
الرباط - الطاهر الطويل ـ تنظم وزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الثقافة – بشراكة مع المجلس الجماعي لتارودانت والمجلس الإقليمي لتارودانت وبتعاون مع عمالة (محافظة) إقليم تارودانت، الدورة الرابعة لمهرجان «تاسكوين» أيام 28، 29، 30 حزيران/ يونيو الحالي، تحت شعار «تاسكوين دعامة وتحصين للهوية وصون للذاكرة».
وأفاد بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه أن هذه المناسبة تأتي للتأكيد على أهمية صون رقصة «تاسكوين» مع منظمة «اليونيسكو»، باعتبارها تراثا ثقافيا إنسانيا تراكم الكثير من التفاعلات التعبيرية والتواصلية والسوسيو ثقافية. ولذلك حرصت وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة – على استمرار العهد، للربط بين الماضي والحاضر وعلى ترسيخ تقاليد فنية تساهم في تثمين القيم الإبداعية وتأخذ بعين الاعتبار تقوية الوعي بالأصالة وتكريس الأبعاد الدلالية والرمزية للتراث الثقافي كقاسم مشترك بين الأجيال.
وأضاف البيان أن الدورة الجديدة سوف تشهد لحظة الوفاء والاعتراف بمن ساهموا في ربط هذا الموروث بين الماضي والحاضر، في لحظة تكريم لثلاثة مبدعين لفن «تاسكوين»، كما ستنظم محاضرة تحت عنوان «تاسكوين رقصة مغربية أصيلة بين الأمس واليوم» بالإضافة إلى معرض إثنوغرافي للأواني والآلات العتيقة.
وأُدرجت «اليونسكو» رقصة «تاسكوين» عام 2017 ضمن قائمة التراث غير المادي الذي يتطلب صوناً عاجلاً. وهي رقصة حربية نموذجية لجبال الأطلس الكبير الغربي في وسط المغرب. وتستمد اسمها من القرن المزخرف الذي يرتديه كل راقص المسمى «تيسكت». وفي هذه الرقصة يجعل المشاركون الأكتاف تهتز على إيقاع الدفوف والمزامير. وجاء في بطاقة تعريفية «لليونسكو» أن هذه الممارسة الفنية تشجع على التماسك الاجتماعي والانسجام، وتمثل وسيلة مهمة للتنشئة الاجتماعية للشباب. ويتم انتقالها إلى الأجيال الشابة في أغلب الأحيان بشكل غير رسمي، من خلال التعلم المباشر.
ولاحظت المنظمة العالمية المذكورة أنه، ولعدة أسباب، أصبح هذا النوع من الرقص مقتصراً على عدد قليل من القرى، وبات مهدداً بالانقراض، إذ تهدد العولمة بسقوطه في غياهب النسيان، كما يتضح من تزايد عدم اهتمام الشباب بالتراث التقليدي لصالح الممارسات الفنية الحديثة. وأضافت «اليونسكو» أن العديد من الفئات لم تعد تزاول هذا الرقص التقليدي، ولا يستطيع مَن تبقى من ممارسيه العثور على متدربين يمكنهم نقل معرفتهم إليهم. كما أن صناعة الأدوات والملحقات آخذة في الانخفاض. ومع ذلك، على مدى العقدين الماضيين، كانت الحاجة إلى ضمان جدوى «تاسكوين» موضوع وعي جماعي لدى فاعلين في المجتمع المدني. وهكذا، أنشئت أول جمعية متخصصة في هذه الممارسة في المنطقة عام 1993، وتبعتها عدة مبادرات أخرى من طرف جمعيات محلية، فضلاً عن جهود المؤسسات الرسمية.
ويشير الباحث المغربي عمر أمرير في مقال منشور بمجلة «التراث الشعبي» إلى أن رقصة «تاسكوين» التقليدية تتكون من ذكور وإناث من مختلف الأعمار، إذ يتوشح الرجال من الفرقة الموسيقية بـ»الفوقية» و»التشامير»، وهي ملابس تقليدية تشبه «الجلباب» المغربي مع اختلافات بسيطة، وتتميز بلونها الأبيض الناصع البياض، بالإضافة إلى عمامة لونها أبيض أيضا تعطي تناسقا تاما لأفراد الفرقة الذين يتأبطون خناجر ومحفظات جلدية تسمى «أقراب». وتتدلى على الأكتاف خيوط حمراء زاهية الألوان، بالإضافة إلى قرون يطلق عليها في الأمازيغية «تيسكت»، وقد كانت تستعمل لوضع البارود فيها لعلاقة الرقصة بالحروب.
أما بالنسبة للإناث فيختلف لباسهم عن الرجال، لكنه لا يقل عنهم جمالا وابهارا، إذ يرتدين «الحايك» ذا اللون الأبيض والذي يتدلى أسفل حتى يخفي أرجل الراقصات، يتوسط جسم كل راقصة حزام عريض مطرز ومزركش بأنواع مختلفة من الزركشات التي تقتبس رموزها من الثقافة الأمازيغية، بالإضافة إلى توشح صدورهن بقلادات مزينة بأنواع مختلفة كاللوبان والفضة، كما أن ضفائر شعرهم الحريري تتموج وتتداخل مع القطع الفضية التي تتدلى على جباههن ويجمعها خيط حريري، تلك القلادات والحلي تحدث وشوشة ورنينا مع حركات الرقص، كما تتزين الإناث بأقراط مختلفة الحجم والشكل تزيد من رونق الرقص.
والجدير بالذكر أن لكل فرقة منسقا يطلق عليه باللغة الأمازيغية «رايس» (أي رئيس)، يتجمع الراقصون حوله على شكل دائرة، يحيط بها جمهور من جميع الأعمار والفئات للتمتع بما تقدمه الفرقة، ويتميز «الرايس» عادة بالحنكة والتجربة والإبداع في الرقص، كما أنه المتحكم في الإيقاعات والحركات التي قد يتعدى عددها ثلاثين إيقاعا، وطوال السهرة تتوالى الحركات والايقاعات المختلفة حسب الآلات الموسيقية المستعملة (تعريجة وبندير وناي).