تحت عنوان “الانجراف الشديد لإيمانويل ماكرون”، قال موقع “ميديا بارت” الاستقصائي الفرنسي إنه في الوقت الذي بات فيه اليمين المتطرف على أبواب السلطة في فرنسا، وأقرب من أي وقت مضى، يعمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على مهاجمة تحالف اليسار، واضعاً إياه في الخانة نفسها مع اليمين المتطرف .
واعتبر “ميديا يارت” أن إيمانويل ماكرون، وبعد “احتقاره” للديمقراطية الاجتماعية، وتجاهله لتطلّعات المواطنين، ودوسه على البرلمان، ما يزال يعتقد أنه في وضع يسمح له بإعطاء دروس في النزعة الجمهورية.
وبعد انتخابه مرتين ضد اليمين المتطرف بفضل أصوات اليسار، ومن دون أن يتوصل إلى أدنى نتيجة، يتخيل أنه قادر على لعب دور المنظمين الكبار للحياة السياسية الفرنسية.
فبعد أن حلَّ الجمعية الوطنية في أسوأ الأوقات، مجازِفاً بإيصال جوردان بارديلا، رئيس حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، إلى ماتينيون (رئاسة الوزراء)، يواصل توزيع النقاط الجيدة والسيئة، وكأن شيئاً لم يحدث.
ووصف الموقع الفرنسي كلام ماكرون بأنه مزيج من الرضا عن النفس والاتهامات الباطلة، المتكررة إلى حد الاشمئزاز. فلم يكتف رئيس الجمهورية بخلق أزمة غير مسبوقة، بل إنه يحاول استغلال حالة الارتباك الحاصلة لإنقاذ ما تبقى لديه من القليل. لذا فقد أمضى أكثر من ساعة، خلال مؤتمره الصحافي، يوم الثلاثاء، في محاولة شيطنة اليسار، ويشرح أن “اليسار الراديكالي” – وهو يتحدث عن حركة “فرنسا الأبية”- يتبع سياسية “معادية للسامية“ و“مناهضة للسلطة التشريعية”. وهي تهم عنيفة وخطيرة من رئيس دولة يتحدث الآن كمحلل سياسي على قناة “سي نيوز” اليمينية، يقول “ميديا بارت”.
ومضى “ميديا بارت” قائلاً إن الرئيس إيمانويل ماكرون قد يكون معجباً بجوردان بارديلا، كما أوضحت حاشيته منذ فترة، لكن هذه مشكلته.. فليس الجميع ملزمين بمشاركة افتتانهم باليمين المتطرف، وذوقهم في الكبريت وشغفهم بأعواد الثقاب.
يمكن للجميع أن يتذكروا بسهولة أن اليسار لم يكن هو الذي غازل “التفضيل الوطني” أثناء “قانون الهجرة” المثير للجدل.
ومنذ عام 2017، سعى الرئيس ماكرون جاهداً إلى تنظيم الحياة السياسية الفرنسية بين من وصفوا أنفسهم “بالتقدميين” و“الشعبويين”، وهو تعبير شامل يضع خلفه كل من لا يتفقون معه. وكانت هذه الإستراتيجية، جنباً إلى جنب مع التطبيع الصريح مع حزب مارين لوبان وأفكاره، سبباً في تغذية صعود اليمين المتطرف إلى حد كبير، يقول “ميديا بارت”.
سيقضي الماكرونيون ( نسبة إلى ماكرون) الأسبوعين المقبلين في مهاجمة اليسار بنفس الحماس الذي يهاجمه به اليمين المتطرف. ولأنه (ماكرون) مهووس بفكرة تدمير اليسار الفرنسي كما دمر اليمين، فقد ندّد عدة مرات بـ “تحالفهم غير اللائق”، وذهب إلى حد ذكر اسم النائب الاشتراكي جيروم غودج كمجند محتمل، الأمر الذي أجبر الأخير على التذكير على الفور بأنه “حارب الإصلاحات غير العادلة” لحكومات ماكرون، وأنه “سيواصل القيام بذلك”، يوضح “ميديا بارت”.
لذلك أطلق ماكرون الحملة التشريعية لعام 2024 بنفس النغمة التي أطلقها عام 2022. وبينما حصل اليمين المتطرف على ما يقرب من 40 في المئة في الانتخابات الأوروبية، كان حزب “التجمع الوطني” قد تأهل بالفعل في أكثر من مائتي دائرة انتخابية في الجولة الأولى من الانتخابات الأخيرة.