نساء تحت القصف

2023-11-30

لحسن ملواني

امرأة

أيقظها الانفجار.. وجدت نفسها تحتضن ابنتها.. فكرت في أطفالها الآخرين هرولت توا وحين كانت تحاول فتح باب غرفتهم، جاءها انفجار ثان حوَّل البيت إلى أنقاض.. لسوء حظها أنها لم تمت.. كانت جاثمة فوق الركام وقد أقبرت وجهها الشاحب المغبر المحروق بين كفيها.. وحين همَمْت على الكتابة عن حالها لم أجد من اللفظ ما أستطيع به التعبير، كانت حالة المسكينة المظلومة المشردة أكبر من ألف قصيدة وخاطرة.

امرأة

مذهولة تسير في كل الاتجاهات.. بيدها طفل مرتعد كطائر مبلل، تحتاط وهي تبحث بين الوجوه المخضبة بدماء الاستشهاد، وحين لم تجد ضالتها جلست تذرف الدموع وترفع شكواها إلى الله، في قلبها يقين جازم مفاده أن المظلوم منتصر طال الزمان أو قصر وتلك سنة الله في الكون. ألقمت ابنتها الثدي الذي لم يبخل على الرضيعة حتى في أعصب اللحظات.. وبعد تأملها زغردت زغرودة دوت في كل الأرجاء.. بَعْدها ارتجلت أغنية لن ينساها أي شعب يعاني الاضطهاد.

امرأة

حين غادرت أحلامها التي لم تخل من كوابيس غريبة وجدت أنها فقدت أربعة من بناتها الصغيرات.. أرادت أن تصرخ فتذكرت أن كل الجيران تحت الأنقاض.. كتمت دموعها، ونفضت الغبار عن خديها وجلبابها.. جمعت بقية أطفالها وهامت بهم غريبة تبحث عن مأوى، وكأن غزة ليست مسقط رأسها.

امرأة

وجدت نفسها في العراء مغبرة الوجه والثياب وحين حدقت في ثدييها تذكرت طفلتها الرضيعة، فانخرطت في نحيب وأنين.. وحين أغشي عليها لم تستفق بعد.. لم تمت تحت الأنقاض.. ماتت فوق الأنقاض لتمكن العدسات من تخليد صور الفظاعات بكل وضوح.

كاتب مغربي








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي