
القدس المحتلة- قصفت القوات الإسرائيلية واشتبكت مع عناصر من حركة حماس في مدينة غزة، الأربعاء 3يوليو2024، في الوقت الذي هرع فيه عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى ملاذ آمن بعد أن أصدر الجيش أمر إخلاء لمساحة واسعة في جنوب القطاع.
وقال مراسلو وكالة فرانس برس إن مروحيات أباتشي وطائرات إسرائيلية بدون طيار حلقت في سماء حي الشجاعية في مدينة غزة في الوقت الذي سمع فيه إطلاق نار كثيف في الشوارع.
رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقريرا إعلاميا أميركيا جاء فيه أن جنرالاته يدعون إلى هدنة في غزة حتى مع عدم هزيمة حماس، مؤكدا يوم الثلاثاء أن "هذا لن يحدث".
من جانبه، قال رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي إن إسرائيل منخرطة في "حملة طويلة" لتدمير حماس بسبب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وإعادة الرهائن المحتجزين لدى المسلحين الفلسطينيين.
حذرت الأمم المتحدة من أن الحرب المستمرة منذ ما يقرب من تسعة أشهر "أطلقت العنان لدوامة من البؤس الإنساني" وأن أمر الإخلاء الأخير دفع المزيد من الفلسطينيين إلى "هاوية من المعاناة".
بعد عشرة أيام من تصريح نتنياهو بأن "المرحلة المكثفة" من الحرب قد شارفت على الانتهاء، عاود الجيش الإسرائيلي شن الغارات الجوية ونيران المدفعية على المسلحين في منطقة الشجاعية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن سلاح الجو قصف "أكثر من 50 موقعا للبنية التحتية للإرهاب" في أنحاء غزة خلال 24 ساعة بينما "قضت القوات البرية على إرهابيين" وحددت أنفاقا وعثرت على أسلحة بما في ذلك بنادق هجومية من طراز AK-47.
وقام الجيش الإسرائيلي ـ الذي أصدر أمرا بإخلاء حي الشجاعية قبل أسبوع ـ الأحد بنفس الأمر بالنسبة لمنطقة أكبر قرب خان يونس ورفح في الجنوب، مما أثار مخاوف من تجدد المعارك العنيفة هناك.
وعاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الطريق هناك، وكثير منهم يحملون أمتعتهم القليلة فوق السيارات أو العربات التي تجرها الحمير، بحثا عن الأمان في مكان آخر في المنطقة القاحلة التي تعرضت للقصف.
- "حياة مقلوبة" -
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن 250 ألف شخص تأثروا بأوامر الإخلاء الأخيرة التي تغطي المناطق الجنوبية المتاخمة لإسرائيل ومصر.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الأمر يغطي 117 كيلومترا مربعا (45 ميلا مربعا)، أو "حوالي ثلث قطاع غزة، مما يجعله أكبر أمر من نوعه منذ أكتوبر".
وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيجريد كاغ لمجلس الأمن الدولي في نيويورك يوم الثلاثاء إن الحرب أدت الآن إلى نزوح 80 في المائة من سكان غزة.
وقالت أيضا إن المساعدات التي تصل إلى القطاع المحاصر ليست كافية، وأنه يجب إعادة فتح المعابر، وخاصة إلى جنوب غزة، لتجنب كارثة إنسانية.
وأضافت أن المدنيين الفلسطينيين في غزة انزلقوا إلى هاوية من المعاناة، ودمرت منازلهم، وانقلبت حياتهم رأساً على عقب. ولم تخلق الحرب أعمق الأزمات الإنسانية فحسب، بل أطلقت العنان لدوامة من البؤس الإنساني.
وفي خضم الحرب والحصار والنزوح الجماعي، أصيب أكثر من 150 ألف شخص بأمراض جلدية في ظل هذه الظروف البائسة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقالت وفاء علوان، وهي أم فلسطينية لسبعة أطفال تعيش الآن في مدينة من الخيام على شاطئ البحر: "ننام على الأرض، على الرمال حيث تخرج الديدان من تحتنا".
وقالت إن ابنها البالغ من العمر خمس سنوات، والذي كان معظم جسده مغطى بالطفح الجلدي والندوب، "لا يستطيع النوم طوال الليل لأنه لا يستطيع التوقف عن حك جسده".
- "رياح الهزيمة" -
اندلعت الحرب الأكثر دموية في غزة بعد الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل والذي أسفر عن مقتل 1195 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
كما اختطف المسلحون 251 رهينة، بقي منهم 116 في غزة بما في ذلك 42 يقول الجيش إنهم قتلوا.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي الانتقامي منذ ذلك الحين عن مقتل ما لا يقل عن 37925 شخصا، معظمهم من المدنيين أيضا، وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حركة حماس.
وقال الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إن "الأنشطة العملياتية مستمرة في أنحاء قطاع غزة".
وقالت وكالة الدفاع المدني في غزة إن سبعة أشخاص قتلوا عندما أصابت غارة منزلا عائليا شمال مدينة غزة.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس أن غارة أخرى أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص في سيارة بمخيم المغازي للاجئين في منطقة دير البلح وسط القطاع.
وأفاد مكتب الإعلام الحكومي في غزة أن غارات جوية استهدفت أيضًا منازل في رفح.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن كبار الجنرالات يرون أن الهدنة هي أفضل طريقة لتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين، حتى لو كان ذلك يعني عدم تحقيق جميع أهداف الحرب.
ورفض نتنياهو الذي يرأس حكومة تضم أحزابا يمينية متشددة هذا بشدة يوم الثلاثاء وتعهد بأن إسرائيل لن تستسلم "لرياح الهزيمة".
وأضاف أن "الحرب ستنتهي عندما تحقق إسرائيل كل أهدافها، بما في ذلك تدمير حماس وإطلاق سراح كل رهائننا".