عن "الصفقة".. أمريكا تريدها قبل رمضان وحماس ترد على تشدد نتنياهو: تحمل وزر أسراك  

2024-02-18

 

كبار قادة الجيش و”الشاباك” والموساد شركاء في بلورة خطة لإطار المفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين، التي قُدمت لنتنياهو ورفضها (ا ف ب)كرس الرئيس الأمريكي بايدن في الأسبوع الماضي، بضع ساعات لمحادثات هاتفية مع رئيس الحكومة نتنياهو. حسب التقارير، أكد بايدن لنتنياهو الحاجة للتوصل وبسرعة إلى صفقة أخرى لإطلاق سراح المخطوفين، وعبر عن القلق على حياتهم. وزيارة رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز لإسرائيل بعد قمة القاهرة تدل على الأهمية التي تعطيها الإدارة الأمريكية لهذا الأمر.

يطرح رئيس الحكومة مواقف متصلبة في المفاوضات غير المباشرة حول الصفقة، التي تتساوق مع طلبات مبالغ فيها لحماس. وقال إسماعيل هنية، رئيس حماس في الخارج، في نهاية الأسبوع، إن منظمته تطلب “وقفاً مطلقاً للعدوان، وانسحاب القوات الإسرائيلية خارج القطاع، ورفع الحصار، وعودة النازحين، لا سيما إلى شمال القطاع، والالتزام بإعادة إعمار القطاع”. بكلمات أخرى، عادت حماس لترد على خط نتنياهو المتشدد وتتفوق عليه.

إذا كانت هناك احتمالية لصفقة قريبة، فهي احتمالية تبدو آخذة في التقلص، هذا خطر واضح وفوري على حياة المخطوفين (الذين حوالي 32 من بين الـ 134 منهم أعلن الجيش الإسرائيلي عن موتهم) تحت الشروط الصعبة التي يحتجزون فيها والفترة الطويلة التي انقضت منذ اختطافهم في 7 تشرين الأول. عائلات المخطوفين التي تدرك ذلك تصعب خطواتها قليلاً، لكن يبدو أن نضالها بقي مؤدباً جداً، مع الأخذ في الحسبان الظروف الفظيعة. ثمة وقت أمام نتنياهو وهنية، لكن وقت المخطوفين ينفد.

تسعى الإدارة الأمريكية لتطبيق مرحلة أولى لصفقة جديدة، إطلاق سراح نحو 35 امرأة ومسناً ومريضاً مقابل وقف نار لمدة 45 يوماً قبيل رمضان، في 10 آذار القادم. في هذه الأثناء، تبدو الفجوة كبيرة حتى فيما يتعلق بحجم انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وحول النسبة بين المحررين الإسرائيليين والفلسطينيين. للإدارة الأمريكية طموح أكبر، يهدف لدمج إطلاق سراح المخطوفين معاً، وإنهاء الحرب مع صفقة في الشرق الأوسط، تشمل اعترافاً مبدئياً بحل الدولتين، والتطبيع بين إسرائيل والسعودية، والتوصل إلى حل دبلوماسي للمواجهة بين إسرائيل وحزب الله على الحدود مع لبنان.

كبار قادة الجيش و”الشاباك” والموساد شركاء في بلورة خطة لإطار المفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين، التي قُدمت لنتنياهو ورفضها. من المرجح أن الجيش سيؤيد صفقة تبادل حتى بثمن وقف طويل لإطلاق النار مع إدراك بالمأساة التي تمزق المجتمع الإسرائيلي. مع ذلك، لا يمكن القول إن رؤساء الأمن سيخرجون عن أطوارهم لإجبار نتنياهو على المضي بصفقة سريعة. ليس مسألة موافقة على أوامر المستوى السياسي فحسب، لأن وقف القتال سيسرع تقدم التحقيق في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب، وسلسلة استقالات متوقعة لضباط كبار في جهاز الأمن. وبصورة غير واعية، لجهاز الأمن مصلحة ما في استمرار الحرب ولنتنياهو أيضاً، كما يدل على ذلك وعده المتكرر بـ “الانتصار المطلق” الوشيك.

ما الذي يسعى إليه نتنياهو؟

قال وزير الخارجية الأمريكي مؤخراً في لقائه مع الرئيس إسحق هرتسوغ في ميونيخ، إن الولايات المتحدة تتوقع اتخاذ خطوات مهمة لحماية السكان المدنيين في قطاع غزة. الإدارة الأمريكية، قال بلينكن، لن تؤيد أي اقتحام إسرائيلي لرفح إلى حين عرض خطة موثوقة لإخلاء أكثر من مليون فلسطيني من المنطقة.

هذه خطة لم تُستكمل بعد، رغم تصريحات وتسريبات كثيرة لوسائل الإعلام. ولاحتلال رفح، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى عمليتي إعداد، ويحتاج إلى الوقت، وإخلاء معظم السكان كما حدث في شمال القطاع وخان يونس، وتخصيص المزيد من القوات النظامية من خلال إعادة استدعاء وحدات الاحتياط التي تم تسريحها جميعاً في الفترة الأخيرة.

المنطقة الزراعية الصغيرة في المواصي قرب شاطئ البحر الواقعة شمالي رفح، لن تستوعب، مادياً، مئات آلاف السكان في خيام؛ والمناطق الأكثر شمالاً تعرضت لدمار كبير جراء هجمات الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب. إعادة السكان إلى غزة وخان يونس تعني العيش بين الأنقاض، بدون بنى تحتية؛ وإسرائيل تنظر لدفع السكان من جنوب القطاع إلى وادي غزة كجزء من الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون على المذبحة في 7 تشرين الأول، وفي هذه الأثناء تربط عودة السكان بإنهاء الحرب.

إن رفض الحكومة لوضع خطة واضحة حول الاستمرار في الحرب، ولا نريد التحدث عن ترتيبات اليوم التالي، يصعب على المستوى العسكري في جهاز الأمن، وعلى جهات أمريكية وأوروبية هي في تواصل مع إسرائيل. ادعاء حكومات أجنبية ومؤسسات دولية أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاقات، حتى لو مؤقتة، حول ما يحدث في القطاع؛ لأن الإسرائيليين الذين يتحدثون معهم لا يتعهدون بشيء.

اعتاد الجيش لسنوات على أنه لا يمكن الحصول على توجيه واضح من المستوى السياسي حول نواياه، هذا واقع يجد التعبير حتى في مناورات هيئة الأركان التي تحاكي الحروب، التي يبقى فيها وضع النهاية غامضاً لأن الحكومة لا توضح رغبتها للجيش. الواقع متطرف أكثر إزاء القيود السياسية. قلائل في إسرائيل وفي الساحة الدولية، يدركون ما يسعى إليه نتنياهو.

في الميدان نفسه لا يوجد انطباع بأن الجيش يضغط على الحكومة للتقدم نحو رفح. ما زال الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” يركزون العمل في خان يونس، حيث تستمر مطاردة كبار قادة حماس وعلى رأسهم السنوار، إضافة إلى اقتحامات محددة الزمن في شمال القطاع. هذه النشاطات تحتاج إلى بضعة أسابيع على الأقل، وعندها لا يقين بانتهائها ولو تم اعتقال كبار قادة حماس. بقي مخيمان للاجئين في وسط القطاع، وهما النصيرات ودير البلح، اللذان لم تعمل إسرائيل فيهما حتى الآن. كتائب حماس قوية ومنظمة أكثر من الكتائب الأربع في رفح. وبقي في مخيمات الوسط بنى تحتية لإنتاج السلاح من قبل حماس والتي لم تتضرر.

في خان يونس انخفض عدد الأحداث ومقاومة حماس العسكرية مثلما في مناطق أخرى، وهي مقاومة تستند إلى خلايا صغيرة تشارك في القتال بدلاً من الاستناد إلى سرايا وفصائل منظمة. يبدو أن هناك تأثيراً للظروف القاسية في الأنفاق، مثل مشكلة التهوية وصعوبة في التموين والضغط نتيجة هجمات الجيش الإسرائيلي، على الروح القتالية لحماس. لم يبق سوى القليل من القادة على رأس رجالهم، ولكن كل ذلك لم يترجم حتى الآن إلى كتلة حاسمة تؤدي إلى استسلام حماس تحت الضغط العسكري.

 

 

 عاموس هرئيل

 هآرتس 18/2/2024








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي