بروكسل - قال الناشط اليهودي المناهض للصهيونية إيتان برونشتاين أباريسيو، إن إسرائيل "ترتكب فظائع وتنفذ عملية إبادة جماعية يشاهدها العالم أجمع في قطاع غزة" منذ عام، وأعرب عن اعتقاده أن "نظام الفصل العنصري الإسرائيلي" سينهار يوما ما.
أباريسيو هو مؤلف كتاب "النكبة: النضال من أجل إنقاذ إسرائيل من الاستعمار"، وولد في الأرجنتين عام 1960، وهو ابن لعائلة يهودية هاجرت إلى إسرائيل عندما كان عمره 5 سنوات.
أباريسيو رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية كجندي احتياط بعد أن أنهى خدمته العسكرية الإجبارية في الجيش الإسرائيلي، وقرر أنه لا يريد العيش تحت سيطرة "النظام الصهيوني" وانتقل إلى بلجيكا مع عائلته منذ 5 سنوات.
ويعمل أباريسيو في الوقت الحالي تحت مظلة "التحالف اليهودي المناهض للصهيونية في بلجيكا" بالعاصمة بروكسل.
وحضر أباريسيو المظاهرة التي نظمها موظفو الاتحاد الأوروبي في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي احتجاجا في العام الأول لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وألقى خطابا أمام مبنى المفوضية الأوروبية، مبينا أن بلاده تحولت إلى "دولة إبادة جماعية".
وفي مقابلة مع الأناضول قال أباريسيو: "عندما أدركت أن القضية الأساسية هي الصهيونية ومشروع الدولة القومية اليهودية، وأنه من المستحيل تحقيق السلام والعدالة للجميع، بدأت العمل على حق العودة للاجئين للفلسطينيين (إلى الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948 وفق قرارات الأمم المتحدة)".
** حرب الإبادة في غزة
وندد أباريسيو بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، معتبرا أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على المستوطنات والنقاط العسكرية المحاذية لقطاع غزة "هزيمة كبيرة لإسرائيل".
وأضاف: "أرى أن ما حدث منذ 7 أكتوبر هو مزيج من عاملين رئيسين الأول هو هزيمة إسرائيل، والثاني هو أن المجتمع الإسرائيلي أصبح أكثر فاشية وتطرفا وهذا ما جعل الجيش الإسرائيلي والحكومة يمارسان انتقاما استمر عاما ولم ينته بعد".
وتابع أباريسيو: "لقد عرف الإسرائيليون منذ البداية أنه لا يمكن تدمير حركة حماس بالكامل، فهي حركة مهمة للفلسطينيين، لذلك نفذوا انتقاما كبيرا تحول إلى مجزرة كبيرة بحق الفلسطينيين، والحقيقة أن إسرائيل تنفذ عملية إبادة جماعية يشاهدها العالم أجمع".
وفي 7 أكتوبر 2023، قامت حماس وفصائل فلسطينية أخرى بأسر وقتل عدد من الإسرائيليين في هجوم على مستوطنات ونقاط عسكرية محاذية لقطاع غزة قالت إنه رد على "الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته، وخاصة المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".
وقال أباريسيو: "نرى جميعا أشخاصا (في قطاع غزة) يتم قصفهم، وأطفالا يموتون وهم يرتجفون، وجثثا في أكياس بلاستيكية، هذه الصور الرهيبة نراها جميعا".
وذكر أن "الإبادة الجماعية محزنة بشكل خاص لليهود الذين لا يوافقون على سياسات الحكومة الإسرائيلية، ويدعمون حقوق الفلسطينيين، وهم مناهضون للصهيونية".
وأضاف أباريسيو: "أمر فظيع أن نرى هذه المذبحة الرهيبة ترتكب باسمنا، فأنت تذبح أمة وتدعي أن ذلك من أجل مصلحة شعبك، من أجل خير اليهود في العالم".
وبدعم أمريكي، أسفرت الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة منذ عام في غزة عن أكثر من 141 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
** الضغط على إسرائيل
وتحدث أباريسيو، عن أهمية الضغوط الدولية على إسرائيل بالقول "أعتقد أن السبيل الوحيد اليوم هو الضغط الدولي لإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة".
وشدد على أن "هناك حاجة لفرض عقوبات وحظر على الأسلحة من جميع الدول وهيئات الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على إسرائيل".
وأشاد أباريسيو، "بالقيود" التي فرضتها تركيا على صادراتها إلى إسرائيل، لافتا إلى أن "ما يفعله الرئيس رجب طيب أردوغان ذو قيمة كبيرة جدا بمقاطعة التجارة مع إسرائيل".
وأردف: "أعلم أنها عقوبة شديدة على إسرائيل، فعندما أتحدث للناس أسمع وأقرأ بأنها تسبب مشاكل كبيرة في السوق، لذلك آمل أن يكون هناك المزيد من الدول التي تفرض هذه العقوبات الاقتصادية".
وأكد أباريسيو، أن "العقوبات مهمة في كل مكان وعلى جميع المستويات، لأن الضغط وحده هو الذي يمكن أن يوقف إسرائيل".
وفي 9 أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت وزارة التجارية التركية، تقييد تصدير 54 منتجاً إلى إسرائيل منها وقود الطائرات وحديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك، موضحة أن القيود ستظل سارية حتى تعلن تل أبيب وقفًا فوريًا لإطلاق النار بقطاع غزة وتسمح بتقديم مساعدات كافية ومتواصلة للفلسطينيين.
** انهيار إسرائيل
أباريسيو أعرب عن اعتقاده أن إسرائيل "سوف تنهار سياسيا يوما ما، إنها مثل أي نظام استعماري أو نظام فصل عنصري آخر مثل جنوب أفريقيا حيث كان هناك نظام فصل عنصري".
وحكمت الأقلية البيضاء من خلال نظام الفصل العنصري من عام 1948 وحتى تم إلغاء النظام بين الأعوام 1990 - 1993 وأعقب ذلك انتخابات ديموقراطية عام 1994.
وأردف: "في الواقع تم تأسيس الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بنفس يوم إنشاء إسرائيل وانهار عبر الضغوط الدولية الهائلة".
وذكر أباريسيو أن "معظم الإسرائيليين لا يرغبون في التعايش على قدم المساواة مع الفلسطينيين لأن لديهم عقلية استعمارية"، معربا عن "أمله أن يكون هناك أشخاص (يهود) يرغبون في العيش مع الفلسطينيين (..) لقد قطعت وعدا مع زوجتي بأننا سنعود عندما تتحرر فلسطين".
** عنصرية الغرب
وحمّل أباريسيو "الدول الغربية مسؤولية تاريخية عن المحرقة التي حصلت لليهود" في فترة الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بسبب هويتهم العرقية والدينية على يد الحكم النازي في ألمانيا.
وقال: "مع ذلك فهم يقفون في الجانب الخطأ (في إشارة إلى إسرائيل) وبدلا من القول إنه لا ينبغي أبدا أن يكون هناك نظام عنصري وقاتل مثل النظام النازي مرة أخرى، فإنهم عملوا على إقامة دولة يهودية قوية".
وأشار أباريسيو إلى أن "الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل"، لافتا إلى أنه عند النظر إلى العقوبات المفروضة على روسيا ردا على حربها في أوكرانيا، لا يمكن مقارنة ما فعلته موسكو بممارسات إسرائيل في غزة".
وأضاف أنه "على الرغم من ذلك، يظل الاتحاد الأوروبي صامتا حيال إسرائيل"، قائلا بهذا الصدد "أعتقد أن هذا جزء من العنصرية في الاتحاد الأوروبي. كما هو الحال في إسرائيل تعتبر حياة الفلسطينيين بالنسبة للاتحاد الأوروبي أقل أهمية بكثير من حياة الإسرائيليين، ومن اليهود والأوروبيين البيض".