لوموند: فرنسيون مسلمون يفكرون في الهجرة.. لم نعد نتلقى الشتائم.. لكن الآليات المتّبعة أصبحت أكثر غدراً

2024-04-19

يحلل يوسف الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي “غيّرت الطريقة التي ينظر بها الغربيون إلى المسلمين” (ا ف ب)ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن العديد من الفرنسيين المسلمين، نساءً ورجالاً، “المستقرين جيداً”، مصرفيين ومهندسين وموظفين حكوميين وأساتذة جامعيين و فنانين.. إلخ، يُفكّرون بشكل متزايد بالهجرة خارج فرنسا، وذلك بسبب انزعاجهم من حالة انعدام الثقة. ويقول أحدهم: “مهما فعلت، فأنا عربي ومسلم”.

ويعتبر العديد من المسلمين الفرنسيين الذين تحدثت  إليهم ”لوموند” بأنهم مقتنعون بأن السلطات العامة، والعديد من وسائل الإعلام، وجزءاً من الرأي العام، أصبحوا أكثر صرامة تجاههم بشكل تدريجي، مؤكدين أن الهجوم الذي شنته “حماس” على إسرائيل يمثل في نظرهم نقطة تحول جديدة في انعدام الثقة حيالهم.

وجميعهم يدينون الخطابات السياسية الموجهة ضد المسلمين، والأجواء “غير القابلة للتنفس والخانقة” و“ تهاون السلطات العامة” تجاههم. كما أنهم  يتحدثون عن “إهدار ضخم”، ويثيرون “الحسرة” تجاه بلدهم، فرنسا، التي “أعطتهم الكثير”، والتي “درّبتهم”، لتجعلهم في النهاية  “أكباش فداء يُشار إليهم باستمرار”.

وتنقل “لوموند” عن هارون، البالغ من العمر خمسين عاماً، خريج كلية التجارة المرموقة، قوله: “مهما فعلنا، ومهما بذلنا من جهود، ومهما كانت مهاراتنا، فنحن مرتبطون بأصولنا وهويتنا المذهبية، وتتم عرقلتنا في حياتنا المهنية. لم أحصل على المهنة التي كان ينبغي أن أتمتع بها.

عدد المغادرين بالآلاف

وتنقل “لوموند” أيضاً عن يوسف، البالغ من العمر 62  عاماً، وهو موظف حكومي وناشط مجتمعي، قوله: ”الجمهورية التي نحبها لا تحبّنا. أخبرنا آباؤنا أننا لسنا في بلدنا، وأننا مجرد ضيوف، لكننا لم نرغب في تصديقهم. ومع ذلك، يجب علينا اليوم أن نعترف بأننا غير شرعيين في فرنسا”.

في ظل هذه الظروف، يفكر الكثير من الفرنسيين المسلمين في الهجرة، بعد أن غادر الآلاف. ولا يتعلق الأمر بالضرورة بالذهاب إلى المنفى في بلد مسلم، بل باختيار العيش في بلد حيث ستتاح لهم نفس الفرص التي يتمتع بها أي مواطن آخر يتمتع بمهارات متساوية. فما نشهده اليوم هو “هجرة صامتة للكوادر في صفوف الفرنسيين المسلمين، والذين قرروا مغادرة فرنسا بألم جراء التمييز ضدهم”، تنقل أستاذ وباحث في جامعة السوربون الجديدة.

فقد قام العديد من هؤلاء الفرنسيين المسلمين بالفعل بالمغامرة بالذهاب إلى دول كالمغرب والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة…

كما توقفت “لوموند” عند حالة  إسماعيل وهارون وسمير المتردِّدين، حتى الآن؛ حيث يشرح سمير: “زوجتي طبيبة، مستعدة للمغادرة، غادر أربع من صديقاتها الطبيبات إلى المغرب، مع أن بعضهن لا يتحدثن العربية.. سمير مقتنع الآن بأن مستقبله في فرنسا انتهى”.

في قصة هؤلاء المواطنين الفرنسيين المسلمين هناك نقطة تحول؛ هجمات شارلي إيبدو، وهايبر كاشر، وباتاكلان، في عام 2015 ، ثم هجوم “حماس” على إسرائيل في 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023.  وحتى لو كانت هذه الأحداث تستحضر سوابق ذات طبيعة مختلفة للغاية، هنا أو هنا في مكان آخر.

ويحلل يوسف الهجمات على مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي “غيّرت الطريقة التي ينظر بها الغربيون إلى المسلمين”.

وعلى هذا الجانب من المحيط الأطلسي، قانون حظر ارتداء الرموز الدينية الواضحة في المدارس العامة، في عام 2004، والهجمات في تولوز، والتي ارتكبها محمد مراح، في عام 2012، والتي “ساهمت في تشويه صورة المسلمين”، يقول إسماعيل، الذي يشعر “بتخلي” فرنسا عنه.

وأوضحت “لوموند” أن العديد من الفرنسيين المسلمين منزعجون من الخطابات المعادية للمسلمين في بعض وسائل الإعلام، وخاصة وسائل الإعلام التي تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع: قانون “الانفصالية”، حلّ التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا عام 2020؛ والجدل المتكرر حول ارتداء الحجاب أو البوركيني؛ ومع بداية العام الدراسي 2023، منع العباءة والقميص في المدارس؛  والحظر الذي فرضه الاتحاد الفرنسي لكرة القدم على فترات الراحة أثناء المباريات للإفطار خلال شهر رمضان، الهجمات، في ديسمبر 2023، ضد مؤسسة ابن رشد التعليمية، المؤسسة الإسلامية الخاصة الوحيدة المتعاقد عليها في فرنسا…

وتنقل “لوموند” عن أحمد شعوره بالمرارة. فهذا المسؤول في قطاع الفنادق الفاخرة في العاصمة، البالغ من العمر 52 عاماً، يؤكد أنه على مدى سنوات رأى أشخاصاً درّبهم هو نفسه يرتقون في الرتب، وهو في حالة ركود.

يقول: “هناك دائمًا حاجز، لكنه غير مرئي، ولم يخبرني أحد أبدًا أن السبب هو أنني مسلم ومن أصل مغاربي”. يقول يوسف: “لم يعد أحد يصفنا بـ “العرب القذرين” كما كان الحال في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولا أحد يدعونا بـ “المسلمين القذرين” أيضًا، ولا يهاجمنا، فالآليات المتبعة في العمل أصبحت أكثر “غدرًا”.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي