هآرتس: ما الذي أخفاه غانتس بطلبه تبكير الانتخابات.. ولماذا أذعن لرفض نتنياهو؟  

2024-04-05

 

رسالة غانتس الأساسية، التي لم تقل بالطبع، كانت تستشرف الاحتجاج وازدياد المطالبة بإجراء الانتخابات (أ ف ب)امتنع غانتس عن عقد مؤتمرات صحافية خلال ثلاثة أسابيع، وهو التقليد الذي حرص عليه مرة كل أسبوع. سبب ذلك هي حساسية المحادثات التي تجري لعقد صفقة لإعادة المخطوفين. لم يرغب في تلقيه أسئلة يصعب عليه الإجابة عليها. مصداقية هذا الادعاء وضعت محل شك في مساء الأربعاء عندما عقد غانتس مؤتمراً صحفياً وقدم فيه عنواناً سياسياً للإعلام: دعوة لتبكير الانتخابات إلى أيلول القادم. المبرر: إذا تم الإعلان عن إجراء الانتخابات فسيهدأ الشارع وينتقل العداء إلى الجبهة السياسية والأستوديوهات.

هذا تفسير مثير وربما صحيح، لكن يمكننا التشكيك بوجود دوافع خفية. طرح طلبه هذا بعد أن أصبح شريكه عدوه. واقترح جدعون ساعر (اليمين الرسمي) في خطاب استقالته من الحكومة، إجراء الانتخابات في بداية 2025. وطرح غانتس أيلول. يئير لبيد، الذي طالب بإجراء الانتخابات في نهاية كانون الثاني، أوضح بأن أيلول متأخر جداً.

لدى غانتس نوع من اللغة الخفية. هو يفضل دائماً البحث عما لم يقل بصراحة، لذا لم يذكر رفح. لا توجد رفح. فهذا الشخص الذي هدد بأنه “إذا لم يتم التوصل لصفقة حول إطلاق سراح المخطوفين فستعمل إسرائيل في رفح حتى في شهر رمضان”. وعندما كان في واشنطن، أعلن من هناك أننا إذا لم نعالج كتائب حماس المتبقية هناك فسيكون هذا مثل “إطفاء 80 في المئة من الحريق”.

أين رفح إذاً؟ تكمن إجابة في المتاهة الإسرائيلية التي أساسها الموقف الأمريكي. فهناك لم يعودوا يخفون معارضتهم المطلقة لاقتحام المدينة التي فيها حوالي 1.3 مليون لاجئ. غانتس لم يقنعهم أثناء زيارته بأن إسرائيل ستتمكن من إنجاز المهمة بالمعايير التي ترضيهم. والخطة التي عرضها عليهم رون ديرمر وتساحي هنغبي، عززت معارضتهم.

يمكن التقدير بأن غانتس كان متساوقاً مع الأمريكيين، إذا لم يكن على الرسالة التي أخفيت، فعلى الأقل على الرسالة التي طرحت. وفي خطابه أول أمس، قفز عن رفح كما قلنا، لكنه ذكر أهمية الحلف الإقليمي “الإبراهيمي” حسب تعبيره، الأمر الذي يتساوق بالضبط مع موقف أمريكا.

في نهاية المطاف، ما أدى إلى عقد المؤتمر الصحافي الأهم في الأشهر الأخيرة ليس إخفاقات نتنياهو في الحرب أو قضية المخطوفين أو المعارك الوزارية أو الاستطلاعات الأخيرة التي تآكل فيها “المعسكر الرسمي”، بل الشارع، بقيادة عائلات المخطوفين وحركات الاحتجاج، الذي تحول منذ نهاية الأسبوع الأخير من ساخن إلى مشتعل. لا يوجد أكثر غباء من أن نسمي هذا “6 أكتوبر”. يجب، ومن الصحيح، تسميته “حالة طوارئ”. رغم الإدانة التي نشرها غانتس وأصدقاؤه للأحداث المتطرفة والهامشية في الاحتجاج، يعرف أن أساسها مبرر. ويعرف أن الغضب الشعبي، مثلما في بلفور أو كابلان، سيزداد ويتسع، وأنه لا بد أن يكون هناك.

ديناميكية الشارع

رسالة غانتس الأساسية، التي لم تقل بالطبع، كانت تستشرف الاحتجاج وازدياد المطالبة بإجراء الانتخابات. وقد شخص أن أساس شرعية “المعسكر الرسمي” كبديل للحكم آخذ في التضعضع. مقاعد كثيرة قد تذهب. 6 – 7 مقاعد غادرت في السابق. المحتجون، الذين في جزء منهم نزلوا عند غانتس، بدأوا في التسرب نحو حزب اليسار الآخذ في التشكل ليئير غولان. مصوتو اليمين غير البيبيين سيغادرون بدورهم “المعسكر الرسمي” وسيذهبون إلى نفتالي بينيت/ يوسي كوهين/ جدعون ساعر.

قبل خروجه إلى وسائل الإعلام، اتصل مع نتنياهو واقترح عليه الموافقة على أيلول، حتى يستطيع التصريح في المؤتمر الصحافي بأنه قد فعل ذلك. رد الأخير العلني (تحت عنوان الليكود) كان صارخاً ومتطاولاً حتى بمعاييره. “الانتخابات الآن ستؤدي إلى الشلل والانقسام (قال المقسم الرسمي للمجتمع الإسرائيلي، الذي جره إلى أربع جولات انتخابية في سنتين وعمل سبعة أيام في الأسبوع، 24 ساعة، من أجل تصفية حكومة التغيير وإجراء انتخابات مبكرة)؛ والمس بالقتال في رفح (أي قتال)؛ والمس الخطير باحتمالية عقد صفقة لتبادل المخطوفين (العكس بالضبط: نتنياهو المفعم بالإخفاقات والمقيد من قبل شركائه – منقذيه، عليه عرض إنجاز على الجمهور، ولا يوجد مثل عودة النساء وكبار السن والجرحى والمرضى لرفع المعنويات المنهارة ولو قليلاً).

عندما سئل غانتس في المؤتمر ما الذي سيفعله إذا لم يوافق على طلبه، رفض الإجابة. في الحقيقة، لا يملك أي فكرة، وهذه الفكرة سبق ورفضت تماماً مع توجيه الإهانة لمن طلبها، كما ذكرنا آنفاً.

ولكن حتى لو لم يقرر غانتس بعد بشأن خطواته وموعدها، فكرة الوحل السياسية التي بدأت تتدحرج قد تصبح مستقلة. وحتى لو استمر مصوتو المعسكر الرسمي في الانقسام في الاستطلاعات حول البقاء في الائتلاف، فإن ديناميكية الشارع الصاخب والمنظومة السياسية المستقطبة، ستمليان واقعاً مختلفاً، واقعاً يشكل المطلوب: انتخابات وبسرعة، ومن الأفضل أن تجري قبل سنة، عملياً قبل سنتين.

 

يوسي فيرتر

هآرتس 5/4/2024








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي