يواجهون عنصرية بشعة : الأفارقة بـ"إسرائيل".. حياة بين القمع والاستغلال عسكرياً واقتصادياً

الأمة برس
2024-09-18

يواجه اللاجئون الأفارقة في "إسرائيل" عنصرية واستغلالاً اقتصادياً وعسكرياً (ا ف ب)لم يكن ما كشفت عنه صحيفة عبرية، قبل أيام، من استغلال "إسرائيل" لطالبي لجوء أفارقة للقتال في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة مقابل وعود لهم بالحصول على إقامة دائمة، حدثاً جديداً من نوعه، فهو حلقة في سلسلة استغلال إسرائيلي طويلة لهؤلاء المهاجرين، وفقا لتقرير لموقع الخليج أونلاين أعدته سلمى حداد.

ويعيش في دولة الاحتلال الإسرائيلي قرابة 35 ألف طالب لجوء من أفريقيا، معظمهم من الشباب، ونحو 3500 منهم سودانيون يتمتعون بوضع مؤقت حصلوا عليه في ظل عدم صدور قرار بشأن طلبات لجوئهم.

ويواجه هؤلاء المهاجرون الفارون من النزاعات وظروف الفقر القاسية في بلدانهم أبشع أنوع الاستغلال والعنصرية منذ خطت أقدامهم دولة الاحتلال.

 

القتال بغزة مقابل الإقامة
والأحد الماضي 15 سبتمبر، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها: "تستخدم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية طالبي اللجوء من أفريقيا بالمجهود الحربي في قطاع غزة، وتخاطر بحياتهم، وفي المقابل تقدم لهم المساعدة في الحصول على وضع مقيم دائم في إسرائيل أقل من الجنسية".

ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية، لم تسمها، قولها: إن هذه الإجراءات تتم "بطريقة منظمة، وترافقها مشورة قانونية للمؤسسة الأمنية، لكن الجانب القيمي لتجنيد طالبي اللجوء لم يناقش إطلاقاً".

و"حتى الآن لم يمنح أي وضع لأي من طالبي اللجوء الأفارقة الذين شاركوا في المجهود الحربي الإسرائيلي"، وفق المصدر ذاته.

الصحيفة العبرية أشارت إلى أنه "في هجوم 7 أكتوبر الماضي الذي شنته حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، قُتل 3 من طالبي اللجوء الأفارقة، وبعد ذلك كان هناك طلبات تطوع من قبلهم في الجيش الإسرائيلي".

وتابعت: "في الوقت نفسه، أدركت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه من الممكن الاستفادة من رغبة طالبي اللجوء في الحصول على وضع دائم ومساعدتهم".

وبحسب مصادر أمنية تحدثت للصحيفة، "استعانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بطالبي اللجوء في عدة عمليات خلال الحرب على غزة، بما في ذلك تلك التي حظيت باهتمام إعلامي".

ولم تكن هذه أول مرة يكشف فيها عن استغلال الأفارقة بالحرب، فقد سبق أن قالت وزارة الخارجية بجنوب أفريقيا، في 18 ديسمبر الماضي، إن هناك تقارير تفيد بأن بعض مواطنيها والمقيمين الدائمين انضموا أو يفكرون في الانضمام إلى جيش الاحتلال في حربه على غزة.

وكان "أبو عبيدة"، المتحدث باسم "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، رجح في 7 ديسمبر الماضي، استعانة الجيش الإسرائيلي "بمرتزقة في عدوانه على غزة"، مستدلاً بالفارق بين عدد القتلى الذين يسقطون في القتال، وما يعلنه الاحتلال.
والاستغلال العسكري لطالبي اللجوء الأفارقة بـ"إسرائيل" جزء بسيط من واقع حياتهم المأساوي في الدولة العبرية.

 

"فوضى مقصودة"
وبهذا الشأن يقول الكاتب والباحث في الشؤون الإسرائيلية محمد هلسة، إن سياسة الاحتلال تجاه طالبي اللجوء الأفارقة تستند لـ"الفوضى المقصودة"، إذ تتعمد وضع العراقيل أمام استقبال طلباتهم للجوء، وتُضيّق عليهم من أجل دفعهم إلى الاستسلام ومغادرة البلاد طوعاً.

ويضيف هلسة في مقال له نشره، في سبتمبر الماضي، عبر موقع قناة "الميادين" اللبنانية، أن "هذا ليس كل شيء، فكما أن هناك من يرفض وجود اللاجئين الأفارقة، فيبدو أن البعض بإسرائيل لا يرغب في وقف تدفق اللاجئين؛ فهم بالنسبة لهم صناعة تدرّ كثيراً من المال، وهي مرتبطة بأشخاص يتمتعون بسلطة حكومية، وبعضهم أعضاء في أحزاب سياسية".

ولم يوضح الكاتب هلسة السر وراء ذلك، لكن تقارير غربية كثيرة كشفت عن استغلال عسكري واقتصادي (عبر تشغيلهم بأجور متدنية وبدون أي حقوق عمل) لهؤلاء المهاجرين، خاصة الذين لا يتمتعون بأي وضع قانوني.

ويشير إلى أن الضحايا يخشون تقديم شكاوى، أو يشعرون بأنّه لا جدوى من القيام بذلك، وأنه "غالباً ما ينظُر ضباط الشرطة الإسرائيليون إلى الضحايا الأفارقة بازدراء".

وتابع: "إضافة إلى كل ذلك، فإن عدم وجود تأمين صحي لدى الضحايا الأفارقة يمنعهم، في بعض الأحيان، من الاتصال الأوّلي بالمستشفى، ويحرمون، في حالات أخرى، من العلاج الضروري".


عنصرية واستغلال
الباحث الفلسطيني المختص بالشؤون الإسرائيلية محمد شكري قال: إن "تجنيد اللاجئين الأفارقة أو استخدامهم في عمليات عسكرية محدودة مقابل الحصول على حقوق إقامة محدودة أبرز استغلال لهم في هذه المرحلة، خاصة أنهم قد يشعرون أن هذا هو الخيار الوحيد للحصول على حياة مستقرة".

ويضيف شكري في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "يشعر الأفارقة بأنهم قد يرحلون أو يعتقلون لفترات غير محدودة؛ في حال رفضوا عروض التجنيد العسكري".

وعلاوة على التجنيد العسكري، يستغل اللاجئون الأفارقة اقتصادياً، فيعملون بأجور منخفضة، ويحرمون من حقوقهم مثل الرعاية الصحية والعطلات.

ولفت إلى أن اللاجئين الأفارقة يواجهون تمييزاً واسعاً من المجتمع الإسرائيلي، مما يجعلهم يعيشون في عزلة اجتماعية، ويُستغل هذا الوضع لتبرير سياسات غير عادلة، مثل حرمانهم من الخدمات الاجتماعية، أو تجاهل تحسين أوضاعهم المعيشية في المناطق التي يتركزون فيها​.


عمالة رخيصة بلا حقوق
مجلة "New Internationalist" اليسارية البريطانية تناولت واقع اللاجئين الأفارقة في "إسرائيل" واستغلالهم في تقرير لها نشرته، بـ20 يونيو الماضي.

وتقول المجلة: إن "الحكومة الإسرائيلية ترفض منح صفة اللاجئ لغالبية الأفارقة الذين يطلبون اللجوء هناك. وفي سبتمبرالماضي، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى طرد جميع المهاجرين الأفارقة، وهدد بترحيلهم إلى رواندا، ولكن الخطة تحولت بعد بدء الحرب الحالية".

ونقلت المجلة في تقريرها عن ماتان كامينر، عالم الأنثروبولوجيا الإسرائيلي الذي يدرس بشكل رئيسي وضع العمال المهاجرين التايلانديين في المنطقة، قوله: إن "الحكومة الإسرائيلية أمضت العقود القليلة الماضية في محاولة استبدال العمالة التي كان يشغلها في السابق فلسطينيون من الضفة الغربية وغزة، وبعد أن كشفت الاضرابات والاحتجاجات الجماعية في الانتفاضة الأولى في عام 1987 عن القوة السياسية التي يتمتع بها العمال الفلسطينيون، سعت إسرائيل إلى استقطاب العمال من الخارج".

ويرى أن "إسرائيل"، من خلال استبدال الفلسطينيين بالعمال المهاجرين، تستغل مجموعات العمالة الأخرى، في حين تحرم الأخيرة من طريق حقيقي للحصول على الجنسية، وفي هذا الإطار يتعرض كل من طالبي اللجوء والعمال المهاجرين المعتمدين من الحكومة للإساءة.

"نظراً لأنهم ليسوا محليين (أي ليسوا فلسطينيين)، ولأنهم غير منظمين سياسياً بطريقة تهدد النظام الإسرائيلي، فإنه يُنظر إليهم في تل أبيب على أنهم شكل أكثر ملاءمة وأقل ضرراً من أشكال العمل"، كما يقول كامينر.

وفقاً لبيانات سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية المُحدّثة لشهر يوليو الماضي، والتي نشرتها صحيفة "هآرتس"، فإن هناك 17.850 طالب لجوء بالغاً من إريتريا في "إسرائيل"، إلى جانب 3269 طالب لجوء بالغاً من السودان، و2098 طالب لجوء بالغاً من دول أفريقية أخرى.

وإضافة إلى ذلك هناك نحو 8000 طفل من أطفال طالبي اللجوء، الذين يدرسون في نظام التعليم الإسرائيلي، ونحو 4700 طالب لجوء سوداني حصلوا على وضع موقت في "إسرائيل".

 









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي