توجس في البلدات المهجورة بشمال إسرائيل من اندلاع حرب مع حزب الله  

أ ف ب-الامة برس
2024-03-20

 

 

صورة التُقطت خلال جولة إعلامية منظمة لكلب يسير بجوار سيارة مدمرة في بلدة المطلة المهجورة شمال إسرائيل (أ ف ب)   بيروت- يتوجس السكان النازحون من المناطق الحدودية مع لبنان في شمال إسرائيل، لدى تلقيهم اتصالا من ديفيد أزولاي الذي يبلغهم عادة بسقوط صواريخ أطلقها حزب الله على منازلهم المهجورة.

يعيش الرجل البالغ من العمر 57 عاما بمفرده في الغالب منذ أن نزح جميع سكان المطلة تقريبا في أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وبصفته رئيسًا لمجلس البلدة، شعر أزولاي بأن من واجبه البقاء وتفقد الأضرار التي تحدثها الصواريخ والقذائف التي يطلقها حزب الله على شمال إسرائيل "مساندة" لحماس الحليفة له.

يتطلب منه ذلك النوم في ملجأ في المطلة التي يحدها لبنان من الغرب والشمال والشرق، ومن ثم تفقد الأضرار في فترات الهدوء.

ومنذ بدء التصعيد عبر الحدود، تعرّض 130 منزلاً من أصل 650 للقصف، وبعضها احترقت طوابق كاملة فيها، وغطى مداخلها حطام الزجاج والركام.

ومع تواصل حرب غزة منذ أكثر من خمسة أشهر، وعدم توقع توقف تبادل إطلاق النار شبه اليومي بين إسرائيل وحزب الله، يرى أزولاي أن الحل الوحيد يمكن في شنّ حرب مفتوحة لإبعاد الحزب عن الحدود وجعل المنطقة الشمالية في إسرائيل آمنة ليتمكن سكانها من العودة إليها.

وقال هذا الأسبوع وهو يقف على مقربة من سيارة تعرضت للقصف في وسط شارع تصطف على جانبيه أشجار الحمضيات "لا أرى طريقة أخرى تمكّن المواطنين من العودة بأمان إلى منازلهم".

وأضاف للصحافيين خلال زيارة الى المطلة نظمتها السلطات الإسرائيلية "تعبنا من الحرب، ولكن ليس لدينا خيار آخر في الوقت الحالي. إنهم يطلقون النار على منازل المدنيين، وليس على قواعد الجيش".

- "لا أنام الليل" -

ومنذ بدء التصعيد، يعلن حزب الله استهداف مواقع ونقاط عسكرية في شمال إسرائيل، بينما تؤكد الأخيرة شنّ غارات جوية وقصف "بنى تحتية" للحزب وتحركات لعناصره في مناطق قرب الحدود مع جنوب لبنان، وأحيانا أبعد من ذلك.

وأكدت ضابطة المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابقة ساريت زيهافي أن الانطباع السائد بين الإسرائيليين في الشمال هو أن حزب الله يحاول إشعال الحرب، على رغم أن تحليلات الخبراء وتصريحات مسؤولي الحزب المدعوم من طهران، تناقض ذلك.

وتسبب التوتر بنزوح عشرات الآلاف من شمال إسرائيل، ما حوّل 43 تجمعاً سكانيًا إلى قرى وبلدات مهجورة.

وفيما تسعى كل من باريس وواشنطن إلى نزع فتيل التصعيد، قالت زيهافي إنها تخشى أن الاتفاق الذي قد يتم التوصل إليه لن يعني إبعاد التهديد.

وقالت للصحافيين خلال عرض كان جزءا من الزيارة إن حزب الله "يفضل جرّ إسرائيل إلى الحرب بدلا من الشروع فيها. لكنهم ما زالوا قادرين على التسلل".

وأضافت "لا أنام الليل من قلقي من أن ينتهي بنا الأمر إلى وقف لإطلاق النار لن يقضي على قدراته بشكل كامل".

ويشير محللون الى أن الضرر على جانبي الحدود كبير، لكنهم يعتبرون أن ذلك لا يعني أن الحرب الشاملة حتمية.

وقال هاميش كينير، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة فيريسك مابلكروفت إن "حزب الله لا يرغب على الأرجح في خوض حرب واسعة النطاق لأنه لن يمتلك فيها عنصر المفاجأة، وهو أمر ضروري للحزب عندما لا يميل ميزان القوة العسكرية لصالحه".

وأضاف "إن قيام إسرائيل بشن حرب واسعة النطاق ما زال غير مرجح في ظل استمرار تركيزها على محاربة حماس والدفع بمواردها في تلك الحرب".

وأكدت الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، رغبتها بتجنب نشوب صراع إقليمي أوسع.

ورأى حسين إيبش من معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن إسرائيل، وليس حزب الله، هي التي تصعّد النزاع، بما في ذلك من خلال القصف الجوي في العمق اللبناني، مثل مدينة بعلبك (شرق) البعيدة حوال 100 كيلومتر من الحدود.

وتحدث عن مؤشرات على أن إسرائيل تستعد "لهجوم الربيع" في لبنان، أو على الأقل تعمل جاهدة على توجيه رسالة بأنها تستعد لذلك.

وقال "إنهم يريدون خلق انطباع بأن هذه الحرب لا مفر منها لجعل شمال إسرائيل آمنا للعيش فيه مرة أخرى".

- "تغيّر كل شيء" -

ومنذ بدء التصعيد، قتل أكثر من 300 شخص في لبنان جراء القصف الإسرائيلي، معظمهم من عناصر حزب الله، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية. وفي إسرائيل، قال الجيش إن ما لا يقل عن 10 جنود وسبعة مدنيين قتلوا.

وتعد هذه الخسائر ضئيلة مقارنة بالحرب بين إسرائيل وحماس، والتي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وأدى الى مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية الرامية إلى "القضاء" على حماس إلى مقتل ما لا يقل عن 31923 شخصًا، وفقًا لوزارة الصحة التابعة للحركة.

مع ذلك، في كريات شمونة، وهي بلدة في شمال إسرائيل هجرها معظم سكانها، قال نائب رئيس الأمن أرييل فريش إن هجوم حماس غيّر النظرة إلى حزب الله.

وقال "في السادس من تشرين الأول/أكتوبر، كان بإمكاننا الذهاب إلى المطلة، وأن نرى حزب الله وراء الحدود ونضحك. ها هو حزب الله، لديهم أسلحة، فماذا يعني ذلك؟ لدينا الجيش الإسرائيلي، ونحن في أمان".

لكن بعد الهجوم "تغير كل شيء لأننا فهمنا أن شنّ هجوم علينا هو خطر حقيقي".

وشدد على أن زوال هذا التهديد هو السبيل لعودة الحياة الى طبيعتها. وقال "نريد السلام ونستحق السلام. هذا ليس سلامًا وهذه ليست حياة".

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي