولوجيا التزييف العميق"، إذ بدون وثيقة رسمية، من المستحيل القضاء على الشائعات أو إجبار المنصات على حذف مقاطع الفيديو المزيفة.

ومع استخدام أقل من 30% من الباكستانيين البالغ عددهم 240 مليون نسمة شبكات التواصل الاجتماعي، يُعدّ التثقيف في مجال الإعلام والتكنولوجيات الجديدة محدودا، بينما تهمين المعلومات المضللة على المشهد.

وتقول بخاري "أناضل من أجل الحصول على العدالة، ولكن أيضا لتنظيم الشبكات الاجتماعية".

وقد حظرت السلطات يوتيوب وتيك توك لفترة زمنية. أما منصة "اكس" غير الخاضعة للإشراف تقريبا والتي تنتشر فيها التزييفات العميقة ذات الطابع الإباحي، فمحظورة راهنا. لكن يمكن التحايل على الحظر بسهولة من خلال استخدام شبكة خاصة افتراضية VPN.

وتخيف معركة بخاري لتنظيم شبكات التواصل الاجتماعي الخبراء الرقميين، الذين يعارضون بشدة منذ أشهر اعتماد السلطات، على قولهم، نظام مراقبة عبر الإنترنت أبطأ من سرعة الشبكة بشكل كبير.

وتقول نغهت داد إنّ "الحجب والرقابة لا يمثلان حلولا، بل ينتهكان الحقوق الأساسية الأخرى".

 








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي