خيبة أمل لدى السودانيين.. البرهان وحميدتي.. فرقتهما الحرب فهل يجمعهما "سلام" جيبوتي؟

الأناضول - الأمة برس
2024-01-01

صورة تجمع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع في السودان مع عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني (ا ف ب)

السودان - خيّب تأجيل لقاء مزمع في جيبوتي بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش، مع قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، آمال السودانيين في وقف قريب للقتال بالبلاد.

والأربعاء الماضي، أعلنت الخرطوم أن جيبوتي أبلغتها بتأجيل لقاء البرهان مع "حميدتي" إلى أجل غير مسمى في يناير/ كانون الثاني الجاري، وذلك بعد تعذر لقاء الطرفين المزمع بالعاصمة الجيبوتية، الخميس الماضي، لوضع حد لحرب اندلعت بين الجانبين منذ أبريل/ نيسان 2023.

والسبت، قال وزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف عبر حسابه بمنصة "إكس" إنه "في الأسبوع المقبل ستقوم جيبوتي بصفتها رئيسة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) بتمهيد الطريق للحوار السوداني وتستضيف اجتماعا حاسما".

ورسم هذا التأجيل واقعا معقدا للسودانيين في ظل استمرار القتال في 10 ولايات، على رأسها العاصمة الخرطوم، واستمرار نزوح آلاف المواطنين بحثا عن مكان آمن.

ويلازم الواقع العسكري المعقد، وضع إنساني كارثي، حيث يعاني الكثيرون في الحصول على الغذاء والعلاج، مع خروج معظم المستشفيات عن الخدمة في مناطق القتال، وفق وزارة الصحة السودانية و"نقابة أطباء السودان".

ويرى مراقبون أن لقاء "البرهان-حميدتي"، بعد أكثر من 8 أشهر على اندلاع القتال، سيحدث اختراقا بشأن وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، على أقل تقدير.

وفي 11 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أصدرت "إيغاد" بيانا ختاميا لقمة جيبوتي، أشارت فيه إلى "موافقة البرهان وحميدتي على عقد لقاء ثنائي بينهما".

وفي اليوم ذاته، أعلن السودان اشتراط البرهان قبل لقاء حميدتي "إقرار وقف دائم لإطلاق النار في البلاد، وخروج قوات الدعم السريع من الخرطوم".

وحظيت الدعوة للقاء يجمع البرهان وحميدتي بدعم سياسي ومدني سوداني، وتشجيع إقليمي ودولي، أملا بالإسراع في إنهاء الحرب.

و"إيغاد"، منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست في 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق إفريقيا، تتمثل في: إثيوبيا وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، حربا خلَّفت أكثر من 12 ألف قتيل وأكثر من 6 ملايين نازح ولاجئ وفق الأمم المتحدة.

ضغوط وعقوبات

يرى الخبير الاستراتيجي اللواء متقاعد أمين مجذوب اسماعيل، أن التركيز على لقاء البرهان وحميدتي "جاء بعد اخفاقات متواصلة لمفاوضات جدة بالسعودية، ومبادرة إيغاد السابقة، ومبادرة دول جوار السودان".

وأضاف: "لذلك، رأت الولايات المتحدة والسعودية وإيغاد ضرورة حسم الخلافات خلال اللقاء في جيبوتي، حتى لا يعتبر الخلاف شخصيا بين القائدين".

وأوضح الخبير السوداني أنه "يمكن أن يمهد لقاء الرجلين لاتفاق على كثير من النقاط بشأن الجيش وقوات الدعم السريع ودمجهما معا".

وأشار إلى إمكانية أن يسهم اللقاء المرتقب في حل الأزمة "إذا تم تقديم تنازلات من الطرفين دون شروط مسبقة".

وأضاف: "الشروط المسبقة قد تطيح باللقاء قبل انعقاده، مثل اشتراط الدعم السريع جلوس البرهان للتفاوض بصفته قائدا للجيش، وليس رئيسا لمجلس السيادة، أو اشتراط الجيش خروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمستشفيات وتجمع قواته في معسكرات".

واعتبر اسماعيل أن موافقة البرهان وحميدتي على اللقاء في جيبوتي "جاءت نتيجة ضغوط شعبية ودولية بضرورة حل الأزمة".

وأشار إلى أن الموافقة على اللقاء "جاءت بعد إدانات وعقوبات فرضتها الولايات المتحدة على عدد من قادة الدعم السريع، ورموز إسلاميين في السودان".

وأردف: "لذلك يخشى البرهان وحميدتي أن تصلهم تلك العقوبات، لذلك قبل الرجلان بعقد اللقاء استجابة للضغوط وتفاديا للاحتكاك مع المجتمع الدولي وخشية من العقوبات".

وحذر الخبير السوداني من أن "أي ترتيبات لحضور اللقاء من قبل رؤساء إيغاد قد يطيح باللقاء ويجعله شبيه بالاجتماع العام"، مشددا على أنه "من الأفضل أن يتم اللقاء مباشرة بين البرهان وحميدتي وبتنظيم من جهة واحدة".

وفرضت الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2023، عقوبات علي نائب قوات الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق حميدتي، وعلى قائد قطاع غرب كردفان عبد الرحمن جمعة، بسبب "ارتكاب قواتهم أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان".

كما أعلنت واشنطن في 4 ديسمبر 2023، فرض عقوبات على 3 مسؤولين سابقين لدورهم في "تقويض السلام والأمن والاستقرار في السودان"، وهم مدير مكتب الرئيس السوداني السابق طه عثمان، ومديرا المخابرات صلاح عبدالله "قوش" ومحمد عطا، كما سبق ذلك فرض عقوبات على وزير الخارجية الأسبق على كرتي.

"لا خيار سوى التفاوض"

يرى المحلل السياسي أمير بابكر، أن "التركيز يدور حاليا على لقاء الجنرالين، لأنهما على رأس القوتين اللتين تقودان الحرب في السودان".

وأضاف: "إذا سلمنا جدلا بأن أي حرب تنتهي في خاتمة المطاف بالتفاوض، فسيكون جلوس الجنرالين، البرهان وحميدتي، هو ختام التفاوض الذي بدأ منذ أشهر بمدينة جدة السعودية".

وأوضح أنه "رغم تعثر مفاوضات جدة، إلا أنها قطعت شوطا كبيرا في التفاهمات حول الأجندة والقضايا المطروحة".

واعتبر بابكر لقاء القائدين بمثابة "مرحلة نهائية"، مشيرا إلى أنه "لا خيار أمامهما في النهاية سوى الجلوس معا بأي صيغة كانت، بعد تعذر الحل العسكري وانتصار أحدهما على الآخر، رغم تقدم قوات الدعم السريع ميدانيا".

وأردف: "الخسائر بين الطرفين في هذه الحرب كبيرة جدا، إضافة إلى خسائر الوطن والمواطنين، وهذا يمثل دافعا قويا لهما للجلوس مع بعضهما".

وتابع: "إذا كان الجيش السوداني قد خسر عسكريا في عدة معارك، فإن الدعم السريع خسر الكثير أخلاقيا وسياسيا، حيث كان يعد نفسه للعب دور سياسي في المستقبل".

ويرى بابكر أن "البرهان وحميدتي لا علاقة لهما بأسباب تأجيل اللقاء، ولكن السبب يعود إلى ترتيبات جيبوتي وإيغاد وتقاطعات جداول الوسطاء والمراقبين من الدول المرتبطة بالتفاوض".

وقال إن "ذلك يبدو واضحا من تحديد موعد قريب جدا من الموعد المضروب سابقا".

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أسفر "اجتماع جدة" عن إقرار التزامات على طرفي النزاع في السودان، أبرزها إنشاء آلية تواصل بين قيادتي الجيش و"الدعم السريع" والانخراط في آلية إنسانية وتحديد جهات اتصال لتسهيل مرور وعبور العاملين في المجال الإنساني والمساعدات.

وكانت المفاوضات السابقة بين ممثلي الجيش و"الدعم السريع" في جدة أسفرت في مايو/ أيار 2023 عن أول اتفاق بينهما حمل اسم "إعلان جدة"، وشمل التزامات إنسانية وشروط حاكمة تطبق فورًا، قبل أن تعلق المحادثات في يونيو/ حزيران الفائت بسبب "الانتهاكات الجسيمة والمتكررة" لوقف إطلاق النار.








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي