لعنة الفقر… والمال أيضاً!

2024-02-14

غادة السمان

ألم يتعب جنود الاحتلال من المجازر والأذى المفرط لغزة وأهلها الأبرياء؟ ألا يشعرون بالحرج الإنساني حين يدفنون 40 شهيداً في مقبرة جماعية؟ ألا يفكّرون بأولادهم وأراملهم؟ ألا يشعرون بالحرج أمام التهجير القسري؟ ألا يخجلون من قتل 27 ألفاً و947 شهيداً منذ بداية العدوان؟ هذا وزيرٌ إسرائيلي يقترح تهجير الفلسطينيين إلى جزيرة (اصطناعية)، والحل الأخير هو قتلهم؟ وثمة من يتساءل: هل قتل الفلسطينيين هو بديل إسرائيل من حل الدولتين؟ حكايات جنود الاحتلال في غزة تسبب الخجل إنسانياً. هذا جريح فلسطيني تم بتر ساقيه بدون تخدير! وهذه حامل استشهد طفلها قبل أن يولد.. و50 ألف سيدة حامل يهدّد القصف حياتهن…

وعلى الرغم من ذلك كلّه (أو بسببه) يتضامن معظم العالم مع أهل غزة الذين يتحمّلون الأذى كل يوم ولا يهاجرون كما يريد جنود الاحتلال كي (يحرّروا) الأرض من سكانها ويكتمل احتلالهم لفلسطين، الغالية على قلوب العرب وقلوب الذين يمقتون الاحتلالات الظالمة.

غزة والفقر والقصف

وعلى الرغم من تضامن العالم (أو معظمه) مع غزة وفلسطين ونرى صورهم في الصحف يأملون في حكم ينصف غزة بعد مقاضاة إسرائيل، ولكن المجازر متواصلة في غزة حتى إن المولدات توقفت في المستشفيات، ما ينذر بكارثة إنسانية وفقد معظم الناس أعمالهم؛ أي أن هذا العدوان من جنود الاحتلال حمل معه الفقر لعجز الناس عن ممارسة أعمالهم. والفقر لعنة تسبب الجوع. وارتداء الناس في معظم أنحاء العالم للكوفية الفلسطينية وحمل أعلامهم، لا يشبع جوع أهل غزة ولعنة الفقر التي حلّت بهم.

لعنة المال أيضاً!

ولكن بعض الأثرياء يعانون من «لعنة المال»، وتتمزق الصلات العائلية من أجل الميراث، الذي قد يبلغ أحياناً عشرات الملايين من الدولارات، كما يحدث الآن مثلاً لأسرة آلان دولون.

آلان دولون (88 سنة) ممثل فرنسي مشهور جداً في فرنسا (يقيم الآن في أوشي) قرب باريس، جمع أيام شبابه ثروة لا من السينما وحدها، بل لحسن اختياره للوحات فنية تضاعَفَ ثمنها فيما بعد لمرات، وغير ذلك من أساليب الثراء. في البداية، تعلّقت به سيدة يابانية الأصل (هيرومي رولن) ثم لاحظ أولاده ذلك باستثناء ابنته أنوشكا، التي كانت دائماً قريبة منه، ورافقته إلى مهرجان السينما قبل عامين حين نال جائزة فخرية، ووحدها قريبة منه أكثر بكثير من ابنيه: آلان ودوشي. ولأن مقدار ميراثه تصدّرَ الصحف الفنية الفرنسية والمجلات يبلغ 300 مليون دولار، لذا عاد أولاده للاهتمام به وأقاموا الدعوى على هيرومي رولن، التي تسمي نفسها رفيقته (على أمل الميراث). لكن آلان دولون الأب، قيل إنه على وشك الموت لإصابته بنوع نادر من السرطان، وقرر أن ترث ابنته أنوشكا نصف ثروته، ويتقاسم أبناء دوشي وآلان دولون النصف الآخر. وقرر ذلك خلال حياته كي لا يحدث لثروته وأولاده ما سبق أن حدث لأسرة المغني جوني هاليداي. ولكن ما الذي حدث لتلك الأسرة؟

ثروة هاليداي وتمزّق أسرته

حين توفي جوني هاليداي (المغني الفرنسي المحبوب جداً في فرنسا)، وأسلم الروح في أحد مستشفيات U.S.A، كان قد أوصى هناك، في الولايات المتحدة الأمريكية، بثروته لزوجته الشابة الصغيرة الجميلة لوتيسيا. وبعد وفاته، ودفنه في فرنسا، حيث أغلق الفرنسيون جادة الشانزيليزيه الشهيرة في باريس ليتجمع على الأرصفة آلاف المعجبين به، هبطت زوجته الشابة لوتيسيا ومعها ابنتاهما بالتبنّي جود وجولي، ومشتا خلف نعشه في السيارة حتى الكاتدرائية حيث أجرى الكاهن مراسيم الدفن، وحضر يومها بعض رؤساء الجمهورية الفرنسية السابقين أو بعض زوجاتهم. ولكن جاء بعد ذلك دور التمزق العائلي من أجل الميراث.

دافيد هاليداي وأخته لورا

وبعد دفن المشهور، قامت (المعركة المالية) بين أرملته وأولاده الذين أقاموا الدعوى ضد أرملته لوتيسيا، بحجة أن وصيته غير مقبولة في فرنسا. والتفاصيل لا تهم القارئ العربي، لكن حكاية الشجار حول المال وضد الفقر تذكرنا بالفقر في أي بلد، بما في ذلك مؤخراً في قطاع غزة، بسبب عدوان جنود الاحتلال على الناس.

إيلون ماسك لمن ميراثه؟

تقول المجلات المالية إن أغنى رجل في العالم يدعى إيلون ماسك. وهو حريص على إبقاء حياته الشخصية بعيداً عن الصحافة.

ولكن، ماذا لو تبرع بثروته حين يموت (بعد عمر طويل) إلى أهل قطاع غزة؟








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي