سهير خالد
من هي شيفرون؟
تعمل شركة الطاقة العالمية شيفرون في مختلف جوانب قطاع الطاقة بما في ذلك استكشاف وإنتاج وتكرير النفط والغاز الطبيعي، ويقع مقرها الرئيسي في سان رامون بولاية كاليفورنيا ولها تاريخ غني يعود إلى عام 1879، وتعمل في أكثر من 180 دولة.
بداية عملها في “إسرائيل” وشكل التعاون؟
عام 2020 اعتقد الاحتلال الإسرائيلي أنه أصبح مصدرًا صافيًا للغاز بعد أن استطاع عبر شركات الاستخراج المحلية والصغيرة بحلول عام 2022 تصدير 10 مليارات متر مكعب، أي ما يقرب من 50% من الإنتاج.
وبعد ذلك شهد إنتاج الغاز داخل الأراضي المحتلة اهتمامًا متزايدًا من شركات الطاقة الدولية، التي أحجمت لفترة عن الاستثمار نظرًا للمخاطر الأمنية النشطة وكون الاحتلال هدفًا لهجمات المقاومة الفلسطينية، وتخوفهم من التداعيات السلبية المحتملة على استثماراتهم في الدول العربية.
ومع ذلك، في عام 2020، دخلت شركة الطاقة الأمريكية العملاقة شيفرون إلى “إسرائيل” بعد استحواذها على شركة نوبل للطاقة، وهي شركة صغيرة مقرها في هيوستن بولاية تكساس. وكانت شيفرون إلى جانب ما يعرف الآن باسم نيوميد إنيرجي وشركائهم، مسؤولين عن اكتشافات الغاز العملاقة في حقلي تمار وليفياثان (شرق المتوسط) في عامي 2009 و2010 على التوالي، وسيطرت بعد ذلك تقريباً على كل احتياطيات الغاز الإسرائيلي وإنتاجه.
وتقع حقول الغاز هذه في شرق البحر الأبيض المتوسط، غرب مدينة حيفا وتتم معالجة الغاز من تمار في منصة تقع قبالة ساحل أسدود. كما تدير شيفرون أيضًا وتمتلك جزئيًا خط أنابيب غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي يمتد من “إسرائيل” إلى مصر، قبالة شواطئ قطاع غزة.
وبالمثل، فإن شركة شيفرون هي المشغل والمالك الجزئي لحقل غاز داليت، الذي لم يتم تطويره بعد، وحقل غاز ماري بي، الذي تم استنفاده وغير نشط منذ عام 2013. وباعتبارها المشغل لحقول الغاز وخطوط الأنابيب هذه، فإن شركة شيفرون مسؤولة عن جميع عمليات هذه المشاريع، بما في ذلك التخطيط والبناء والإنتاج والإمداد.
شيفرون شريك اقتصادي للحكومة الإسرائيلية
تجمع “إسرائيل” مئات الملايين من الدولارات سنويًا من عائدات الضرائب من حقول الغاز التي تديرها شركة شيفرون، وفي عام 2022، بلغ هذا المبلغ أكثر من 462 مليون دولار.
كما يعتمد إنتاج الطاقة اللازمة للأراضي المحتلة على إمدادات الغاز الطبيعي، حيث وفّرت شيفرون للاحتلال حوالي 70% من الكهرباء المنتجة في عام 2022.
ويزود حقل غاز تمار وحده 98% من احتياجات شركة الكهرباء الإسرائيلية المملوكة للدولة، مع استمرار العقد حتى نهاية عام 2030.
وقد حققت شيفرون إيرادات تقدر بنحو 1.5 مليار دولار من مبيعات غاز حقلي تمار وليفياثان في عام 2022.
BP/Chevron/Exxon through US, Brazil, Russia, Azerbaijan & Kazakhstan supplying oil to Israeli military are likely complicit in genocide. Data also suggests that Israel receives small but regular shipments of oil via Saudi Arabia, Egypt, Iraq & UAE. Economic sanctions now! https://t.co/Z1iT8elJPI
— Michael Fakhri (@MichaelFakhri) March 16, 2024
شيفرون تغذي الفصل العنصري
وبناءً على ما سبق فإن شركة الكهرباء الإسرائيلية (IEC) تزوّد الكهرباء لجميع فروع الحكومة وللغالبية العظمى من الأسر الإسرائيلية، ويشمل ذلك جميع القواعد العسكرية والسجون ومراكز الشرطة، فضلاً عن مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة التي تعتمد على الكهرباء التي تنتجها شركة شيفرون.
كما يتم استخدام إمدادات الكهرباء في جميع أنحاء “إسرائيل” والأرض الفلسطينية المحتلة كأداة للإخضاع والعقاب الجماعي والضم والسلب. ففي الضفة الغربية المحتلة، استحوذت شركة الكهرباء الإسرائيلية على شبكة الكهرباء الفلسطينية بعد احتلال عام 1967، مما جعل السكان الفلسطينيين يعتمدون على خدماتها.
وتُمنع بعض المجتمعات الفلسطينية داخل “إسرائيل” وفي جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة من الاتصال بالشبكة، ويتم توفير خدمات دون المستوى لبعضها، ويتم فرض رسوم على البعض الآخر بشكل مختلف عن اليهود الإسرائيليين المجاورين، ويعاني العديد منهم من انقطاع التيار الكهربائي كشكل من أشكال العقاب الجماعي، وهو ما يعتبر تطبيق لسياسة الفصل العنصري في مجال الطاقة.
وكجزء من الحصار العسكري المفروض على قطاع غزة، دمرت “إسرائيل” البنية التحتية المدنية للطاقة، وقصفت بشكل متكرر محطة الطاقة الوحيدة المتبقية، وحرمت السكان باستمرار من إمدادات الوقود الكافية، ما جعل شركة الكهرباء الإسرائيلية موردًا لا غنى عنه، حيث توفر حوالي 30-50% من الكهرباء إلى غزة، والتي تدفع تكاليفها السلطة الفلسطينية.
وقد تم استخدام إمدادات الكهرباء إلى غزة كوسيلة ضغط ضد السكان، وكثيرًا ما تم تخفيضها أو قطعها في انتهاك للقانون الدولي، ومؤخرًا تم قطعها بالكامل بعد 7 أكتوبر 2023.
شيفرون تستغل حصار غزة
قرارات شركة شيفرون بالتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي وإدارة حقول الغاز وامتلاكها جزئيا خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يربط بين “إسرائيل” ومصر، ويمر غرب ساحل غزة، يجعل منها شريكًا للاحتلال بانتهاك القانون الدولي أولاً بحكم أن خط الأنابيب هذا لا يقع تحت الولاية القضائية الإسرائيلية، وأي مكاسب اقتصادية في هذه المنطقة دون موافقة فلسطينية تعتبر غير قانونية.
كما أن قبول شيفرون للعمل في منصة معالجة حقل تمار وخطوط الأنابيب التابعة لها على بعد حوالي 13.5 ميلًا بحريًا من الشاطئ بالقرب من المجدل عسقلان، خارج المياه الإقليمية لغزة مباشرةً، جعل الاحتلال يشدّد حصاره على القطاع.
وعلى مر السنين، قامت البحرية الإسرائيلية بتأمين المنصة، وكذلك خط أنابيب غاز شرق المتوسط، من خلال تقييد جميع عمليات الشحن في المنطقة مما أدى إلى تشديد الحصار البحري على غزة إلى 3-6 أميال بحرية مع آثار مدمرة على اقتصاد غزة وصناعة صيد الأسماك.
ارتباط عمل شيفرون بعمليات “إسرائيل” بغزة
في الوقت الذي كانت “إسرائيل” تستعد لأن تكون مصدرًا موثوقًأ للطاقة في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، إلا أنها واجهت انتكاسة بعد تاريخ السابع من أكتوبر وانطلاق عملية طوفان الأقصى بغزة، حيث أمرت حينها الحكومة الإسرائيلية شركة شيفرون بوقف أعمالها في حقل تمار الذي يمكن أن يكون هدفًا للمقاومة الفلسطينية.
ثم في 13 نوفمبر الماضي قالت شيفرون إنها استأنفت تزويد العملاء في “إسرائيل” والمنطقة بالغاز الطبيعي من حقل غاز تمار البحري بعد أن طلبت منها وزارة الطاقة الإسرائيلية استئناف الإنتاج، ما يعني أن “إسرائيل” ضمنت من خلال عملياتها العسكرية المكثفة البربرية بغزة الحد من وصول المقاومة للحقل مما لم يعد يشكل خطرًا على عودة العمل فيه.
مقاطعة واجبة
في 17 مارس الماضي قرر "التحالف الدولي لعمال النقل القائم على التطبيقات" وهو اتحاد عالمي يمثل أكثر من 100 ألف سائق وساعٍ عبر 20 دولة وست قارات، مقاطعة محطات الوقود التي تحمل علامة شيفرون التجارية، بما في ذلك "تكساكو" و"كالتكس"، تضامناً مع الفلسطينيين.
حركة المقاطعة BDS رحبت بقرار التحالف العمالي بمقاطعة محطات الوقود التي تحمل علامة "شيفرون" المتواطئة في الجرائم الإسرائيلية، ودعت جميع النقابات العمالية حول العالم إلى الانضمام وتصعيد حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات التي تستهدف شركة شيفرون.
وفي اليوم نفسه 17 مارس الماضي، حث خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة الدول وشركات النفط على قطع الإمدادات عن الجيش الإسرائيلي، مشددين على الدور المدمر للنفط في تأجيج الإبادة الجماعية المستعرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وحث مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، الدول على فرض عقوبات اقتصادية على الفور، وقال إن الدول التي تزود الجيش الإسرائيلي بالنفط من المرجح أن تكون “متواطئة في الإبادة الجماعية في غزة”.
وأشار أن “إسرائيل تتلقى شحنات منتظمة من النفط عبر السعودية والإمارات والعراق ومصر، ومن المفارقة أن كل هذه الدول أدانت تصرفات إسرائيل في غزة”.
وسبق ذلك في فبراير الماضي حين تجمع نشطاء حقوق الإنسان والعدالة البيئية بجوار مصفاة ريتشموند بولاية كاليفورنيا التابعة لشركة شيفرون، ودعوا الشركة إلى إغلاق عملياتها في حوض المشرق حيث يقع حقلي تمار وليفيثان للغاز الطبيعي الإسرائيليين.
من جانبها، قامت الشركة، تحسبًا لهذا الإجراء، بإقامة سياج مؤقت على مدخلها الرئيسي وتغطية لافتات الشركة بالخشب.