في عالم مليء بالتحديات والمتغيرات، تبرز قصص النجاح، التي تُلهمنا السعي نحو التميز.. شيخة مغير الدرمكي واحدة من هذه الشخصيات الملهمة، التي تجاوزت العقبات، وحولت كل تحدٍّ إلى فرصة للتعلم والتطور، فحصدت المركز الأول بجائزة الريادة في سوق العمل عن فئة القوة العاملة ذات المهارة على مستوى الدولة، خلال دورتها الأولى. لم تتوقف شيخة عند النجاحات الأكاديمية والمهنية، بل استمرت في تطوير نفسها، بتجاربها الثرية خلال السفر والدراسة والعمل في الخارج. ولم تكن عودتها محملة بالخبرات العلمية، والمعرفة الثقافية أو اللغوية فقط، لكنها كانت محملةً بطاقةٍ جديدة نمت داخلها، فجعلتها أقوى وأكثر مرونة في التعامل مع المواقف المختلفة، وأكثر هدوءاً في مواجهة المشكلات؛ ما جعلها قائدة متميزة، بحسب من يعملون تحت إدارتها، فهي «القائد القدوة»، بقوة الشخصية، والاهتمام، والإنجاز.. في هذا الحوار، نغوص في تفاصيل رحلتها الثرية؛ لنعرف كيف صنعت من كل تحدٍّ خطوة نحو القمة:وفقا لموقع زهرة الخليج
تعد شيخة مغير الدرمكي، رئيس قسم الوقود والمواد العازلة، بشركة هالكون، من أوائل العاملين بمجال المواد النشطة، أو الفعالة في المجال العسكري. كانت بدايتها في هذا المجال أثناء التدريب الجامعي في «الهندسة الكيميائية» بشركة طيران في باريس، حيث اكتشفت أهمية المواد العازلة للطائرات الحربية، وعن تلك المرحلة تقول: «لم أكن أتوقع العمل بالمجال العسكري، ولم يكن لديَّ شغف به خلال المرحلة الجامعية، لكن التدريب العملي كشف لي الرابط بين (الهندسة الكيميائية) والمجال العسكري، ودفعني إلى اقتراح إضافة جوانب أخرى في (الهندسة الكيميائية) بمناهج الجامعة، وحصلنا على موافقات مبدئية؛ لطرح هذه المواضيع كورش عمل حالياً، ونحن في طريقنا إلى تطوير هذه الأفكار».
لم تقتصر رحلات الدرمكي إلى الخارج على هذه البرامج، فبعد انخراطها في العمل بشركة هالكون، التابعة لمجموعة شركات إيدج المختصة بالصناعات العسكرية، ابتعثت في العديد من الرحلات الخارجية، التي صقلت شخصيتها، وأضافت إلى معرفتها الكثير، تحدثنا عن بعضها، قائلة: «بعد ثلاثة أشهر من بداية عملي بالشركة، ذهبت في مهمة عمل إلى الصين، الدولة التي لم أتوقع أبداً زيارتها، رافقني خلالها أخي، وموظف من الجالية الصينية ملمٌّ باللغة العربية، وكان الهدف من الرحلة البحث عن مواد كيميائية معينة، والتأكد من خصائصها، وتوافقها مع المعايير المطلوبة من المستخدم النهائي، ومقارنتها بالمواد المتوفرة بالسوق، وغيرها من الأمور. كانت أول مهمة خاصة لي، ولله الحمد، أنجزتها بنجاح. اليوم، أكملت ست سنوات في العمل، خلالها سافرت إلى أكثر من دولة؛ لإنجاز أمور متعلقة بالعمل، مثل: توقيع عقود، أو بداية مشاريع، أو مراجعة تصاميم، أو مرافقة فريق عملي، إذ إنني حالياً مسؤولة عن أكثر من 12 موظفاً، يجب عليهم أن يكتسبوا الخبرة، ويسيروا على الطريق نفسه، الذي سلكته، وأفضل منه؛ فأطلعهم على خطوط إنتاج المصانع المتعلقة بالعمل في جميع أنحاء العالم، حتى لا يتوقف تفكيرهم عند نموذج معين، فأعرض عليهم النموذج الأفريقي مثلاً، والصيني والبرازيلي والتركي، وغيرها، لكي يحضّروا بأنفسهم النموذج الأفضل، وليطبقوه في الإمارات، خاصة أن مجال المواد النشطة أو الفعالة من المجالات الاستراتيجية الجديدة في المجال العسكري بدولة الإمارات».
حب السفر لم يتوقف عند حدود العمل والدراسة، بل امتد إلى الإجازات، تقول شيخة: «الإجازات لديّ مرتّبة ومنظمة، أوزّع أيامها على مدار العام، وأقضيها مع الأهل والأصدقاء. السفر مع العائلة يكون داخلياً أو خارجياً، حسب مدة الإجازة؛ فقضاء الإجازات مع من أحب وسيلة لشحن طاقتي، إذ إنني مسؤولة عن عدد من الموظفين، الذين يحتاجون إلى رؤيتي ثابتة وقوية؛ لأكون مثلهم الأعلى في الموازنة بين العمل والحياة الشخصية».
اختلفت شخصية شيخة، اليوم، عنها قبل ست سنوات؛ فقد صارت أكثر قوة ومرونة في التعامل مع المواقف الصعبة، التي تشكل تحدياً، وأكثر هدوءاً في التعامل مع المشكلات المختلفة، وهذا ليس بسبب السفر وحده، بل بسبب التجارب والتحديات المختلفة، التي خاضتها خلال رحلتها. بابتسامة وثبات، تحدثنا عن كيفية تغيير السفر شخصيتها، فتسرد بعض المواقف التي حدثت لها، قائلة: «الإنسانة التي تجلس أمامك اليوم، غير التي كانت منذ سنوات، وأعزو 90% من هذا التغيير إلى السفر ومواقفه المختلفة. لعل تجربة دراسة الماجستير، والسنة التي قضيتها في الخارج بصربيا، والتدريب العملي الجامعي، غيرتني من الناحية الشخصية، فالصدمة التي تعرضت لها أثناء التدريب العملي منحتني معرفة بكيفية التعامل مع كل موقف. كان من الممكن أن أكون أضعف إنسانة في العالم، لكنني أخرجت كل القوة التي في داخلي، وكنت الشخص الذي يهدّئ كل من حوله، ويشحذ هممهم، فاندهشت من نفسي؛ لأنني لم أحسبها بهذه القوة». وتضيف: «هذه التجربة كانت خلال أزمة (كورونا)، فهي من أكثر التجارب التي غيرتني؛ وعلمتني التعامل مع المواقف الحرجة بذكاء عاطفي. وقد لاحظ مديري السابق مدى قوتي بعد عودتي من البعثة، وشجعني على أن أكون أكثر تحفيزًا للموظفين الجدد. تجربة أخرى كانت في تركيا، حيث حضرت تدريبًا خاصًا بالقسم، رغم إصابتي في ركبتي وقتها، ما زاد قوتي، وصقل شخصيتي».