
غزة - في مستشفى ميداني تحول إلى أحد المراكز الرئيسية لمعالجة الإصابات البالغة في غزة، يقول طبيب عمل في عدة مناطق حرب إن الوضع الذي رصده في القطاع هو "الأكثر كارثية" على الإطلاق.
ويضيف رئيس قسم الاستجابة السريعة في الهيئة الطبية الدولية في غزة في غزة جاويد علي إن "النزاع مدمر".
تحدث علي إلى وكالة فرانس برس من المستشفى الميداني الواقع إلى الشمال الغربي من المناطق التي أمرت إسرائيل بإخلائها في رفح، ويؤكد أن الوضع في محيط المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة "مروع".
ويقع المستشفى الميداني في منطقة المواصي وقد تضاعفت أعداد الأسرة الموجودة فيه خلال أشهر إلى 150 سرير ويتكون من عدة خيام بيضاء وكرافانات.
صنّفت إسرائيل منطقة المواصي الساحلية الممتدة بين مدينتي رفح وخانيونس منطقة "إنسانية" لاستضافة النازحين الذي أمرتهم الأسبوع الماضي بإخلاء شرق رفح.
ومنذ صدور أوامر الإخلاء الأولى في 6 أيار/مايو، قبل بدء الهجوم الإسرائيلي في منطق رفح، نزح تقريبا نصف السكان الذي يحتمون في المدينة بعدما بلغ عددهم 1,4 مليون شخص وفقا للأمم المتحدة.
بحسب جاويد علي "كانت هناك حركة كبيرة للسكان"، مشيرا إلى أن معظمهم لم يتوجه إلى المواصي التي كانت مكتظة أصلا بشكل كبيرة بل نزحوا شمالا إلى خان يونس.
ويوضح أن النازحين كانوا "مرهقين وخائفين وليس لديهم موارد"، كما أن العديد من المرضى كانوا يطلبون "المال والدعم... حتى يتمكنوا من نقل عائلاتهم إلى بر الأمان".
"مواد أساسية" مفقودة
اندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بعدما شنّت حركة حماس هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1170 شخصاً غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخطف خلال الهجوم أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 36 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وردا على الهجوم، أطلق الجيش الإسرائيلي حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة أدت إلى مقتل 35272 شخصا حتى الآن وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
ازداد الضغط على المستشفى الميداني خاصة مع صعوبة الوصول إلى المستشفيات في رفح.
ويشير علي إلى أن الزيارات اليومية لقسم الطوارئ في المستشفى ارتفعت من 110 زيارات إلى 300، يأتون مع "حالات إصابات متعددة وكسور في العظام في كل أجزاء الجسم".
وتفاقم الوضع في الأيام الأخيرة بسبب إغلاق معبري كرم أبو سالم ورفح اللذين تدخل منهما المساعدات، وتسبب ذلك بتعطيل إمدادات الأدوية والوقود لمولدات الكهرباء في المستشفيات.
يقول رئيس قسم الاستجابة السريعة في الهيئة الطبية الدولية إن المستشفى الميداني "توقع حدوث ذلك" وجهز مخزونا لكنه لم يكن يتوقع هذا الارتفاع في أعداد المرضى.
ويقول "لقد خرج الأمر تماما عن السيطرة ... الإمدادات لن تدوم".
وينوّه جاويد علي بأن المستشفى الميداني يشهد نقصا في "المواد الأساسية"، وقد نفدت "كل تركيبات المضادات الحيوية ومسكنات الآلام المخصصة للأطفال" فيما يتعافى 20 طفلا من عمليات جراحة.
"كارثي"
يقول علي إن مصدر القلق الأكبر هو "المساحة" خصوصا مع تضاعف العمليات الجراحية الكبرى عن متوسط عددها السابق البالغ نحو 25 عملية يوميا.
كذلك، شهد قسم التوليد زيادة كبيرة في أعداد الولادات التي ارتفعت من 10 يوميا إلى 25 تقريبا يضاف إليها ثماني حالات ولادة قيصرية.
وتسبب تعذر وصول الحوامل إلى مستشفى الولادة التخصصي في رفح إلى حدوث "زيادة كبيرة في عدد حالات الحمل المعقدة"، وفق جاويد علي.
ويضيف الطبيب الذي عمل على مدى 15 عاما في مناطق الحرب في كل من أفغانستان والسودان ونيجيريا وأوكرانيا، إن الوضع في غزة "أكثر كارثية بكثير".
ويستدرك "العدد الهائل من الإصابات البالغة، ونقص الموارد، والتوريد المتقطع للمواد... إنه أمر لم أره من قبل".
ويوضح علي أنه في الحروب عادة ما يشكل الرجال النسبة الأكبر من الإصابات الناجمة عن الرصاص والشظايا، لكن في غزة عدد النساء والأطفال المصابين "مرتفع للغاية"، مشيرا إلى استقبال أطفال صغار "بأطراف مبتورة".
ما زال ثلث مستشفيات غزة البالغ عددها 36 مستشفى يعمل وبشكل جزئي فقط، وفقا للأمم المتحدة، وقد "أصبح الوصول إليها خطيرا للغاية" مع وجود النازحين في كثير من الأحيان في أماكن بعيدة.
في ظل هذا الوضع، تحول المستشفى الميداني في المواصي إلى "المركز الرئيسي لإحالة المصابين بجروح بالغة" في جنوب غزة، في حين يعمل جاويد علي وزملاؤه "في خيمة".