إسرائيل تكثّف غاراتها على لبنان وتدعو المدنيين للابتعاد عن مواقع حزب الله  

أ ف ب-الامة برس
2024-09-23

 

 

   دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على جنوب لبنان في 23 أيلول/سبتمبر 2024 (أ ف ب)   بيروت- كثّفت إسرائيل الإثنين 23سبتمبر2024، غاراتها الجوية على مناطق عدة في جنوب لبنان وشرقه، ووجهت تحذيرات للسكان بالابتعاد عن أهداف مرتبطة بحزب الله، وسط دعوات دولية للتهدئة خشية اتساع نطاق النزاع الراهن بين الطرفين الى حرب واسعة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ غارات على أكثر من "300 هدف" للحزب المدعوم من طهران، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء النزاع الراهن بين الطرفين في تشرين الأول/أكتوبر على خلفية الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس.

ودعا الجيش السكان الى "الابتعاد" عن مواقع الحزب، وذلك للمرة الأولى منذ بدء تبادل القصف بينهما قبل نحو عام.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري "ننصح المدنيين في القرى اللبنانية الواقعة في أو قرب مبانٍ ومناطق يستخدمها حزب الله لأغراض عسكرية، مثل تلك المستخدمة لتخزين أسلحة، للابتعاد فورا عن دائرة الخطر من أجل سلامتهم".

وشدد على أن الجيش سيشنّ المزيد "من الغارات المكثّفة والدقيقة ضد الأهداف الإرهابية التي زرعت بشكل واسع في مختلف أنحاء لبنان".

وفي وقت لاحق، أفاد الجيش بأنه تمّ "حتى الآن تم شن غارات على أكثر من 300 هدف لحزب الله"، بعدما أعلن شنّ 150 غارة جوية خلال ساعة بين السادسة والنصف (3,30 ت غ) والسابعة والنصف.

وتركزت الغارات في مختلف أنحاء جنوب لبنان بما في ذلك مناطق صور والنبطية وغيرها، ومحافظة البقاع الحدودية مع سوريا في شرق البلاد، وفق الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية ومراسلو فرانس برس الذين أكدوا أن حدّة الغارات غير مسبوقة منذ بدء التصعيد بين الدولة العبرية وحزب الله قبل أكثر من 11 شهرا.

وأفادت الوكالة الوطنية بأن الغارات أدت الى مقتل راعٍ في بوداي بقضاء بعلبك (شرق)، فيما نعى حزب الله أحد عناصره من دون أن يحدد مكان مقتله. وأسفرت الغارات في الجنوب عن سقوط 34 جريحا، وفق المصدر ذاته.

أوعزت وزارة الصحة إلى المستشفيات الواقعة في الجنوب والشرق وقف العمليات غير الطارئة لإفساح المجال لمعالجة جرحى الغارات. وطلبت في بيان "من جميع المستشفيات في محافظات الجنوب والنبطية وبعلبك الهرمل وقف كل العمليات الباردة بهدف إفساح المجال لمعالجة الجرحى بسبب تمادي العدوان الإسرائيلي على لبنان".

وندّد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الإثنين بما وصفه بـ"مخطط تدميري يهدف الى تدمير القرى والبلدات اللبنانية والقضاء على كل المساحات الخضراء".

وأعلن وزير التربية عباس الحلبي إغلاق المدارس في المناطق التي تستهدفها الغارات الإسرائيلية إضافة للضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب.

- "ننام ونصحو على القصف" -

من بلدة زوطر في قضاء النبطية بجنوب لبنان، قالت وفاء اسماعيل (60 عاما) وهي ربة منزل ومزارعة، "ننام على القصف ونفيق (نصحو) على القصف... هكذا باتت حياتنا". وأضافت "عندما تمر ساعات هدوء ليلا نستغرب ونخشى العاصفة التي ستلي هذا الهدوء".

وتابعت "منذ بدء الحرب في غزة ونحن نعيش على وقع الحرب ونحاول طمأنة الأطفال الصغار. نأمل أن نتمكن من زرع محاصيلنا ومعنوياتنا مرتفعة لأن الشباب (حزب الله) يقومون بالواجب".

يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعدما فتح الحزب "جبهة إسناد" لحماس وقطاع غزة إثر اندلاع الحرب بين الحركة الفلسطينية والدولة العبرية.

وتزامنا مع الغارات المكثّفة، تلقّى سكان في بيروت ومناطق أخرى اتصالات عبر الهواتف الثابتة والنقالة مصدرها اسرائيل، يُطلب فيها منهم إخلاء أماكن تواجدهم، وفق الوكالة الوطنية.

أوردت الوكالة "يتلقى مواطنون في بيروت وعدد من المناطق، رسائل هاتفية تحذيرية عبر الشبكة الثابتة، مصدرها العدو الاسرائيلي، تطلب منهم إخلاء أماكن وجودهم سريعا، وذلك في إطار الحرب النفسية التي يعتمدها العدو".

وأكد مكتب وزير الاعلام زياد المكاري لفرانس برس تلقيه اتصالا تمّت خلاله "تلاوة رسالة مسجلة جاء فيها +نطلب منكم أن تخلوا المبنى لئلا تتعرضوا للقصف+". ويقع المكتب في مبنى وزارة الإعلام بمنطقة الحمرا بغرب بيروت.

ويأتي التصعيد بعد نحو أسبوع من تأكيد الحكومة الإسرائيلية أن أهداف الحرب التي تخوضها في غزة، توسعت لتشمل إعادة عشرات آلاف السكان إلى الشمال، بعد نزوحهم جراء تبادل القصف مع حزب الله خلال الأشهر الماضية.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد "نحن مصممون على جعل سكان الشمال يعودون إلى منازلهم بأمان. لا يمكن لأي دولة أن تتساهل مع الهجمات على مواطنيها وعلى مدنها. نحن، دولة إسرائيل، لن نتساهل مع ذلك أيضا".

وسبق لمسؤولين في حزب الله أن أكدوا أن وقف التصعيد على جبهة لبنان هو رهن "وقف العدوان" على غزة.

وتصاعد النزاع بعد تأكيد إسرائيل أنها نقلت "ثقل" المعركة من الجنوب حيث قطاع غزة الى الشمال مع حزب الله.

وتلقّى الحزب سلسلة ضربات في الأيام الأخيرة، شملت تفجير آلاف أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره يومي الثلاثاء والأربعاء في عملية نسبها لإسرائيل، وغارة جوية قرب بيروت استهدفت اجتماعا لقيادة قوات النخبة التابعة له أسفرت عن مقتل نحو 50 شخصا بينهم قائدين عسكريين بارزين وعدد من رفاقهما، إضافة الى ضربات جوية مكثفة من سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف في جنوب لبنان خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وأعلن الحزب استهداف مجمعات للصناعات العسكرية وقاعدة إسرائيلية قرب مدينة حيفا، في عمليات أكد أنه استخدم فيها صواريخ هي الأبعد مدى منذ بدء النزاع الحالي بينه وبين الدولة العبرية.

وخلال تشييع إبراهيم عقيل، قائد قوة الرضوان النخبوية في حزب الله الأحد، أكد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن التنظيم دخل في "مرحلة جديدة" من القتال مع اسرائيل، عنوانها معركة "الحساب المفتوح".

وشدد على أن التهديدات الإسرائيلية "لن توقفنا" مضيفا "نحن مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية".

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الأحد أن "150 قذيفة وصاروخا ومسيرة" أطلقوا نحو شمال إسرائيل "بدون أن يتسبب ذلك بأضرار كبيرة". وبحسب الجيش، نزل إلى الملاجئ مئات آلاف السكان في الشمال حيث أغلقت المدارس أبوابها الاثنين.

وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ الأسبوع الماضي، عقب سلسلة تفجيرات الثلاثاء والأربعاء طاولت الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها عناصره في عملية نُسبت إلى الدولة العبرية، وتسببت بمقتل 39 شخصا و2931 جريحا، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.

وأدت الغارة الإسرائيلية على مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، بمقتل 16 عنصرا من قوة الرضوان بينهم قائدها عقيل، وأسفرت بالإجمال عن مقتل 45 شخصا بينهم مدنيون، بحسب وزارة الصحة.

- "كارثة وشيكة" -

وفي خضم التصعيد، صدرت دعوات للتهدئة أو مغادرة الرعايا الأجانب.

أعلن الكرملين الإثنين أنه "قلق للغاية". وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف "الوضع يتدهور كل يوم سريعا. التوتر يتصاعد وكذلك عدم القدرة على معرفة مسار الأمور. هذا يشعرنا بقلق للغاية".

الى ذلك، حضّت الصين رعاياها على مغادرة إسرائيل "في أسرع وقت ممكن".

وكانت الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسية لإسرائيل، حضّت مواطنيها على مغادرة لبنان، مؤكدة في الوقت عينه مواصلة العمل على لجم التصعيد.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن "سنبذل قصارى جهدنا لتجنب اندلاع حرب أوسع نطاقا. ولا نزال ندفع بقوة" في هذا الاتجاه.

وحذّرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت الأحد من أن المنطقة تقترب من "كارثة وشيكة"، مؤكدة أن الحل العسكري لن يفيد أي طرف.

من جانبها، قالت مصر إنها تخشى اندلاع "حرب إقليمية شاملة"، مشدّدة على أن التصعيد بين إسرائيل وحزب الله "يؤثر سلبا" على مفاوضات الهدنة في غزة.

اندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مع شنّ حماس هجوما تسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على غزة، ما أسفر عن سقوط 41431 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.

 

 









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي